تحقيقات وتقارير

بالتأمين والتعمير وتعزيز التواجد.. السودان يحكم سيطرته على الفشقة

– بحسب مراقبين، فإن إنشاء الطرق والكباري مؤخراً، هو تأمين استراتيجي للإمداد العسكري في الفشقة
– خبير: وجود الجيش السوداني قد يكون عاملاً حاسماً لعودة المزارعين في قرى شرق نهر عطبرة لزراعة الأراضي دون خشية هجمات عصابات الفشقة الإثيوبية

 

واصلت الخرطوم تأكيدها على سودانية أراضي “الفشقة”، عبر افتتاح عدد من المشاريع التنموية بالمنطقة بمشاركة رئيسي مجلس السيادة والوزراء مؤخراً.

وافتتح عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني وعبد الله حمدوك رئيس الوزراء، جسري “ود كولي” و “ود عاروض” في “الفشقة” الأسبوع الماضي، وتعهدا بتنمية الشريط الحدودي مع إثيوبيا.

 

 

وهذه هي الإشارة الأهم، وفق مراقبين، بأن أعلى سلطتين في البلاد “السيادي والوزراء” تتفقان على أن بسط الجيش نفوذه في المنطقة الحدودية، سيستمر حتى استرداد كل المواقع في “الفشقة” من المليشيات الإثيوبية كما تصفها الخرطوم.

 

 

وتنقسم مناطق التنازع الحدودية بين السودان وإثيوبيا إلى 3 مناطق “الفشقة الصغرى والكبرى والمناطق الجنوبية، وتبلغ مساحتها نحو مليوني فدان وتقع بين 3 أنهر هي ستيت وعطبرة وباسلام ما جعلها أخصب أراضي السودان.

 

 

وتمتد “الفشقة” لمسافة 168 كيلومترا مع الحدود الإثيوبية من مجمل المسافة الحدودية لولاية القضارف مع إثيوبيا والبالغة حوالي 265 كيلومترا.

واستعاد السودان ما يتجاوز 90 في المائة من هذه الأراضي الخصبة، قبل أشهر، وذلك لأول مرة منذ 25 عاما بعد انسحاب الجيش السوداني منها عقب محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995،والتي اتهم السودان بارتكابها.

 

وفي 16 أغسطس/ آب الجاري، قال البرهان، إن بلاده ستسترد 7 مواقع حدودية مع إثيوبيا عبر الدبلوماسية لا القوة.

وفي 2 يونيو/ حزيران الماضي، أعلن رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين، أن قوات بلاده استردت 92 بالمئة من أراضيها على الحدود الشرقية مع إثيوبيا، وتبقت نسبة 8 بالمئة.

 

 

 سيطرة وتأمين

وتؤكد حكومة الخرطوم، أن جيشها استعاد معظم الأراضي وبسط نفوذه عليها وانتشر في كل المواقع لتأمين الموسم الزراعي من الهجمات الإثيوبية.

وعمد الجيش السوداني منذ أواخر العام الماضي إلى فرض سيطرته على أراضي الفشقة، وفي 4 ديسمبر/كانون الأول، دخل الجيش مناطق تسيطر عليها عصابات الفشقة لأول مرة منذ ربع قرن.

 

 

وواصلت القوات الحكومية السودانية تقدمها في الخطوط الأمامية داخل الفشقة لإعادة الأراضي المغتصبة في الخطوط الدولية وفقا لاتفاقيات العام 1902، بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

 

وفي المقابل تطالب إثيوبيا السودان بالانسحاب إلى حدود قبل 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتتهمه بالسيطرة على معسكرين داخل الأراضي الإثيوبية، وهو ما تنفيه الخرطوم.

 

وبحسب مراقبين، فإن إنشاء الطرق والكباري مؤخرا، هو تأمين استراتيجي للإمداد العسكري، ولربط هذه المناطق التي يتسبب الخريف في قطعها، لأنها ظلت تعاني من الانقطاع عن بقية أجزاء السودان بسبب الأمطار والسيول في موسم الخريف، ووعورة الطرق إليها.

 

ويرى المتابعون أن السلطات السودانية نجحت من خلال قيام الجيش بعمليات مد الطرق وإنشاء الجسور في جعل الحركة والتنقل أسهل وتشجيع الأهالي في تلك المناطق على الزراعة دون مخاوف.

 

ويقول المحلل السياسي السوداني، أمير بابكر عبدالله إن مساحة الزراعة في “الفشقة” لهذا الموسم ستحدد حجم الاستقرار في المنطقة، فكلما زادت المساحات المزروعة فذلك مؤشر على تأمين الجيش السوداني لهذه المناطق.

 

ويشير بابكر في حديثه للأناضول إلى أن استغلال كل المساحات الزراعية في “الفشقة” التي تقدر بمليوني فدان في هذا التوقيت صعب، لعدة أسباب منها نقص العمالة، إذا أن العمالة الإثيوبية لن تكون موجودة في هذه المناطق، وكذلك فإن رؤوس الأموال الكبيرة قد تخشى المغامرة بالاستثمار في مناطق ربما تشهد اعتداءات.

 

ويستدرك: “لكن وجود الجيش السوداني قد يكون عامل حاسم لعودة المزارعين في قرى شرق نهر عطبرة لزراعة الأراضي دون خشية من هجمات عصابات الفشقة الإثيوبية”.

 

بدوره، يقول المختص بشأن القرن الإفريقي عبد المنعم أبو إدريس، إن السودان سيطر فعليا على ما يقارب 95 في المائة من أراضيه، وأن التواجد الإثيوبي هو عبارة عن مليشيات لإقليم أمهرا.

 

ويضيف في حديثه للأناضول، أن تلك الميليشيات هي قوات قليلة العدد في مجموعات صغيرة، تتحرك وتنهب وتخطف أو تطلق النار على معسكرات للجيش.

 

ويوضح أبو إدريس أن إمكانية زراعة الأراضي في الفشقة أصبحت سهلة بعد تشييد الجسور من قبل الجيش السوداني على نهري “عطبرة وستيت” بالإضافة إلى تشييد حوالي 100 كيلو متر من الطرق و إصلاح وتأهيل نحو 80 كيلومترا من الطرق التي كانت موجودة أصلا.

 

 وجه آخر للحدود

وتحاذي إثيوبيا 4 ولايات سودانية هي “القضارف، وكسلا، وسنار والنيل الأزرق” على مسافة 744 كيلو متر.

 

وتستضيف هذه الولايات، اللاجئين الإثيوبيين في مراكز استقبال حدودية قبل نقلهم إلى معسكرات اللجوء داخل عمق هذه الولايات.

 

ومنذ اندلاع القتال في إقليم تيغراي، توالت موجات اللجوء الإثيوبي من عدة أقاليم إثيوبية، ومن قوميات مختلفة.

وفي 13 يوليو/تموز الماضي، أعلنت السلطات السودانية، ارتفاع عدد اللاجئين الفارين من إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا إلى 78 ألفا.

 

 

وفي يونيو/ حزيران الماضي أعلنت أديس أبابا وقف إطلاق النار من جانبها في إقليم تيغراي، لكنها ألغت القرار في 10 أغسطس/ آب الجاري، وقررت مواجهة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي استعادت مؤخرا السيطرة على معظم أجزاء الإقليم، بالتحالف مع حركات تمرد في أقاليم أخرى.

 

ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وبداية الحرب في الإقليم بين القوات الإثيوبية وعناصر الجبهة الشعبية المصنفة من السلطات “إرهابية”، قتل آلاف الأشخاص، ونزح حوالي 300 ألف شخص خارج تيغراي مع اتساع نطاق الصراع.

 

ويوضح المختص بشأن القرن الإفريقي، عبد المنعم أبو إدريس، أن الصراع على حدود “الفشقة” بين السودان وإثيوبيا، ليس بعائق أمام عبور اللاجئين الإثيوبيين، كون الحدود فيها ليست ملتهبة، وحيث أن نقاط التوتر قليلة جدا مقارنة بالحدود الشاسعة بين البلدين.

 

ويضيف في حديثه للأناضول: “الفشقة تمثل جزءا من الحدود في ولاية القضارف، وتأتي موجات اللجوء لقومية تيغراي إلى ولاية القضارف وكسلا جراء صراعهم مع القوات الحكومية”.

عادل عبد الرحيم

   الأناضول

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى