تحقيقات وتقارير

ارتفاع عدد الضحايا في هجوم مستري.. ناشطون ينادون  إلى تغيير المفاهيم والسلوك وتقبل الآخر

ارتفع عدد ضحايا أحداث منطقة مستري بمحلية بيضة بولاية غرب دارفور إلى أكثر من 82 قتيلاً وأكثر من 68 جريحاً، وذلك وفقاً لمصادر محلية، ومن بين الضحايا عدد 6 من قوات الشرطة وإصابة واحد منهم، وتفيد أنباء بوقوع ضحايا بين قوات الجيش وإصابة نقيب وملازم أول، وأجلت السلطات الجرحى إلى حاضرة ولاية غرب دارفور الجنينة لتلقي العلاج، بينما تؤكد مصادر مطلعة تزايد عدد الضحايا بصورة مستمرة، نسبة لوجود حالات خطرة بين الجرحي، وقد حدثت موجات جديدة من النزوح واللجو نحو مدينة الجنينة ونحو دولة تشاد المجاورة للولاية، ويناشد ناشطون الحكومة والمنظمات الانسانية بضرورة تقديم العون لضحايا النزاع وتوفير الدواء والكساء والمأوى لهم، خاصة وأنهم يواجهون فصل الخريف وقد احترقت منازلهم وفقدوا ممتلكاتهم.

 

• “الجريدة” تحدثت إلى عدد من الفاعلين المحليين والناشطين في مجتمع ولاية غرب دارفور واستطلعت رأيهم حول طبيعة الصراع وآفاق إحلال السلام بين المكونات المختلفة، وناشد الناشطون عبر الجريدة الجهات الفاعلة في الحكومة والقوى السياسية المختلفة بالإسراع في تحقيق السلام الشامل وفرض هيبة الدولة وتحقيق العدالة وتوفير الأمن وحماية المواطنين.

• وشهدت مستري أمس دفن لضحايا الحادث المؤسف، حيث قال أخ القتيل سليمان خميس أبكر إنهم قاموا بدفن عدد 62 من ضحايا الحادث، وأن الوضع حتى الآن غير مستتب، وأن عدد القتلى متزايد، ولقى شقيق سليمان، العريف شرطة جمعة خميس أبكر مصرعه ضمن آخرين من مركز شرطة مستري بواسطة سلاح أحد القناصة، ويقول سليمان أن القناص ارتكز في أعلى شجرة وقتل ستة من قوات الشرطة، ولو لم يتم ضربه لقضى على كل قوات الشرطة، وعدد كبير من المواطنين، ويؤكد سليمان لـ”الجريدة” أن المنطقة تم حرق جزء كبير منها وتم نهبها قبل أن تتدخل قوة مشتركة لتضع حداً للاشتباك المستمر منذ السابعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً.

 

• يؤكد أحمد النيل كيوك رئيس تحالف شباب الهامش والقوى المدنية الحديثة في حديث لـ”الجريدة” أن التحالف رصد عدد كبير من الضحايا ولا يزال يتابع تطور الأحداث في وحدة مستري، حيث ضمت القائمة التي بين يدي التحالف عدد 68 من الضحايا بخلاف الضحايا من الشرطة والقوات النظامية الأخرى، ويقول كيوك إنهم يسعون لبناء سودان جديد، تحفظ فيه حقوق كل الناس، وينادون بضرورة تحقيق السلام لتكتمل شعارات الثورة بالعدالة التي ستتحقق ضمن مطلوبات السلام، وقال أحمد النيل إن مناطق الهامش تم تهميشها بشكل متعمد من الحكومة السابقة، وتم تسليح مجموعات لتقضي على مجموعات أخرى، هذا مان يحدث سابقاً بخلاف حكومة اليوم، ويضيف كيوك إنهم يعملون لتلتئم الجراح، وذلك بالعمل مع الشباب، لأنهم روح الثورة وعماد المستقبل، ويضيف كيوك إنهم يريدون أن يعيشون مثل شعوب العالم الأخرى التي نهضت.

• وعن دورهم في تحالف شباب الهامش يقول النيل كيوك إنهم كونوا التحالف من كل مناطق الهامش، بما فيها الشمال والشرق، وإن دورهم هو توعية الناس بمضامين الثورة وأهمية التعايش السلمي، ومناهضة النزاعات المسلحة وإزالة الغبن، والمطالبة بمحاكمة المجرمين، ويعملون على توعية المجتمع عبر الورش التدريبية، ويضيف كيوك إنهم يدعون لحوار شبابي شبابي في مناطق الهامش، مؤكداً أن صراع الهامش سيؤثر على كل السودان، وأنه لابد من نهاية للحروب.

 

• وفي رسالته للمجتمع يقول كيوك : ” إن السلاح الذي ينتشر وسط الناس، كان الهدف منه قتل بعضكم البعض، من قبل النظام البائد، والآن لا توجد حكومة ترعى جهة محددة لقتل الجهة الأخرى، وعليكم أن تفكروا في كيفية العيش مع بعضكم البعض، وكيفية تقبل الآخر، لأن الحكومة لا تستطيع توفير الحماية لكل شخص، فالمجتمع هو من يحمي بعضه البعض بالتعايش السلمي، وعليكم نبذ القبلية ولو كان المجتمع مقسم بالقبائل لما نجحت الثورة، ولابد من تناسي الجراح” وفي رسالته للحكومة يقول رئيس تحالف شباب الهامش والقوى المدنية الحديثة أن على الدولة فرض هيبتها وأن تنزع السلاح ليكون محصوراً في القوات النظامية فقط، وأن على الحكومة أن تفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لتوعية الناس وترسيخ السلام الاجتماعي.

 

• ويقول مسعود محمد يوسف الناشط الاجتماعي والقيادي في تنسيقية الرحل أن مشاكل المجتمع في غرب دارفور قديمة ومتجددة، ويضيف في تصريح لـ”الجريدة” إنه بعد سقوط النظام لم يحدث التغيير المنشود، وأن الذي حدث ليس تغييراً في السلوك والسياسات، بل ظلت المشاجرات مستمرة بين المكونات المحلية بالولاية، ويؤكد مسعود أنه طوال فترة الصراع منذ 2003 لم تشهد مدينة الجنينة أحداث قتال، لكن وبكل أسف بعد سقوط النظام، شهدت مدينة الجنينة أحداث عنف متكررة، ويضيف مسعود أن هناك شعارات سلبية برزت مع التغيير، مثل ” طرد المستوطنين الجدد، والجنجويد، والحواكير، وأن العرب لا وجود لهم في دار مساليت” ويرى مسعود أن بعض الناس بالنسبة إليهم التغيير تغيير قبائل ومكونات، وأنه مؤخراً ظهرت لغة متطرفة في الخطب الدينية والمجتمعية لزعماء إدارة أهلية ورجال دين، يطالبون بارجاع الناس وطردهم، وأنه لا وجود للمستوطنين الجدد، بالرغم من أن التعايش بين العرب والمساليت راسخ منذ ما قبل دخول الفرنسيين، ويقول مسعود بأن العرب والمساليت اتفقوا وقاتلوا الفرنسيين مع بعض، وطردوهم في معركة درودي وقلاني وجرجيل وكرندينق، وقد شهدت هذه المعارك استشهاد قيادات وعقداء من العرب، وأن العرب والمساليت متصاهرين منذ وقت طويل، وخير مثال لذلك، أن السيدة حرم مادبو والدة السلطان الحالي_السلطان سعد عبدالرحمن_ هي أخت الناظر إبراهيم مادبو، ناظر الرزيقات.

 

• ويمضي مسعود محمد في حديث الصراحة والمكاشفة، ويقول لـ”الجريدة” متهماً أبناء المساليت في حركات الكفاح المسلح، من منصور أرباب وخميس أبكر، وحتى عبدالعزيز الحلو، بأن لديهم تأثير كبير في الأحداث، وأنهم لم يستوعبوا في المفاوضات الجارية حالياً، وبحسب مسعود، فإنهم حاولوا تحريك الأحداث لإثبات أن لديهم قواعد ومن ثم يدخلوا المفاوضات ويشاركوا في السلام القادم، ويدلل مسعود على حديثه بأن مخاطبات للحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو أقيمت داخل معسكرات اللاجئين، وأن هذه المخاطبات هي تعبوية، وأن هناك خطبة مشهورة قبيل أحداث كرينديق الأولى في 25 ديسمبر 2019 أعقبتها مباشرة أحداث كريندينق، ويرى مسعود أن الخطبة ساهمت في تأجيج الصراع ، وانتقل بعدها الصراع إلى معسكر أبو ذر، واستمرت من بعد ذلك الأحداث حتى وصلت مستري وإلى داخل الجنينة.

 

• يقول مسعود بأنهم قدموا مذكرة لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ونائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، ووزير العدل، وطالبوا بضرورة الإسراع في تحقيق السلام وإشراك قيادات الحركات من غرب دارفور، وطالبنا حمدوك بتوجيه الحرية والتغيير في الولاية للعمل على تغيير الخطاب العنصري.

 

• ويكشف مسعود عن صورة سيئة للأوضاع في ولاية غرب دارفور، ويقول بأن المجتمع أصبح معزول عن بعضه البعض، ومنقسم، وأن الحكومة لم تستطع إلجام المجرمين، وأن كل فرد ينتمي لمجموعة محددة معرض للقتل إذا تواجد في أماكن المجوعة الأخرى، ونوه إلى أن تركيبة القوات النظامية مختلة، الشرطة من جهة والدعم السريع من جهة ، وأنهم في تنسيقية الرحل رسالتهم بأن تؤخذ الحقوق بالقانون، لكنهم عندما ذهبوا للمشاركة في اعتصام مستري طردوا منه بحجة أنهم جنجويد ومستوطنون جدد.

 

• ويعدد مسعود المبادرات التي قاموا بها لدعم التعايش السلمي، خاصة موكب التعايش السلمي والمصالحات ودعم السلام، وبالإضافة إلى مشاركتهم مع الإدارات الأهلية لإنجاح الموسم الزراعي، وقد نجحت في جعل المزارعين يزرعون المنطقة الشرقية والشمالية للجنينة.

 

• وبسبب الأوضاع القاتمة على الأرض، لم تستطع المبادرات الاجتماعية العمل على أرض الواقع، حيث تشهد المدينة قفل للسوق وتتريس للشوارع من جنوب المدينة وحتى شرقها، وأن التواصل الآن أصبح صعباً للغاية، حتى المستشفى الحكومي لا تستطيع كل المجموعات السكانية الوصول إليه، فلو ذهب أحد الناس من طرف ما، يمكن أن يتعرض للقتل من قبل الآخرين.

 

• وينتشر السلاح بصورة كثيفة بين المواطنين، ويكشف مسعود عن الجهة التي يأتي منها السلاح، حيث يرى أن السلاح يأتي من دولة تشاد وأفريقيا الوسطى ومن أفراد الحركات المسلحة ومن ليبيا كذلك، وأن أنواع السلاح الذي تستخدمه الأطراف في الصراع، من الكلاش والقرنيت والهاون والدوشكا والرشاش والقناصات، ويشير إلى استخدام القرنيت في أحداث حي الجبل الأخيرة، حيث استخدم في ثلاث منازل وأصيب جراء ذلك عدد من المواطنين، وأن المواطنين الآن أصبحوا يخشون المناسبات العامة بسبب انتشار قنابل القرنيت.

 

• ويرى الناشط السياسي كمال الزين أن الأوضاع في غرب دارفور غير مطمئنة، وأن هناك قوة مسلحة ذهبت أمس لمكان الأحداث، لكنه يؤكد أن الخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، ويكشف عن حركة نزوح جديدة لمدينة الجنينة وحركة لجوء لدولة تشاد، ويضيف الزين لـ”الجريدة” أن هناك نقصاً في الماء والدواء والأكل، وأن ظروف الخريف تجعل من أوضاع الناجين أصعب بسبب احتراق منازلهم، ويناشد كمال الزين كل المجتمع للتحلي بالمسؤولية والصبر والوقوف مع الناجين من الإبادة الجماعية، ويصر الزين على وصف ما حدث بالإبادة الجماعية، لأن كل مقومات الإبادة الجماعية تنطبق على ما جرى في مستري.

 

• وطالب الزين السلطات القيام بدورها في حماية الضحايا ويحملها المسؤولية، محذراً من ارتكاب انتهاكات جديدة تسعى لها بعض الجهات، وبالإضافة إلى المجتمع المحلي يناشد الزين المنظمات الإنسانية والحقوقية لتقديم العون الإنساني للنازحين، خاصة في الجوانب الصحية.

• ويكشف كمال الزين عن مبادرات من الشباب في الجنينة في إطار التعايش السلمي والسلم الاجتماعي، تتحدث عن المستقبل وضرورة التعايش وترتيب الأوضاع لاستتباب الأمن، بالاضافة إلى سعيهم لتحليل الصراع وايجاد حلول جذرية.

 

• ويرى محمد صالح كبرو، نائب المدير التنفيذي لمركز درء النزاعات والمصالحة والتنمية أن الحلول التقليدية التي تطرحها الإدارة الأهلية غير مجدية، ويدعو إلى تبني رؤية شبابية من طرفي النزاع والجلوس مع بعضهم البعض وإدارة حوار شفاف تحت أفق ثورة ديسمبر المجيدة التي فتحت أفق جديد للوعي، وعلى شباب المنطقة الضغط على الفاعلين التقليديين وإبعاد المتطرفين ومروجي الفتن، ويدعو كبرو إلى العودة إلى المبادرة التي تم طرحها العام الماضي لتقسيم المزارع بين المكونات المحلية، لأنها تحسم الصراع حول الأراضي وكذلك تفعيل الدور الأمني والرقابي للحكومة والقيام بدورها في تطبيق القانون، وعزل المجرمين عن مكوناتهم القبلية خاصة وأنهم قلة ولا يعبرون عن المجتمع.

   حافظ كبير

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى