تحقيقات وتقارير

اختلاسات النقل النهري.. تفاصيل مرافعة الاتهام

انعقدت بمحكمة جنايات الخرطوم شمال أمس أمام القاضي حامد صالح جلسة في قضية اختلاسات النقل النهري، حيث تلا عضو هيئة الاتهام عبد المنعم سوار الدهب مرافعة الاتهام أمام المحكمة، ومنحت المحكمة فرصة للدفاع للرد على الخطبة في الجلسة القادمة .
ويواجه الاتهام في القضية وزير المالية الأسبق “علي محمود عبد الرسول” ومدير الشركة السودانية للنقل النهري “صلاح الدين إدريس” والأمين العام للحركة الإسلامية ووزير الطاقة و المعادن الأسبق “الزبير محمد الحسن” وآخرون ببيع بواخر من قطاع النقل النهري، الذي تمت خصخصته في وقت سابق.

فتح التحقيق
قال عبد المنعم سوار الدهب للمحكمة إن نيابة مكافحة الفساد، قد فتحت تحقيقاً بشأن بيع أصول النقل النهري إبان عهد الرئيس المعزول عمر البشير، وإسقاط مديونيات البيع عن الشركات المشترية.
وابتدر خطبة الاتهام الافتتاحية بقوله انه وبناء على احكام المادة (139) أ،ب من قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م فأن مثل هذه الدعوى تمثل نموذجا لا مثيل له من الفساد المالي والاداري الذي أهدر المال العام، وتمت مباشرة الاجراءات بواسطة لجنة تحقيق شكلها النائب العام تاج السر الحبر للتحقيق في معاملات شركة عارف الكويتية فيما يتعلق بشركة الخطوط الجوية السودانية (خط هيثرو) والتصرف في اصول النقل النهري، منوهة إلى تغلغل الفساد في حقبة الثلاثين عاما الماضية وبدت علامته في الشعارات الادارية، واصبحت الوظيفة العامة مرتعا لكل متقاعس وفاقد للضمير والاحساس الوطني والانساني ومصدرا للاجور دون انتاج حقيقي حتى اصبح الطريق ممهدا للمتاجرة بالوظيفة دون وجود راع .

تشريد العاملين
اشار سوار الدهب إلى أن اللجنة بذلت جهداً كبيراً للتوصل إلى حقيقة التصرف في اصول النقل النهري وتشريد ما يقل عن 1000عامل (كلات الموانئ، الغبش التعاني) واستجوبت اللجنة في سبيل ذلك على ما يزيد (50) شخصا بمختلف المواقع وحصلت على مستندات وفق خطتها إلى التحقيق والتي شملت اجراءات الاستخصاص وما شابها من فساد إداري ومالي.
أضاف عبد المنعم أن سلسلة الاحداث بدأت في العام 2007م حيث وقعت الحكومة عقد بيع لاصول هيئة النقل النهري بعد عرضها في عطاء فازت به الشركة السودانية للنقل النهري (المتهم الرابع) بعد تقييمه بمبلغ (105) مليون دولار امريكي تدفع (44) مليون دولار امريكى بعد شهر من توقيع العقد و(14) دولار امريكي بعد عام في 5/9/2008م، بالإضافة إلى دفع (14) دولاراً أمريكياً بعد عامين من توقيع العقد ،وأن الشركة المتعاقدة فشلت في الوفاء بالتزامها تجاه الدولة ثم ظلت أجهزة الدولة بما فيها وزارة المالية صامتة صمت القبور حتى كتب المراجع العام تقريره في يوليو من العام 2017م اي بعد عشر سنوات كاملة.
أبان عبد المنعم بانه تبدت أولى مظاهر الاهمال الفاحش الذي يخالف مقتضيات الأمانة بعد استخدام أحكام المادة (8) من قانون التصرف في مرافق القطاع العام لسنة 1990م التي توجب على اللجنة العليا الاستيلاء على المرافق في حالة الفشل في سداد الجهة المتعاقدة.

حل هيئة النقل النهري
أكد عبد المنعم أن هيئة النقل النهري شهدت بين عامي 2005م ـ2006م تأهيلاً باتفاقيات تأهيل بين الهيئة وشركات المانية وهولندية لتأهيل وبناء المواعين النهرية والصنادل والجرارات والأحواض أوقفتها اجراءات الاستخصاص وبالرغم من اعتراض المدراء السابقين للهيئة ومناشداتهم بايقاف إجراءاته فقد أصدر المتهم الاول الزبير أحمد الحسن قراراً بحل الهيئة وعند اعتراض مديرها على القرار اصدر المعزول عمر حسن أحمد البشير قراراً بحل مجلس إدارتها ليس له أسباب سوى حرصهم على ممتلكات الدولة، مبيناً بأنه على الرغم من تأهيل هيئة النقل النهري كمرفق استراتيجي في الدولة وتوصيات اعضاء لجنة تقييم الاصول بعدم الاستخصاص إلا أن الفساد الاداري والمالي اوقعها في مستنقع الاستخصاص فشروها بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيها من الطامعين.

إجراءات البلاغ
أضاف عبد المنعم أن اجراءات هذا البلاغ بدأت في العاشر من يوليو 2017م كتحريات اولية بموجب تقرير المراجع العام توقفت التحريات وظل محضر التحري حبيس الادراج حتى نوفمبر 2019م وكشف التحقيقات أن اصول الهيئة بيعت بثلث القيمة الحقيقية اذ بلغ تقييمها الحقيقي 300 مليون دولار امريكي اذ أن القيمة التي تم بيعها بها (105) مليون دولار امريكي ولم تقم الشركة المتعاقدة بسداد ما عليها من التزامات تجاه الحكومة، بالاضافة إلى قيمة إيجار الاراضي والمباني والموانئ والمراسي والمرافئ لمدة خمسين سنة بواقع (105) مليون دولار سنويا .
وأكد عبد المنعم أنه ثبت من خلال المستندات أن المتهم الثاني علي محمود عبد الرسول قام بإسقاط متأخرات حكومة السودان بموجب خطابه بتاريخ 23نوفمبر 2011م ولم تجد له المراجعة أي سند قانوني امعانا في سوء الادارة وليس ذلك فحسب بل أن التحقيق اسفر عن اصول تم تضمينها في كراسة العطاء .

مجموعة عارف الاستثمارية
قال عبد المنعم بانه اتضح من خلال التحقيق واقوال الشهود والمستندات أن الشركة السودانية للنقل النهري (المتهم الرابع) لم تكن الا واجهة لمجموعة عارف الاستثمارية وليس لها اي رؤية علمية أو مقومات أو مؤهلات لادارة هيئة النقل النهري، ثم تنازلت عن (50)% من اسهمها لمجموعة عارف فور التوقيع على العقد، ثبت إلى اللجنة انها من قام بسداد قيمة الاصول لأنها المستفيد الحقيقي من العقد واكد الشهود أن اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام كانت على علم بأن جهات اجنبية تسعى لامتلاك اصول هيئة النقل النهري والحكومة تمهد ذلك والاستخصاص كان مسرحية تم التخطيط لها بدقة وعناية وأن الهدف الاساسي من شراء الاسهم هو تملك عارف الكويتية لأصول النقل النهري.

وقال عبد المنعم أثناء مواصلة تلاوة الخطبة إن الفساد طال اجراءات العطاءات اذ انها تستلزم من مرفق استراتيجي وحيوي للدولة أن يتم الحصول على كافة المعلومات الفنية والادارية لمعرفة مقدرة الشركة التي تنوي الاستحواذ على اصول النقل النهري أو الدخول كشريك استراتيجي مع الحكومة.
أكد عبد المنعم أن التحريات أسفرت أن مجموعة عارف الكويتية ليس لها اي خبرة أو سابق معرفة بالنقل النهري ولم تكن لها أي رغبة في ضخ اية اموال لتأهيل النقل النهري كما اسفر التحري انها فشلت كشريك استراتيجي ودمرت كل امكانيات وقدرات النقل النهري خلال الفترة السابقة .

مرفق استراتيجي
أوضح عبد المنعم للمحكمة أن لجنة التحقيق سوف تقدم كافة المستندات والشهود وما توافر لديها من بينات لإثبات الوقائع وعملية الاحتيال وتوثيق النهاية المحزنة للاستيلاء على مرفق استراتيجي في الدولة قيمته 73 مليون دولار امريكي ربما حصلت حكومة السودان على 38 مليون دولار امريكي ثم تم التصرف فيها دون ايداعها في حساب الحكومة الرسمي بالمخالفة لأحكام قانون الاجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007م واللوائح الصادرة بموجبه.
اضاف عبد المنعم أن لجنة التحقيق قد رفعت خلاصة تقريرها إلى النائب العام باسترداد اصول هيئة النقل النهري وخاطب النائب العام بتاريخ 16/4/2020م لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو لاسترداد اصول النقل النهري مع توصية باسناد ادارة الاصول والنقل النهري لوزارة النقل والبنى التحتية تأسيسا لإعادة بناء هيئة النقل النهري وفقا لمقتضيات حماية مصالح الدولة.

مواد الاتهام
اشار عبد المنعم إلى انه والثابت من التحريات ووقائع أن افعال المتهمين تمثل مخالفة لأحكام القانون الجنائي لسنة 1991م في المواد (177/2، 178،180،89،92) والمواد (4ـ8) من قانون التصرف في مرافق القطاع العام والمواد (19،20، 21،29) من قانون الاجراءات المالية والمحاسبية ولوائحه والمادة (35) من قانون مكافحة غسيل الاموال .
وقال عبد المنعم في نهاية الخطبة إن السياسة الجنائية هي مجموعة القواعد التي تحددها الدولة للمعاقبة على الجريمة وتتطلب هذه الدعوى ومثيلاتها من قضايا الفساد كسياسة عقابية رادعة وفريدة في اختيار الجزاء والعقوبة الاكثر صلاحية لحماية المصالح الكلية للدولة .
وقال عبد المنعم في ختام تلاوته للمرافعة (نضع امام سيادتكم الدعوى مع الاحترام لحقوق المتهمين في كافة مراحل التحريات وحقهم في أن يترافع عنهم من يختارونه من المحامين).

تقرير – آيات فضل
الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى