تحقيقات وتقارير

تساءلوا: من يبقى للنطق بالحكم على “المخلوع”؟

قانونيون يحذرون من إشارات سلبية لطلب قاضي محكمة مدبري انقلاب “الإنقاذ” للتنحي

 

اعتبر الحقوقي والمستشار القانوني سليمان الجدي، أن طلب تنحي قاضي محكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو للتنحي للمرة الثانية مؤشر خطير في بناء دولة القانون التي يسعى التغيير إلى تحقيقها، وأوضح الجدي في حديثه لـ(الحراك)، بأن هذه الخطوة ترسل إشارات سلبية بأن يد السلطة التنفيذية تطال أي مؤسسة في الدولة وتؤثر عليها بما فيها القضاء، مشيراً إلى إحداث ذلك تداعيات إقليمية ودولية تدلل على تقاعس القضاء السوداني في أداء مهمته في محاكمة رموز النظام السابق، ولم يستبعد أن تعجل الخطوات طلب الجنائية الدولية وفقاً للنظام الأساسي بـ”روما” لتسليم المخلوع وأعوانه إلى لاهاي.

 

وقررت محكمة مدبري انقلاب 1989 رفع جلساتها إلى العاشر من أغسطس المقبل، وذلك إلى حين أن يفصل القضاء في طلب تنحي قاضي محاكمة مدبري الانقلاب.

 

 

 

مرافعات الاتهام :

وينتظر الشارع وصول جلسات محكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو إلى مرحلة الحسم ويتشوق للحلقة الأخيرة منها وما يمكن أن تفضي إليه، إلا أن هذا الانتظار سوف يطول وذلك وفقاً لمسلسل التنحي الذي وصل حلقته الثانية المثيرة للجدل في مجريات جلساتها مابين انسحاب هيئة الاتهام تارة وتنحي القضاة تارة أخرى. فالبشير الذي قضى ما يقارب العامين في التأديبية بتهمة حيازة النقد الأجنبي يحاكم إلى جانب ما يقارب العشرات من الإسلاميين في قضية تقويض الدستور والنظام القائم وقتئذٍ، سينتظر هو الآخر إلى جانب الشعب إلى حين تعيين القضاء لقاضٍ ثالث للبدء في استئناف محاكمته مجدداً، حيث سبقت هيئة ممثلي الاتهام القاضي بالانسحاب وذلك تنديداً بمايروه مخالفات لسير العدالة من تأخير لأكثر من عام وليس طلباً لتنحي القاضي، كما أفصح عنها لـ(الحراك) عضو هيئة الاتهام والمحامي معز حضرة، الذي قال في إفادته إن هيئتهم لم تنسحب لأجل إجبار القاضي على التنحي بل طالبوا بالتحقيق في إجراءات ومخالفاتها تسببت في سير المحاكمة. واعتبر حضرة قرار القاضي بالتنحي قراراً شخصياً كاشفاً عن عدم مخاطبتهم لرئيس القضاء بهذا الشأن مرجعاً قرار تعيين القضاء للسلطة القضائية وحدها،وأوضح حضرة أنهم مازالوا في انتظار رد القضاء على المذكرة التي أودعوها للقضاء وهي تحوي المخالفات التي طالبت هيئة الاتهام بالتحقيق فيها من ناحية قضائية.

 

 

أثر تكرار التنحي :

تباينت وجهات النظر بين عدد من القانونيين والمحللين السياسيين حول ردة فعل تكرار تنحي قضاة محكمة مدبري انقلاب 1989م من حيث تأثير الراهن السياسي على مجريات جلسات المحكمة، والضغوطات التي ربما قد تكون مورست على القضاة مما قادهم إلى تلك الخطوة دون الوصول فيها إلى مرحلة النطق بالحكم. ومن جانبه يرى المحلل السياسي عبده مختار بأن المشكلة تكمن منذ البدء في القضاء واختيار القاضي المناسب لمثل هذه القضايا. ويضيف عبده في حديثه لـ(الحراك)بأنه لابد أن يتم اختيار قاضي محايد مستقل تماماً لا تربطه أي صلة بأي مكون سياسي لضمان وقف تكرار مسلسل تنحي قضاة محاكمة البشير وأعوانه من مدبري انقلاب (89)،ورجح عبده بأنه ربما تكون هنالك جهات ما رست ضغوطاً على أيٍ من القضاة الذين تنحوا حتى الآن دون الوصول بالقضية إلى مرحلة النطق بالحكم، كما فعل قاضي محكمة قضية أب جيقة الشهيرة القاضي أبكر الذي يعتبره المحلل السياسي عبده نموذجاً يصلح لتولي قضايا كمحاكمة مدبري انقلاب حكومة المعزول البشير، لكن من وجهة نظرية يرى المحامي معز حضرة أن قرار تنحي القاضي قرار شخصي ولم يؤثر في سير مجريات تحقيق العدالة، ويمكن لأي قاضٍ أن يخلفه ويقوم بهذا الدور .

 

موقف قانوني :

بالعودة للموقف القانوني المتعلق بمساءلة التنحي يرجع العديد الأمر للقضاء نفسه بحجة أنه السلطة التي تملك الحق في وضع حد لتكرار تنحي القضاة وتبين الموقف القانوني الخاص بمجريات هذا النوع من القضايا والفصل فيها، وعلق من جانبه القانوني والمحامي نبيل في معرض حديثه لـ(الحراك)، بأن تلك المساءل ليس فيها عدم قانونية، وذلك لأن القاضي لم يتم إجباره على التنحي بل تنحى من نفسه. وأوضح أديب بأن تنحي القاضي أحمد علي فيه خلط تسبب في إقدام القاضي على اتخاذ هذه الخطوة وهي أن هيئة الاتهام تقدمت بشكوى وليس بطلب تنحي، مشيراً إلى أنه وفي أي قضية عادية إذا تقدم أحد الطرفين الدفاع أو الاتهام بطلب تنحي للقضاء ينظر للطرف الآخر ومعرفة تأييده أو رفضه على غير قضية مدبري الانقلاب، وهي لم يقدم فيها طلب من قبل أي طرف بتنحي القاضي. وعلى الرغم من ذلك أكد القانوني أديب على أحقية القاضي في التقدم بطلب تنحي للقضاء إذا شكك أحد أطراف القضية في نزاهته كقاضٍ للمحكمة، ملمحاً إلى نقطة الخلط التي أحدثها البيان الذي أذاعته هيئة الاتهام مسبقاً.

 

السماح بالتنحي :

من جانبه عدد المستشار القانوني سليمان الجدي فقرات في النظام القضائي في تنظيمه تستند عليها السلطة القضائية يسمح للقاضي بالتنحي عن مباشرة الدعوة الماثلة أمامه، تتمثل في حالات محددة منها عدم اطمئنان القاضي لاستقلالية السلطة القضائية إلى جانب الأسباب الشخصية قد يراها القاضي ومن ثم تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية،وهي الحالة التي يرجح الجدي بأنها السبب في تنحي القاضي عن محكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو التي يحاكم فيها البشير وأعوانه .

      تقرير: بتول الفكي

صحيفة الحراك السياسي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى