تحقيقات وتقاريرأبرز العناوين

ما السيناريوهات والخيارات المتاحة؟.. السودان يحدد خريطة الأضرار جراء الملء الثاني لسد النهضة

تتبدى الأضرار الجسيمة على السودان جراء عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي كلما اقترب موعد الملء الثاني في يوليو القادم، وهو ما دفع الخرطوم لوضع سيناريوهات تتحسب للأسوأ.

وفي يوليو 2020، كان الملء الأول بنحو 4.5 مليارات متر مكعب، وبعد نحو 5 أشهر سيكون الملء الثاني بـ13.5 مليار متر مكعب، وبمثل مضاعفة تعبئة السد ستتضاعف المشكلات التي سيعانيها السودان.

 

وعندما فاجأت إثيوبيا دولتي المصب، السودان ومصر، بالملء الأول في غضون أسبوع فقط من دون أن يملك السودان أي بيانات، شكا الأخير من تعطل 7 محطات نيلية لمياه الشرب بالعاصمة الخرطوم، التي يقطنها أكثر من 8 ملايين نسمة، مما تسبب في أزمة مياه خانقة.

 

وبدأت إثيوبيا عام 2011 تشييد سد النهضة في مجرى النيل الأزرق على بعد 20 كيلومترا من حدود السودان لتوليد 6 آلاف ميغاوات، وتبلغ سعة السد المصنف ضمن أكبر السدود بأفريقيا نحو 74 مليار متر مكعب.

 

مياه الشرب

وإلى جانب تضرر محطات مياه الشرب التي اقتصرت العام الفائت على ولاية الخرطوم، فإن وزارة الري والموارد المائية السودانية تتحسب هذا العام لتضرر خدمات مياه الشرب في عدة ولايات.

وتحسبا لأضرار موسم الفيضان السابق، الذي تزامن مع موعد ملء سد النهضة، دعت وزارة الري والموارد المائية المسؤولين عن المشاريع الزراعية وهيئات مياه الشرب بالولايات إلى اجتماع الاثنين لتشرح لهم عدة سيناريوهات، من بينها السيناريو الأسوأ المتمثل في بدء إثيوبيا الملء الثاني للسد من دون اتفاق مسبق وملزم.

ويقول مدير إدارة مياه النيل في وزارة الري بله محمد إن الاجتماع ليس لإثارة الفزع ولكن لشرح التدابير والاحتياطات إذا ملأت إثيوبيا السد من دون اتفاق، التي من بينها ما يجب على هيئات مياه الشرب اتخاذه بتجهيز المستوى الأدنى للنهر عند محطات المياه حال انحسار النيل بشكل غير متوقع.

قائمة الأضرار

ورغم أن المسؤولين السودانيين رفضوا ربط الفيضانات القياسية لنهر النيل وروافده العام الماضي بالملء الأول لسد النهضة، فإن رئيس الجهاز الفني بوزارة الري والموارد المائية مصطفى حسين يؤكد أن ثمة علاقة بين الملء والفيضانات.

اعلان

 

ويقول حسين للجزيرة نت إن إثيوبيا، ومن دون إبلاغ السودان، عمدت في الملء الأول لتعبئة 4.5 مليارات متر مكعب في أسبوع واحد فقط في شهر يوليو/تموز الماضي، بينما كان يمكن ملء الكمية ذاتها في وقت أطول وخلال أغسطس/آب السابق الذي يشهد ذروة الفيضان، وهو ما كان سيقلل من أضرار الفيضان.

 

وشهد السودان العام الماضي فيضانات تعد الأعتى منذ قرن، مما تسبب في تشريد آلاف الأسر، وإتلاف عشرات الآلاف من الأفدنة الزراعية، ونفوق الماشية.

 

ويطلب السودان من إثيوبيا التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة مما يوفر له بيانات بشأن تدفقات المياه بعد السد ليضمن سلامة منشآته على النهر والاستفادة القصوى من المياه.

 

أضرار زراعية

وبحسب مدير الجهاز الفني، فإن توفر البيانات يضمن للسودان التشغيل الآمن لسد الروصيرص الذي يبعد مئة كيلومتر عن سد النهضة، إذ إن السد الترابي الممتد على يمين ويسار السد الخرساني لسد الروصيرص يمكن أن يتعرض لأضرار حال استقبال السد تدفقات مياه كبيرة تعلو السد الترابي.

 

وتمتد أضرار السودان جراء الملء الثاني إلى المشاريع الزراعية المروية عن طريق الخزانات وتلك الصغيرة على ضفاف نهر النيل التي تروى بالمضخات.

 

وطبقا لمدير إدارة مياه النيل بوزارة الري بله محمد، فإن إدارات المشاريع الزراعية يجب عليها أن تحكم التنسيق مع الوزارة خاصة قبل الموسم الزراعي الصيفي لتقليل أضرار الملء الثاني لسد النهضة لأن مساحات هذا العام ستكون أقل من المعهود.

 

ويؤكد رئيس الجهاز الفني أن الوزارة وضعت عدة سيناريوهات للتعامل مع سد النهضة إذا ضنت إثيوبيا بالبيانات الخاصة بالملء الثاني لتلافي الآثار التي ستمتد إلى التوليد الكهربائي في سدود السودان.

 

وتابع “لا نمتلك كل الخيارات لكن ما استعرضناه لمسؤولي محطات المياه والمشاريع الزراعية والكهرباء هو في حدود الممكن لتخفيف الأضرار”.

سيناريو التخزين

ولتلافي شح المياه الذي تبدى في خروج محطات مياه الشرب جراء الانحسار الشديد للنيل قبل أن يثور النيل في فيضانه العاتي السنة الماضية، يقول رئيس الجهاز الفني إن الوزارة ستخزن 900 مليون متر مكعب في خزان الروصيرص كاحتياطي للمشاريع الزراعية خلال الصيف.

 

ويشرح مدير إدارة الخزانات بالوزارة معتصم عوض أن من ضمن السيناريوهات، فيما يلي ملء وتفريغ الخزانات السودانية، تعديل أوقات الملء والتفريغ بمعدل شهر كامل تحسبا لملء سد النهضة.

 

ويوضح عوض أن إدارته اعتادت كل عام فتح بوابات الخزانات في الأول من يوليو/تموز لتصريف المياه المخزنة استعدادا لاستقبال وتخزين مياه النيل في فترة الفيضان، لكنها هذا العام ستفرغ السدود يوم 31 يوليو المقبل.

وبعيدا عن هذه السيناريوهات ذات الطابع الفني التي تحتاط بها وزارة الري السودانية للملء الثاني لسد النهضة من دون اتفاق، تطالب الوزارة بتصعيد التدابير السياسية والدبلوماسية باعتبارها الأجدى عن طريق التوصل لاتفاق خلال الخمسة أشهر القادمة قبل شروع إثيوبيا في الملء الثاني.

 

لعبة الخيارات

ويعيب مسؤول سوداني على مصر وإثيوبيا المبالغة في “الحمولات السياسية” الزائدة في موضوع سد النهضة، مما يجعل التوصل لاتفاق رهين بتوفر الإرادة السياسية لقادة الدول الثلاث بعد وصول المفاوضات الفنية إلى اتفاقات بنسبة 90%.

 

ويرى أنه الممكن الذهاب في مسار قانوني، مثلا عن طريق تقديم شكوى في محكمة العدل الدولية، لكنها تدابير تستهلك زمنا طويلا والسودان يحتاج لحل قبل يوليو المقبل، بحسب المسؤول التابع لوزارة الري.

 

ويكشف المسؤول السوداني للجزيرة نت أن ما حال دون تلاقي وجهات النظر حول سد النهضة أنه منذ بدء التفاوض غلب على الوفد المفاوض المصري رجال المخابرات، وعلى الوفد الإثيوبي القانونيون، وعلى الوفد السوداني الفنيون.

 

وإزاء ذلك، يؤكد المسؤول نفسه أن مصر وإثيوبيا غير منشغلتين بالتوصل لاتفاق قبل الملء الثاني لسد النهضة الذي سيضع حياة ومعاش 20 مليون سوداني على ضفاف نهر النيل ورافده على المحك.

 

ويقول “ثمة مجتمعات ربما تتعرض لفيضانات أو العطش. سيتضرر الناس في الزراعة ومن نقص الكهرباء إذا استمرت إثيوبيا في تغييب معلومات تعبئة السد وتصريف المياه”.

الخرطوم: احمد فضل

الجزيرة نت

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى