تحقيقات وتقارير

عقوبات رادعة من الثروة الحيوانية ضد القضارف.. وإضراب عام للقطاع يلوح في الأفق

 

تصاعدت قضية الأطباء البيطريين بولاية القضارف لتصل لحدود حرجة بعد العقوبات الرادعة التي استصدرتها وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية ضد الولاية بسبب القرارات الإدارية غير المدروسة والمتعلقة بكشف تنقلات تعسفي وغير مهني، فضلاً عن تسكين مدراء إدارات في غير مكان اختصاصهم بالإضافة لاستمرار ذات الشخصيات المنتمية للعهد البائد في مفاصل إدارية هامة، تمثل في مجملها هزيمة لقطاع الثروة الحيوانية الذي يقوم بأعبائه الآن من هم خارج اختصاصه.

(1)
وتسببت قرارات استصدرتها مدير عام وزارة الإنتاج بالقضارف نفيسة نوح في أوضاع كارثية لقطاع الثروة الحيوانية، حيث قامت بإصدار كشف تنقلات تعسفي وغير مهني لم يراع لتسكين الكوادر المؤهلة، فيما اعتبره الأطباء البيطريين بأنه لم يختار التوقيت الملائم خاصة مع تقارير الأداء لنهاية العام، فيما قامت نوح بتعيين كادر مساعد ببلدية القضارف لإدارة الثروة الحيوانية “إنتاج حيواني” الشيء الذي اعتبره الأطباء خطأ لا يتوافق مع قوانين المجلس البيطري، فضلاً عن ما سيترتب عليه بخصوص صحة الحيوان والإنسان معا باعتبار أن تخصص الإنتاج الحيواني غير معني بقطاع الثروة الحيوانية، وتبعا لذلك فإن وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية لم تقف موقف المتفرج، حيث قامت بإرسال خطاب لوالي القضارف تطالب فيه بتعيين إدارة عامة للثروة الحيوانية والسمكية والمراعي بولاية القضارف تتبع مباشرة للوالي وتقوم مقام العمل الفني والصحي العلاجي، لكن الولاية لم تستجب.
(2)
وفي ظل ذلك الوضع غير المستقر لقطاع الثروة الحيوانية، وبعد التعنت الكبير الذي أظهرته مدير عام الإنتاج، وعدم رضوخها لقرارات وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية، المتسقة مع قوانين تنظيم مهنة البيطرة والمتعلقة في المقام الأول بصحة الحيوان، أوقفت الوزارة الاتحادية الدعم الفني واللوجستي لولاية القضارف بسبب تلك القرارات الإدارية غير المدروسة، وكشفت مصادر عليمة لـ(اليوم التالي) أن وزارة الثروة الحيوانية أوقفت انسياب “فاكسينات” تطعيم الحيوان للقضارف، فضلا عن إيقاف الدعم الفني لمشروع المساعدات اللوجستية، وإيقاف حقوق الولاية في مشروع موجه لخمسة ولايات بقيمة تسعة مليون دولار، وهي خسارات فادحة لقطاع الثروة الحيوانية وصحة الحيوان والإنسان معا، فحسب خبراء فإن ذلك الإيقاف لديه توابع خطيرة وكارثية على صحة الحيوان، وربما يؤدي لشلل وسط قطاع الماشية بالذات وبقية الثروة الحيوانية.
(4)
وقالت المصادر إن وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية اشترطت تنفيذ مطالب الأطباء البيطريين بتسكين كوادر البيطرة في مواقع “صحة الحيوان” والإدارات العامة المتعلقة بالحيوان، فضلا عن إعفاء مدراء المحليات من مواقعهم في إدارات الإنتاج لصالح أطباء بيطريين، وقالت المصادر إن الوزارة الاتحادية ترى أن صحة الحيوان هي مسؤولية البياطرة وليس خريجي الإنتاج الحيواني، وأن التدخلات الفنية لتقصي الوضع الصحي من صميم عمل الطبيب البيطري، ورأت أن صرف أي دعم فني دون وجود أطباء بيطريين على رأس الإدارات العامة إهدار للموارد، وتناقض للمصلحة العامة، وأوقفت الوزارة الاتحادية لجان تفتيش وتقصي الأوضاع في القضارف لذات الأسباب، وطالبت الولاية بتنفيذ المطالب المتسقة مع قوانين المجلس البيطري ومنظمة (OIE).
(5)
ورغم أن الأطباء البيطريين تقدموا بمطالبهم منذ شهر أغسطس الماضي وقدموا تحذيرات للجهات الحكومية المختصة بضرورة “تصحيح مسار” قطاع الثروة الحيوانية، باعتبارهم مهمومين بهذا القطاع، ومن صلب مسؤولياتهم الأخلاقية والإدارية، وللمحافظة عليه من التدهور، إلا أن حكومة ولاية القضارف ظلت متعنتة إزاء تلك المطالب المشروعة والعادلة، والتي تمثل أقصى درجات الانحياز للمصلحة العامة، ليتمخض عن ذلك التجاهل قرار وزارة الثروة الحيوانية المتعلق بإيقاف كل المساعدات الفنية التي تقدمها الوزارة للولاية، إذ أن الوزارة الاتحادية ترى في وضع كل تلك المتعلقات في أيد غير آمنة باعتبار أن الأمر يتعلق بالتخصص والمنهجية والعلمية.
(6)
وتتبدى الكارثة في أن إيقاف المساعدات والأمصال المتعلقة بصحة الحيوان سيكون له انعكاسات خطيرة تتحمل مسؤوليتها حكومة ولاية القضارف ممثلة في الوالي ووزارة الإنتاج، وتكون الضحية إزاء أخطائها وقراراتها الإدارية غير الصحيحة حيوان مريض وتوقف للإنتاج الحيواني، فضلا عن انعكاس ذلك على صحة المواطن والإنسان، فالمعلوم أن الثروة الحيوانية هي مصدر الغذاء الرئيسي بالنسبة للمواطنين في ولاية مثل القضارف، كما أنها مصدر للدخل القومي للولاية من خلال منافذ الصادر للماشية، ويعني استمرار الوضع أيضا بصورته تلك وعدم تنفيذ مطالب الأطباء البيطريين الدخول في إضراب عام هذه المرة سيمثل خطرا ماحقا على القطاع، وربما تفقد فيه الولاية بسبب قرارات إدارية غير صحيحة إيرادات ضخمة من ميزانيتها، فضلا عن المواجهة المنتظرة مع المواطنين حيث أن إيقاف الذبيح اليومي في مسلخ القضارف والذي سيشمله الإضراب سيتأثر به المواطنون، فضلا عن كونه سيفتح الباب أمام الذبيح “الكيري” وهو معروف بكونه عنصرا هاما لنقل الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان وغير خاضع للقرار الفني بالذبيح من قبل البياطرة.

 

تقرير – مهند عبادي

الخرطوم: (صحيفة اليوم التالي)

 

 

 

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى