تحقيقات وتقارير

حصاد مواكب (الأضداد).. بكرة أحلى

تنفس الجميع الصعداء، بعد أن مضت الذكرى الثانية لثورة ديسمبر المجيدة بـ”أقل الخسائر”، وبكثير من الرضا عن حرية التجمّع والتنظيم التي صينت، وفق الوثيقة الدستورية التي كفلت الحق في التجمع السلمي، “ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين”.
خرج الناس في ذكري 19 ديسمبر تحت لافتات شتّى، أوسطها “استرداد الثورة”، وإعادة ضبط بوصلتها تجاه الحرية والسلام والعدالة. لكن منظمة “أسر شهداء الثورة”، استبقت مواكب ذكرى الثورة، بأن طالبت بإسقاط النظام ككل، لأن “تحالفات سياسية جديدة، خانت الثورة ودماء الشهداء”.
وفيما طالب تجمّع المهنيين، بـ “تعزيز مدنية السلطة الانتقالية ووضع المعالجات اللازمة لفك الضائقة الاقتصادية”، أكد الحزب الشيوعي على “تصحيح مسار الثورة بعد محاولات اختطافها من قبل قوى الهبوط الناعم، وتحالفاتها المشبوهة إقليمياً ودولياً، والمتربصين من فلول النظام البائد المساندين للانقلاب المفضوح وتعطيل الثورة وإعادة إنتاج الأزمة مرة أخرى”.

تحديات البرهان وحمدوك

قال رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في ذكرى الثورة، إن القوات المسلحة تجدد العهد في الذكرى الثانية للثورة، بأن تظل الضامن والحامي للثورة ومكتسباتها.
وتعهد رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك في الذكرى الثانية لثورة ديسمبر، بـ “حث الخطى للوفاء بمطلوبات الثورة وبذل ما في وسعه لتجاوز التحديات”. وكتب منشوراً على حسابه بفيس بوك، قال فيه: “إن شعبنا حقق أعظم الثورات في سبيل الحرية، والرفاه، والاستقرار، والديمقراطية”. لكن الحزب الشيوعي انتقد سفر رئيس الوزراء لدولة جيبوتي في ذكرى الثورة. وقال القيادي بالحزب كمال كرار، “إن الزيارة في هذا التوقيت، تدل على عدم اهتمامه بالثورة وفرحه بها”.
وغادر حمدوك إلى جيبوتي ليرأس قمة الإيقاد الاستثنائية التي ناقش العديد من القضايا وعاد منها الإثنين.

الثورة.. جرد حساب السنة الثانية

ويعتقد عضو المجلس السيادي، محمد الفكي سليمان: “أن الحكومة الانتقالية أثبتت قدرتها على إدارة وجهات النظر السياسية المتباينة بـ “حكمة كبيرة جعلت الشركاء يجتازون كل المطبات دون تعريض الفترة الانتقالية لاهتزازات من شأنها الإطاحة بها”.
واعتبر الفكي في حديثه لـ (حكايات) عن جرد حساب السنة الثورية الثانية التي تمر على البلاد، اعتبر أن حكومة الشراكة “أحرزت تقدماً ملحوظاً في بعض الملفات”. أبرز منها: رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب “ما يؤهلنا العودة للمجتمع الدولي والاستفادة من شبكة الأموال الدولية التي سيكون لها الأثر المباشر على الأداء الاقتصادي للحكومة”.

محمد الفكي: الحكمة جعلت الشركاء يجتازون كل المطبات

وعدّ الفكي تحسين الاقتصاد، “المطلب الأبرز لثوار ديسمبر وفق ما هو مثبت في الوثيقة الدستورية”.
وتطالب الوثيقة الدستورية في الفقرة الرابعة من (مهام الفترة الانتقالية) شركاء الحُكم: “معالجة الأزمة الاقتصادية بإيقاف التدهور الاقتصادي والعمل على إرساء أسس التنمية المستدامة، بتطبيق برنامج اقتصادي واجتماعي ومالي وإنساني عاجل، لمواجهة التحديات الراهنة”.
ورأى عضو المجلس السيادي محمد الفكي، عودة الجبهة الثورية والتحاقها بحكومة الشركاء “تقدماً كبيراً في ملف السلام”. ولفت إلى ما وصفه بـ “الجهد الكبير للجنة التفكيك التي أصدرت ما يفوق (400) قرار لتصفية تمكين النظام البائد”. منوهاً إلى شيوع الحريات العامة “الذي يعد انتصاراً كبيراً للسودانيين”.
واستدرك الفكي، وهو يستعرض جرد حساب الذكرى الثانية لثورة ديسمبر بالقول: “هناك ملفات تأخر العمل في إكمالها، مثل إصلاح الأجهزة الأمنية وإصلاح المنظومتين العدلية والمدنية ومحاكمة رموز النظام السابق، وسنسرع في إنجازها الفترة المقبلة”.

الثورة.. نتاج عمل جماعي

وفي سياق الثناء على الثورة، قال الناطق باسم حزب المؤتمر السوداني نور الدين بابكر لـ (حكايات)، إن ديسمبر المجيدة “جاءت نتاج عقل وعمل جماعي لكل أبناء وبنات السودان”. وأضاف: “لا شك أن الثورة بعد مرور عامين على اندلاعها، ما زالت تمر بمخاض عسير، لأن التركة الموروثة فوق التصورات”.
ورأى نور الدين، أن سقف الآمال الكبير لم يكن واقعياً في بعض وجوهها، ما شكّل تحدياً كبيراً، تأرجح بين الحلم والإحباط. وقال: “مراحل الانتقال دائماً ما تمر بالصعود والهبوط. هناك اشراقات مثل السلام والحريات، وحذف السودان من قائمة الإرهاب. وهناك إخفاقات في الاقتصاد المتعثر”.
وبرّر نور الدين بابكر، تطاول أمد التعثر الاقتصادي، إلى “عدم الاتفاق على مدرسة اقتصادية ناجعة تلائم ظروف السودان، مع تردد الحكومة في اتخاذ قرارات تصحيحية ناجزة وحاسمة في الوقت المناسب”.
وختم الناطق باسم حزب المؤتمر السوداني جرده لحساب الذكرى الثانية لديسمبر بالقول: “لا اعتقد أن الثورة انحرفت عن مسارها. لأن الفرصة مواتية لتقوّم نفسها بالتجربة والاجتهاد، وبدعم وتقويم الثوّار الذين يشكلّون حصناً منيعاً ضد انحرافها وانتكاسها”.

الثورة.. هؤلاء (..) “فارقوا دربها”

من جهته، بدأ نائب رئيس التحالف السوداني، محمد فاروق، أكثر حدّة وهو يصف من يتصدرّون مشهد الثورة بأنهم “فارقوا دربها”.
وقال فاروق لـ (حكايات): “انحرفوا بمسارها حتى باتت عودتهم عسيرة”.

محمد فاروق: من يتصدرّون مشهد الثورة “فارقوا دربها”

وأضاف: “الآن، هم من يشكلون تهديداً للثورة أكثر من فزّاعة العسكر والدولة العميقة. قوانا السياسية والمدنية بحاجة إلى تغيير حقيقي وانتفاضة داخلها لتكون جزءاً من المستقبل لا من متروكات الماضي”.

الثورة.. محروسة بالملايين

لكنّ القيادي بقوى الحرية والتغيير ساطع الحاج، كمن يرد على محمد فاروق، قال لـ(حكايات)، “لا نستطيع القول بأن ثورة ديسمبر انحرفت عن مسارها. هي محروسة بالملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني”.
وكان الحزب الوحدوي الناصري، قد أقال أمينه العام ساطع الحاج في 13 ديسمبر الجاري “نتيجة لمواقفه السياسية المتعارضة مع القواعد واللوائح الداخلية للحزب”، ورد ساطع عبر (حكايات) بالقول: “بمقدوري أن أصدر قراراً معاكساً بفصل من فصلوني، ولكني لا أريد التعامل بالمثل، لحرصي على وحدة وتماسك حزبنا”.

ساطع الحاج: الثورة لم تنحرف لأنها محروسة بالملايين

وخلص مراقبون، إلى أن مواكب الذكرى الثانية لثورة ديسمبر المجيدة، شهدت تصادماً لأجندة الأطراف التي صنعت الثورة نفسها، خاصة بعد خروج الحزب الشيوعي من التحالف الحاكم ودعوته إلى المواكب، وإن كانت الأجندة كلها توحدت تحت لافتة: “استرداد الثورة من سارقيها”.

من الذي حرق علم الشيوعي؟!

وبلغت ذروة صدام الأجندة، بحرق ثوّار لعلم الحزب الشيوعي، لكنّ كمال كرار قال إن حرق علم الحزب الشيوعي “حاجة عادية” لأن حزبه “تعوّد على هذه التصرفات”، قبل أن يعود ويصفها بـ (المشينة)، ويتهم المكوّن العسكري تارة، وتارة يشير إلى (الكيزان)، ولم ينس أن يشير بالاتهام أيضاً لـ “جماعة الهبوط الناعم” على حد قوله.

كمال كرار: حرق علم الحزب الشيوعي “حاجة عادية”

لكن المتحدثة باسم الحزب الشيوعي آمال الزين، قالت لـ(حكايات)، إن “نشر الفيديو حول الحادثة في هذا التوقيت “محاولة يائسة من القوى المضادة للثورة ومجلسها المرفوض، للفصل بين الحزب والجماهير، وهو فعل ساذج لا ولن يحقق أي هدف”.

ربكة الهدف.. ربكة “شركاء الثورة”

ولم تخل اللافتات التي حملها الثوار، من مطالب بتنحي حمدوك، أو إسقاط كل السُلطة الانتقالية دفعة واحدة، أو إقصاء العسكر وسيادة المدنيّين، أو أي شيء!
وحدها أحزاب التيار الحاكم، من اعتبرت المواكب “مناسبة احتفالية”.
وانسحبت ربكة الهدف من المواكب، في إرباك وكالة السودان للأنباء التي اضطرت للاعتذار لنشرها عبارة أوردتها في سياق تقرير إخباري لها، منسوبة لمتظاهرين، طالبوا فيها “باستبعاد الحزب الشيوعي من المشهد السياسي السوداني”. وقالت (سونا)، إن العبارة “خالفت سياستها التحريرية”. وامتدت ربكة الهدف من المواكب أيضاً، لتشمل تلفزيون الدولة الذي ظهرت الحيرة في تغطيته لذكرى الحدث الأبرز في حياة السودانيين، حين اضطر لقطع تغطيته المباشرة، لتلافي عبارات حارقة تناثرت من المتظاهرين، ورأى التلفزيون أنها قد تحرج أحد أطراف “شركاء الثورة”.

الخرطوم : مشاعر دراج

صحيفة ( حكايات)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى