تحقيقات وتقارير

من مخبئه المجهول.. كيف يخطط سيف الإسلام القذافي لاستعادة عرش ليبيا؟

استعاد سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، زخما إعلاميا بظهوره المفاجئ مؤخرا في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، بعد اختفاء دام عشر سنوات منذ المشهد الأخير له وهو يُقتاد مكبل اليدين عقب شهر من مقتل والده على يد الثوار. لقد ظن الرجل أنه سيحكم ليبيا يوما ما خلفا لأبيه واتباعا لسُنّة التوريث التي أخذت تتمدد في العالم العربي خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، بيد أن الثورات العربية أطاحت بطموحاته في عقدها الثاني كما فعلت في بلدان عربية عدة، وسرعان ما وجد سيف الإسلام نفسه أسيرا بين يدي قبيلة من “الزنتان” بعد بتر ثلاث من أصابع يده اليمني التي هدَّد بها الليبيين في بدايات الثورة، ومن ثمَّ قبع في سجنه نحو ست سنوات تغير خلالها كل شيء في ليبيا.

فجأة، بات الأسيرُ عدوُّ الأمس صديقَ اليوم، وقائد الغد المنتظر، وصاحب مهمة لمِّ شمل الليبيين بعد فرقة ونزاع، والقادر على تحقيق مصالحة واسعة بين الأطراف المتناحرة لتوحيد كامل التراب الليبي. على الجانب الآخر، تعد تلك هي الفرصة الأخيرة السانحة لأسرة القذافي لعودة الإخوة وأبناء العمومة إلى البلاد من جديد بعد سنوات الشتات والغربة، وبارقة الأمل لقبيلته “القذاذفة” لاستعادة كرامتهم التي أطاحت بها ثورة 14 فبراير فأردتهم غرباء بعد أن سادوا البلاد لأربعة عقود ونيف بلا منازع.

لم يكن سيف الإسلام القذافي بالمَظهر نفسه الذي يبدو عليه الآن عام 2011، فلم تكن لديه تلك اللحية التي غزاها الشيب، ولا تلك النظرة التي تشي بهزيمة قاسية تجرعها بمرارة، ولا ذلك الحذر من الغد بما قد يحمله من ملاحقة قضائية تنتظره من قبل المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أثناء الثورة الليبية.

يعد سيف الإسلام الابن الثاني من أبناء القذافي التسعة، وهو الأكثر حظا بينهم، ورغم أنه لم يتولَّ أي منصبٍ رسمي، فإن الكثيرين اعتبروه فعليا الشخص الأكثر نفوذا في البلاد، والوريث الشرعي لحكم أبيه، بينما رآى الغرب في زيه الأنيق ولسانه الإنجليزي الطليق، وآرائه الإصلاحية المخالفة لسياسة والده، طريقهم الوحيد لتحويل ليبيا من الاستبداد المعادي للغرب إلى الليبرالية دون ثورة شاملة.

لم يكن الاهتمام البالغ الذي حازه سيف الإسلام حينها في الغرب بسبب دراسته للاقتصاد في جامعة لندن، أو توسطه لتخلي والده القذافي عن فكرة امتلاك سلاح نووي على غرار باكستان (التي تدين له بالفضل في التمويل الأولي لمشروعها السري آنذاك)، ولا حتى بسبب دوره البارز في إقناع أبيه بدفع تعويضات عن تفجير طائرة أميركية في سماء إسكتلندا عام 1988، لقد كان الدافع الرئيس لتقرب الأوروبيين من الرجل هو النفط فحسب، وهو السبب نفسه الذي منعهم من الإطاحة بنظام القذافي، إذ تمتلك ليبيا أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا يبلغ 48 مليار برميل، إلى جانب احتياطات من النفط الصخري تصل إلى 26 مليار برميل، وهي أوراق قوة ساوم بها القذافي الغرب ليحمي نظامه، لا سيما أنه ما من دولة تستطيع بسهولة تعويض حصة ليبيا النفطية (1.6 مليون برميل يوميا).
معمر القذافي (يمينا) وسيف الإسلام

مع اندلاع الثورة الليبية، حسب العقيد الليبي حساباته واثقا بأن الغرب لن يتدخل لإسقاط نظامه خشية تكرار السيناريو الذي حدث عقب الثورة الإيرانية عام 1979، وانقطاع إمدادات مليوني برميل من النفط قادت لاحقا إلى تضاعف الأسعار في السوق العالمية. بدت خطة القذافي ناجحة إلى حد بعيد، خاصة بعد تجاهل مجلس الأمن دعوات الجامعة العربية إلى فرض حظر جوي على ليبيا بسبب استخدام زعيمها الأسلحة الثقيلة والطيران لقصف المتظاهرين السلميين، ومناقشة الاتحاد الأوروبي ببرود تداعيات الأوضاع في ليبيا على اقتصاد الدول الصناعية. بيد أن الأحداث تسارعت وتغيَّر كل شيء بعد شهرٍ ونصف نتيجة سيطرة الثوار على الحقول والموانئ النفطية، وبالأخص بعد تعهُّدهم بالوفاء بالالتزامات والعقود الخاصة بصادرات النفط، وهي إشارة تلقتها الدول الكبرى بالقبول، فشكَّلت فيما بعد تحالفا دوليا لإزاحة القذافي عن عرشه.(1)

مثلّت تلك الأحداث مفاجأة للقذافي وابنه على السواء، ففي مارس 2011، بدأ تحالف دولي تحت مظلة الناتو تدخلا عسكريا في ليبيا بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، كما شاركت دول عربية هي قطر والإمارات ضمن سياسة اتبعتها الدولتان لإسقاط الرئيس الليبي الذي انتهج سياسة مضادة لمصالح المعسكر الخليجي في ذاك الوقت. وعلى النقيض، عارضت روسيا وتركيا التدخل العسكري، حيث نظرتا إليه باعتباره تهديدا مباشرا لمصالحهما الاقتصادية التي بلغت ذروتها في عصر القذافي. وفي حوار مع صحافية روسية قبل ثلاثة أشهر من اغتيال والده، قال سيف الإسلام تعقيبا على التدخل العسكري: “كان درسا هاما لنا وللجميع. الكثير من الدول مثل كوريا الشمالية وإيران تقول لنا: هل اكتشتفم خطأكم؟ لقد تخليتم عن أسلحة الدمار الشامل وأغلقتم برنامجكم لتطوير الصواريخ الباليستية، وها هي النتيجة. إذن ما هو الدرس؟ كونوا أقوياء، ولا تثقوا بالغرب أبدا. لقد غيروا موقفهم منا بين ليلة وضحاها”.

لكن الدرس الذي اكتسبه سيف الإسلام بضياع عرش أبيه أتبعه بخطأ قاتل بالإسراع في الانضمام للحملة العسكرية الغاشمة التي شنها جيش القذافي على الثوار الواقفين على أبواب طرابلس من أجل الوصول إلى قصر الحُكم. وباعتباره الخليفة المفترض للنظام، خرج سيف الإسلام في بث تلفزيوني شهير بالتزامن مع اشتداد وتيرة الثورة ملوحا بإصبعه ومهددا: “ستكون هناك حرب أهلية في ليبيا، وسوف نقتل بعضنا البعض في الشوارع، وسيتم تدمير كل ليبيا، وسنحتاج إلى 40 عاما للتوصل إلى اتفاق حول كيفية إدارة البلاد، وسيرغب الجميع في أن يصبح رئيسا أو أميرا”. بعد عشر سنوات من دخول ليبيا النفق المُظلم، تبدو نبوءة سيف الإسلام للبعض واقعا يدفعهم إلى الحنين لاستبداد أبيه الذي منحهم الكهرباء بالمجان ووفَّر لهم قروضا من البنوك بلا فائدة، وتلك هي ذكريات السنوات الغابرة التي تمنح القذافي الابن الآن فرصة للوصول إلى عرش اعتقد الجميع بأنه ذهب إلى غير رجعة بعد فبراير 2011 وما تلاه.

أحمد قذاف الدم

بدّلت الإطاحة بالقذافي، ثم اغتياله في أكتوبر 2011 مع ثلاثة من أبنائه، حظوظ عشيرته وحلفائه من نعيم السلطة إلى التفرُّق ما بين مطلوب ومنفي وأسير وقتيل. بيد أن تشكيل المجلس الوطني الانتقالي (البرلمان المؤقت) الذي حاز اعترافا دوليا، لم ينجح في استعادة الأمن الداخلي المنشود. ويبدو أن سيف الإسلام لم يكن وحده الذي يحمل تنبؤات متشائمة للثورة التي أطاحت بحكم والده، فمن شقته في القاهرة، راهن “أحمد قذاف الدم”، ابن عم القذافي ومبعوثه الخاص، على أنه “لن يكون هناك سلام بدون القذاذفة”.

سرعان ما دخلت ليبيا مسارا مضطربا بعد ثورتها، وهو ما منح القذاذفة فرصة على طبق من ذهب. لقد رفض الثوار تسليم سلاحهم الذي استحوذوا عليه من مخازن الجيش، وشكَّلوا ميليشيات احتكمت للنظام القبلي، ومن ثَم تحوَّلت ليبيا سريعا من الاستبداد إلى الديمقراطية المُعطلة. وفشل المؤتمر الوطني الانتقالي المؤقت في إنجاز مشروع الدستور، ولم يتفق الفرقاء الليبيون على موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وحين انتهت الفترة القانونية لعمل المؤتمر الوطني، قرر تمديد ولايته، ثم وضع قانونا لانتخاب مجلس النواب الذي أصبح منوطا به وضع الدستور. تواجهت أقوى كتلتين في البلاد عام 2014، وهما الكتلة الليبرالية، التي حصدت النسبة الأعلى من الأصوات، والكتلة الإسلامية، وعلى رأسها حزب العدالة والبناء (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، والتي حصلت على 23 مقعدا من إجمالي 200 مقعد. وكاد نزيف الخسائر أن يستمر لولا الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا (لا يجوز الطعن على أحكامها) بإلغاء البرلمان وتثبيت عمل المؤتمر.
أطلق حفتر عام 2015 عملية “الكرامة”، تحت شعار “محاربة الإرهاب” وإعادة الاستقرار، وفي تلك الأثناء انقسمت ليبيا إلى ما يشبه الدولتين

في خضم الصراع المتنامي، ظهر تنظيم الدولة مؤسسا حكمه الوليد في بعض المدن ذات الميول الإسلامية، ثم ظهر في تلك الأثناء أيضا خليفة حفتر، الجنرال الليبي المنشق الذي شارك سابقا في انقلاب رئيسه القذافي، ثم اختار العيش في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة التي يحمل جنسيتها، قبل أن يعود إلى الساحة الليبية ويفرض نفسه سياسيا وعسكريا، وينجح في جذب حلفاء إقليميين ودوليين نظروا بعين الريبة لإمكانية تصدر الإخوان المسلمين المشهد السياسي. لم يكن لحفتر حتى أوائل عام 2014 أي حضور بارز في المشهد السياسي الليبي، حتى قام بمحاولة انقلاب عبر بيان متلفز، وأعلن تجميد عمل المؤتمر الوطني والحكومة، لكن انقلابه التلفزيوني لم يؤت أكله، واقتصرت قبضته الوليدة والهشة على شرق ليبيا، في حين استعصت عليه طرابلس، العاصمة والمدينة الأهم، لكنه جاء في العام التالي بفكرة ملهمة صاغت مشروعه السياسي للوصول إلى الحكم.

أطلق حفتر عام 2015 عملية “الكرامة”، تحت شعار “محاربة الإرهاب” وإعادة الاستقرار، وفي تلك الأثناء انقسمت ليبيا إلى ما يشبه الدولتين، واحدة في الشرق وأخرى في الغرب، عقب قرار المحكمة الدستورية ببطلان الانتخابات، وهي فوضى كاد أن يستفيد منها حفتر لولا تدخل الأمم المتحدة لحماية مصالح الدول الأوروبية، والاتفاق على التسوية السياسية الأهم في تاريخ الأزمة ممثلة في اتفاق “الصخيرات” الذي أفرز تشكيل حكومة الوفاق التي نالت اعترافا دوليا، إلا أن حفتر والبرلمان المنقسم رفضا الاعتراف بالحكومة.

في تلك الأثناء، حصل سيف الإسلام على عفو عام من حكم الإعدام الذي صدر بحقه، وبدأ تقديمه بوصفه قائدا يستطيع إعادة رسم خريطة البلاد بدعم كبرى القبائل الليبية. وقد استفاد نجل القذافي من تعقد الأوضاع في ليبيا، خاصة بعدما أعلن حفتر في ربيع 2019 معركته من أجل إسقاط العاصمة الليبية طرابلس، مستهينا بقوة حكومة الوفاق، وهي حرب أحالت الحياة في ليبيا إلى جحيم بتدمير البنية التحتية، وانقطاع خدمات الكهرباء، وإغلاق موانئ النفط، وتأخير رواتب الموظفين. وفي ظل حالة من الاستقطاب الداخلي، وتدهور الوضع بسبب الحرب، بدت نبوءات سيف الإسلام ماثلة في أذهان الجميع. يقول الرجل في حواره الأخير مع “نيويورك تايمز” بلهجة لا تخلو من الانتشاء والفخر: “هل لك أن تتخيل؟ الرجال الذين كانوا حرَّاسي (في السجن) هم الآن أصدقائي”، في إشارة إلى إطلاق سراحه، تمهيدا لإجراء انتخابات قد تمنحه الشرعية.

استفاد سيف الإسلام القذافي من أخطاء أبيه وشعبه، فتعلم من أبيه عدم الوثوق بالغرب، وتعلم من مراقبة الساحة السياسية أن إعادة تنظيم القوة يبدأ ببناء تحالفات قبلية على الأرض. يرى القذافي أن حفتر، أقوى رجل في الشرق، بات رهينة شركة “فاغنر” الروسية، إلى جانب عدد من الحلفاء هم في الأصل صنيعة نظام القذافي وقادة سابقون بجيشه. لا يختلف الوضع في الغرب الليبي كثيرا، حيث الحكومة المؤقتة التي تخضع أيضا لقبضة الميليشيات القابعة في طرابلس ومصراتة، وهو ما يلخص حال الدولة الليبية منذ عام 2011، فلم يكن يحكمها في الواقع سوى مجموعة من المسلحين، ما يعني أن أي سلام في البلاد سيظل هشّا ينتظر تجدد الحرب في أي وقت.

في ضوء هذا الحصاد المر، تبدو حظوظ سيف الإسلام في الوصول إلى السلطة لا يستهان بها، بعدما نجح في إعادة صياغة علاقته بالقبائل الليبية في الجنوب والشرق، كما استعادت قبيلته “القذاذفة”، وهي أكبر القبائل الليبية وأكثرها تسليحا، نفوذها على المنطقة الجنوبية كافة، واستعاد أبناؤها الوظائف الحكومية التي فقدوها عقب سقوط القذافي. وفي أعقاب حرب طرابلس، انشقت قبيلة القذاذفة عن قوات حفتر، وشكلت جزءا مهما من سردية هزائمه، وهي أزمة كبيرة يواجهها حفتر، لا سيما أن قاعدة أنصاره في الشرق هم أنصار النظام السابق. وإلى جانب “القذاذفة”، يتمتع نجل القذافي بدعم قبيلة “البراعصة” التي تنحدر منها والدته في شرق ليبيا أيضا، والتي توسطت سابقا في مساعي إطلاق سراحه وتأمين تحركاته وإجراء اتصالاته مع القبائل الأخرى.

ظهور سيف الإسلام بوصفه قوة سياسية من مخبئه، دفع حكومة الوفاق في السابق للبحث عنه عبر قوة الردع الخاصة، التابعة لوزارة الداخلية، بالاشتراك مع القوات التركية الموجودة في ليبيا طبقا للاتفاق الأمني الموقع بين الطرفين. وقد قاد الثنائي دون جدوى عملية نوعية لتفتيش منطقة الجبل الغربي، حيث يقع مقر قبيلة “الزنتان” التي عاش سيف الإسلام في كنفها تمهيدا لاعتقاله وتسليمه للمحكمة الدولية الجنائية. ثم جاء التطور الأخير مع ما أعلنه سيف الإسلام مرارا عبر متحدثين له في العاصمة الفرنسية حول نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يهدد كليا طرفي النزاع في الشرق والغرب. بدت المخاوف تجاه نوايا نجل القذافي واضحة في تصريح رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح” حول نظر المجلس في مشروع قانون الترشح للانتخابات، مؤكدا أنه لن يسمح بترشح شخص محكوم عليه من المحكمة الجنائية، في إشارة صريحة لسيف الإسلام.

وبخلاف الدعم الذي يتلقاه سيف الإسلام في الداخل، يحظى القذافي بدعم محتمل من قوى دولية وإقليمية في مقدمتها روسيا وإيطاليا وفرنسا ومصر. فقد بذلت دائرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكبر الخاسرين من سقوط القذافي، تحركات علنية لإعادة نجله مجددا إلى الحياة السياسية. وظهر اتساع دائرة نفوذ سيف الإسلام في الوفد الذي أرسله عام 2018 لبحث تسوية سياسية للخروج من الأزمة، والذي روجت له روسيا عبر استضافة الوفد على شاشات قناة “روسيا اليوم” باعتبارهم يمثلون نجل القذافي، أحد أطراف المصالحة الليبية. وإلى جانب روسيا، فاجأت إيطاليا الجميع بتصريحها بأنها لا تُمانع وصول نجل القذافي إلى رئاسة ليبيا عبر الانتخابات، في وقت كشفت فيه تقارير عن تواصل المخابرات المصرية مع سيف الإسلام.

تبدو عودة سيف الإسلام مربكة لحفتر، الذي يميل حلفاؤه على الأرجح إلى عودة النظام القديم نفسه، وليس أحد أذنابه، لا سيما أن الرجل قد تلقى خسارة كبيرة بعجزه عن دخول طرابلس، وتجذُّر علاقاته بالإمارات، بالمقارنة مع مصر والسعودية اللتين تتحفظان على عدد من مواقف أبو ظبي مؤخرا، وكذلك تجذُّر علاقاته بروسيا التي لا تعجب أيا من إيطاليا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة. من جهة أخرى، يمثل الرجل في الأخير وجها أكثر قبولا مقارنة بحكومة طرابلس المرتبطة هي الأخرى بالإسلام السياسي المتعثر إقليميا، والمرتبطة أيضا بالوجود العسكري التركي غير المريح لفرنسا وأوروبا.

لا نعرف بعدُ إلى أي مدى سينجح سيف الإسلام في العودة إلى المشهد أمام الاتفاق النادر لبرلمان الشرق وحكومة الغرب على رفضه، وإلى أي درجة يمكن لدعم مصري وإيطالي وقبول غربي أن يقلب الموازين في ليبيا. بيد أن قطاعات من الشعب الليبي ليست بالقليلة تبدو في طريقها للانحياز إلى وجه قديم بدلا من الوجوه الجديدة التي أخفقت شرقا وغربا في تلبية مطالب ثورتها، حتى ولو كان ذلك الوجه ابنا لرئيس أطاحت به قبل عقد كامل وقطعت أصابعه ومرَّغت أنفه في التراب. بل لعله لذلك السبب دون غيره يجعل بعض الناس مستعدين لقبول عودته، إذ إنه ذاق بالفعل ما يمكن أن يفعله الليبيون حين يغضبون، فلن يسعه بسهولة أن يرفع إصبعه مهددا إياهم من جديد.

تقرير : محمد العربي

الجزيرة نت

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى