عبداللطيف البوني

عبداللطيف البوني يكتب: سستة للوثيقة الدستورية

(1 )
الوثيقة الدستورية 2019 هي الدستور الذي يحكم الفترة الانتقالية الحالية في السودان، والدستور كما هو معلوم للجميع هو القانون الأعلى الذي تتفرع منه كل القوانين الأخرى لذلك لابد من ان يكون هناك إجماع عليه وإحكام لبنوده. والأجماع على الدستور ليس أمرا مستحيلا لأن مواد الدستور ينبغي ان تكون عبارة عن قيم يمكن الاتفاق عليها، قد يحدث الاختلاف على القوانين المتفرعة من الدستور، ولكن وثقيتنا الدستورية الحالية يمكن وصفها سيئة الحظ لأنه أريد لها ان تحكم فترة انتقالية طويلة الأمد كثيرة المهام، فالأصل في الفترات الانتقالية ان تكون قصيرة الأمد قليلة المهام تحكمها حكومة تصريف أعمال ولكن (الجماعة ) أرادوها فترة تأسيسية كما قال السيد وزير العدل وليس فترة انتقالية تنقل البلاد من حكم الى آخر.
فالفترة التأسيسية تحتاج الى دستور كامل الدسم، والدستور كامل الدسم له طرائقه المتعارف عليها.

(2 )
الوثيقة الدستورية منذ يومها الأول صاحبها جدل كثيف وعدلت كذا مرة في ذلك اليوم لا بل في الساعة سبقت التوقيع عليها لتلافي بعض الأخطاء الفادحة ووصل الأمر ان هناك مادة تسللت الى متنها بعد التوقيع لتلافي خطأ جسيم، فكان الناس أمام وثيقتين في يوم التوقيع وفي النهاية(مشطت بقملها) . عندما اتجهت الحكومة نحو السلام، وكان مطلب الطرف الآخر تمديد الفترة الانتقالية، قيل لهم ما في مشكلة نفتح الوثيقة الدستورية ونمد الفترة ولكن عندما تم التوقيع على اتفاقية سلام جوبا وكان لمعظم قوى الحرية والتغيير رأي في بنود الاتفاقية تحصنوا بالنص الإجرائي الذي يقول ان الوثيقة يجب ألا تعدل إلا بواسطة المجلس التشريعي المعين والحال هكذا وضعت اتفاقية سلام جوبا أمام المجلسين السيادة والوزراء لأنه الجهة التشريعية في حالة غياب المجلس التشريعي، فتمت إجازة الاتفاقية بدون اي تعديل لا بل هناك نص يقول انه اذا حدث تعارض بين اي نص من نصوص الاتفاقية والوثيقة الدستورية يسري نص اتفاقية السلام، بهذا أصبحت اتفاقية السلام من ناحية دستورية أعلى من الوثيقة الدستورية.

(3 )
في الطريق الآن اتفاقية التطبيع مع إسرائيل فهي ليست عملا تنفيذيا عاديا يجيزه مجلس الوزراء لأن هناك نصوصا قانونية تجرم التعامل مع إسرائيل وهذا يتطلب تشريعا دستوريا . قال الرافضون للتطبيع مع إسرائيل ان الوثيقة الدستورية لن تفتح ويجب ان يجيز التطبيع المجلس التشريعي القادم، ولكن نسوا ما حدث لاتفاقية السلام إذ يمكن للمجلسين ان يجيزا اتفاقية التطبيع في اجتماع مشترك لا بل ومع الإجازة يضعون نصا يقول اذا حدث أي تعارض بين اي نص في اتفاقية التطبيع والوثيقة الدستورية يقدم نص اتفاقية التطبيع وهكذا سوف نجد أنفسنا أمام وثائق دستورية متعددة تحاصر الوثيقة الدستورية وتضعها في ركن قصي وبعيدة عن الحكم، فالمجلس التشريعي (بين الرية والترية) نسبة للتعقيدات السياسية الماثلة لا بل أتكهن بان تظهر قريبا جدا متغيرات سياسية تتطلب تشريعات دستورية وسوف تعامل نفس معاملة اتفاقية سلام جوبا والتطبيع مع إسرائيل فامسكوا الخشب وهذا هو قدر الوثيقة الدستورية سيئة الحظ فإما تفتح كل مرة لدرجة المطالبة بعمل سستة لها حتى لا تتمزق أو تردم فوقها تشريعات دستورية تكتم نفسها كما هو حادث الآن.
لقد كان الأوفق ان يسمح للمجلسين فتح الوثيقة متى ما اقتضى الأمر لأن النوازل السياسية لن تتوقف، فالسستة كانت أرحم.

 

 

 

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى