حوارات

الخبير القانوني نبيل أديب في “حوار ساخن” يفند (قانونية) رئاسة مجلس السيادة

 

كثير من الأسئلة رفعت عقيرتها نتيجة التطورات المتسارعة للعملية السياسية في السودان منذ سقوط المخلوع البشير ، ولكن أكثرها إلحاحاً هي المعنية بالمؤسسات الرئيسية المسؤولة عن تحقيق أهداف الثورة (الحكومة – المجلس السيادي) ..بعد اتفاق سلام جوبا أعيد تشكيل الحكومة واضيف للمجلس السيادي أعضاء جدد بموجب الاتفاق فيما تم تصفير العداد إيذاناً بفترة انتقالية تبدأ منذ يوم التوقيع على الاتفاقية وبالتالي استمرار رئيس مجلس السيادة في منصبه دون الأخذ بماجاء في الوثيقة الدستورية بأن تنقل رئاسة السيادي للمدنيين بعد مضي 21 شهراً من عمر الحكومة الانتقالية .
في المقابل تجدد الجدل أول أمس بعد اتخاذ رئيس المجلس السيادي بالانابة محمد حمدان دقلو قراراً بقبول إستقالة النائب العام واقالة رئيس القضاء في غياب نادي النيابة ومجلس القضاء العالي.

مصادر موثوقة ناقشت مع الأستاذ نبيل أديب المحامي رئيس اللجنة المستقلة لتحقيق في مجزرة فض الاعتصام وضع رئاسة السيادي من الناحية القانونية وخرجت بالإفادات التالية.

*لغط كثيف ما زال يدور حول انتقال رئاسة السيادي للمدنيين؟
بالنسبة لرئاسة مجلس السيادة في الفترة الإنتقالية فهي مسألة تكشف بشكل فاضح عن ضعف الأجهزة القانونية من الناحية الفنية وضعف قدراتها الفنية. رغم ان التعديلات الدستورية تكشف في الأساس عدم قدرة أجهزتنا على صياغة القوانين بما تتطلبه من دقة في مراجعة الأحكام المراد تعديلها وفي إنتقاء الألفاظ المكونة لأحكام التعديل بحيث تطابق نية المشرع ولا تترك أي فراغ قانوني.
*كيف يكون هناك فراغاً دستورياً والتعديلات الدستورية حملت تعديلاً لمدة الفترة الانتقالية؟
نعم حملت التعديلات الدستورية تعديلا لمدة الفترة الإنتقالية دون أن تفطن لمسائل شديدة الإرتباط بالمدة، كما ولم تكن الطريقة التي إختارتها لزيادة الفترة الإنتقالية طريقة مألوفة لمثل الحكم الذي تبنته.
*بشكل أدق وضح ذلك؟
حملت التعديلات تعديلا للمادة (7) من الوثيقة الدستورية بإلغاء البند (1) والإستعاضة عنه بالبند الجديد التالي (تبدأ الفترة الإنتقالية بتاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية و تمدد ليبدأ حساب 39 شهراً من تاريخ التوقيع على إتفاق جوبا لسلام السودان).
*وما الخطأ في ذلك؟
أول خطأ يواجهنا هنا هو أن المقصود هو المادة(6) وليست المادة (7) لأن المادة (6) هي المادة المقصود تعديل حكمها، وهو خطأ لا يغتفر حين يتعلق الأمر بتعديل حكم قانوني دعك من حكم دستوري. ومع ذلك فإذا كان المقصود هو تعديل المادة(6) فإن المعنى الواضح لهذا التعديل هو إبقاء الفترة الإنتقالية كما هي أي 39 شهراً على أن يبدأ حسابها من تاريخ التوقيع على إتفاق جوبا.
*هذا لا يتفق مع المنطق فتوقيع السلام يعني بداية عهد جديد يقتضي تشكيل حكومة جديدة وتصفير العداد بالنسبة للسيادي؟
طبعا ما كان يتفق مع المنطق هو أن تتم زيادة الفترة الإنتقالية في مجموعها لتسري الزيادة بعد إنتهاء الفترة الأولى لأن الفترة السابقة دخلت بالفعل في الفترة الإنتقالية وما تم بالفعل لا يمكن تغييره وإن جاز وقف أثاره.
*التعديل حمل حكماً يعدل فيه الأحكام بتكوين مجلس السيادة ورئاسة المجلس في الفترة الانتقالية؟
صحيح حمل التعديل حكما يعدل فيه الأحكام المتعلقة بتكوين مجلس السيادة، و برئاسة ذلك المجلس في الفترة الإنتقالية. وقد تناول التعديل هذا الموضوع بأن عدل المادة (11)فقرة (2) و المقصود هو المادة(10) الفقرة(2) وهذا التعديل تناول تكوين مجلس السيادة من حيث العدد وطريقة الإختيار فأضاف له 3 أعضاء اخرين ولم يتناول على الأطلاق موضوع رئاسة مجلس السيادة في الفترة الإنتقالية والذي تناولته الوثيقة الدستورية في الفقرة(3) من المادة(10) وهذا يعنى بقاء الفقرة(3) على حالها و التي تمنح رئاسة فترة الـ 21 شهراً الأولى من الفترة الإنتقالية لمن يختاره الأعضاء العسكريون، على أن يرأس المجلس في فترة الـ18 شهراً الباقية والتي تبدأ في 18 مايو 2021م عضو مدني يختاره الأعضاء الخمس المدنيون الذين أختارهم للعضوية قوى الحرية والتغيير.
*تعني بذلك أن المادة لم يتم الغاؤها وهي سارية المفعول كما وردت في الأصل؟
المادة لم يتم إلغاءها وبالتالي فهي سارية المفعول كما وردت في الأصل، و لكن بدء حساب الفترة الإنتقالية يجعل هنالك مشكلة فيما يتعلق بحساب فترة الـ 21 شهرا التي يشغل فيها الرئاسة عضو المكون العسكري، فهل قصد التعديل أن فترة الـ 21 شهرا المذكورة لا يدخل في حسابها أيضا الفترة السابقة للتوقيع على إتفاقية سلام جوبا، مع أنها فترة من حيث الواقع رأس المجلس فيها عضو بالمكون العسكري ووفقا لإختيار ذلك المكون؟.
*ماهو السبب أو ما الذي خلق هذه الاشكالية؟
هذه الإشكالية خلقها العوار الذي لحق بصياغة التعديل، ومن شأن ذلك العوار أن يفتح مجالاً للنزاع حول طريقة تعديل مواعيد رئاسة المجلس لتنسجم مع الزيادة الفعلية في مدة الفترة الإنتقالية، وهي فترة تزيد على عام كامل. لا تحدد الوثيقة بعد تعديلها بشكل قاطع من الذي سيرأس المجلس في الفترة المضافة، بالنظر الى أن الفترة التي تمت إضافتها للفترة الإنتقالية يتم حسابها بخصم فترة إنقضت بالفعل، بدلا من إضافة الفترة لنهاية الفترة المقررة فعلا. ويزيد الأمر إرباكاً أن المحكمة الدستورية التي تملك سلطة تفسير الدستور ما زالت في إنتظار ترشيح عضويتها بواسطة مجلس القضاء العالي، الذي ما زال بدوره ينتظر القانون الذي يحدد طريقة تكوينه.
*ماهو الأنسب للخروج من هذا المأزق؟
قد يكون الأنسب هو القول بأن التاريخ المحدد في الفقرة (3) من المادة (10) ما زال سار المفعول وأن فترة الـ 18 شهراً التي تلى ذلك التاريخ يرأس مجلس السيادة فيها عضواً مدني يختاره الأعضاء الخمس المدنيون الذين أختارهم للعضوية قوى الحرية والتغيير. ولكن إختيار هذا الحل يظل خلافياً لأن الفقرة تصف فترة 18 شهراً بأنها الفترة المتبقية من الفترة الإنتقالية رغم أنها لم تعد كذلك. وربما يكون الحل هو أن الفترة التي تلي 18 شهراً يتم الأتفاق على شخص رئيس مجلس السيادة فيها بواسطة شركاء السلام.
*هل هذا الحل يستند على نص في الدستور؟
هذا الحل هو حل تحكمي لا يستند على نص في الدستور، وهو أمر لا سند له من نص الدستور، ولن يضيف سوى مزيد من الربكة الدستورية التي صاحبت التعديلات الدستورية لعام2020م.

حوار: أشرف عبدالعزيز
الخرطوم: (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى