تحقيقات وتقارير

لأول مرة منذ (25) عاماً.. سودانيون يعبرون “عطبرة” ليزرعون الفشقة

-الخرطوم أعلنت أواخر 2020 أنها استعادت هذه الأراضي من “عصابات إثيوبية” ثم أنشأت جسرين ليعبر مواطنوها نهر عطبرة إلى الفشقة.

-مزارع: كنا نعاني من الأحباش والآن استقرينا في المنطقة لنزرع.. ولدينا مشكلة في توفير الأيدي العاملة.. والسماد أصبح غالي الثمن

-قائد بالجيش: نطمئن الشعب بأن هذه الأرض تحت سيطرة الحكومة والقوات المسلحة وننتشر على طول الشريط الحدودي ولن نفرط فيها

للمرة الأولى منذ 25 عاماً، استطاع مزارعون سودانيون العبور إلى الضفة الشرقية لنهر عطبرة في منطقة الفشقة بولاية القضارف (شرق)، المتاخمة للحدود مع إثيوبيا، لمتابعة أنشطتهم في الزراعة والرعي، عقب فرض جيش بلادهم سيطرته على المنطقة وتشييد جسرين، ضمن خطة لتشييد المزيد.

 

وفرض الجيش السوداني، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سيطرته على أراضي الفشقة، بعد أن استولت عليها لمدة ربع قرن ما قالت الخرطوم إنها “عصابات إثيوبية”، بينما تتهم أديس أبابا السودان بالسيطرة على أراضٍ إثيوبية، وهو ما تنفيه الخرطوم.

 

وعلى متن جرار زراعي، عبر محمد بابكر جبريل (50 عاما)، وهو مزارع سوداني، جسر “ود عاروض” في منطقة الفشقة الصغرى، لحرث الأرض الزراعية الخصبة، تحضيراً لغرس نباته.

 

وتمتاز أراضي الفشقة بالخصوبة، لوجودها بين ثلاثة أنهر، هي نهر ستيت شمالا، ونهر عطبرة غربا، ونهر باسلام جنوبا وشرقا، وكانت تعاني بسبب الأمطار من انقطاع عن بقية أجزاء السودان؛ بسبب وعورة الطرق وعدم تعبيدها.

 

وقال جبريل للأناضول: “بعد تشييد هذه الجسور من قبل الجيش السوداني أصبحنا مطمئنين لنعبر النهر (عطبرة) إلى الضفة الشرقية لزراعة الذرة”.

 

وفي 16 أغسطس/ آب الماضي، افتتح رئيسا مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، ومجلس الوزراء، عبد الله حمدوك، جسري منطقتي “ود كولي” و”ود عاروض” في الفشقة، ضمن احتفالات الجيش بعيده الـ67.

 

وخلال هذه الاحتفالات في الفشقة، قال وزير الزراعة السوداني، الطاهر حربي، إن المحاصيل التي تزرع في المنطقة هي محاصيل مطرية، تتمثل في الذرة و القطن والسمسم.

 

وكشف عن تفكير الحكومة في تنفيذ مشروع لتجميع المياه للخروج من دائرة الزراعة الموسمية في المنطقة، إلى مستديمة في دورتين شتوية وصيفية، وفق وسائل إعلام محلية.

 

** جسور للتنمية

وقال قائد قطاع “تبارك الله” في الجيش السوداني بمنطقة الفشقة الصغرى، العميد ركن عصام الدين ميرغني، للأناضول إن “جسر ود كولي، الذي يربط الضفة الشرقية مع الضفة الغربية لنهر عطبرة في الفشقة الصغرى، حقق أهدافا كبيرة جدا تنعكس على المواطن خيرا ونماء ورخاء في تسهيل حركته وزراعته”.

 

وتابع ميرغني، وهو يعبر الجسر مع وفد إعلامي، أن “المواطن استفاد فائدة كبيرة جدا هذا العام، بعد أن تمكن من الوصول إلى زراعته في الضفة الشرقية لأول مرة، بعد أن تمكنت القوات المسلحة من بسط سيطرتها على الفشقة”.

 

ومساحة الفشقة تبلغ نحو مليوني فدان، وتمتد لمسافة 168 كلم مع الحدود الإثيوبية من مجمل المسافة الحدودية لولاية القضارف مع إثيوبيا، البالغة حوالي 265 كم .

وتحاذي إثيوبيا 4 ولايات سودانية، هي القضارف وكسلا وسنار والنيل الأزرق على مسافة 744 كلم.

 

** أمن واستثمار

وقال عمر دمباي، وهو صحفي سوداني من مدينة القضارف، للأناضول، إن الرغبة في الاستثمار بالزراعة في الفشقة من جانب مستثمرين محليين أو أجانب مرتبطة بتوفير الأمن في المنطقة الحدودية مع إثيوبيا.

 

وأردف: “عدم توفر الأمن في الفترة الماضية لم يسمح حتى بمجرد التفكير في الزراعة، لكن أول ما تحقق الأمن هنالك مبادرات طرحت، سواء من الداخل أو من الخارج، للاستثمار في الفشقة”.

 

وفي 17 أغسطس/ آب الماضي، قال وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، للأناضول، إن “هناك جهات محلية وأجنبية (لم يسمها) لديها الاستعداد لتعمير أراضي الفشقة”، وكشف عن تفكير حكومة بلاده في إنشاء مفوضية خاصة لتنمية المنطقة.

 

** سماد ومعدات زراعية

وطالب مواطنون في منطقة الفشقة من الحكومة الانتقالية توفير السماد والمعدات الزراعية والتقنية الحديثة لزيادة معدلات الإنتاج من الأراضي الخصبة وتوسيع المشاريع بعد استباب الأمن.

 

 

وقال يعقوب محمد إبراهيم (63 عاما)، وهو مزارع من مواليد قرية “ود كولي”، إن “الأراضي شرق نهر عطبرة (في منطقة ود كولي) كانت محتلة من قبل الأحباش (الإثيوبيين)، وكنا نعاني من ذلك بعد أن تعرضنا للقتل واختطاف المواشي، لكن الحمد لله بعد أن سيطرت القوات المسلحة استقررنا في المنطقة لنزرع”.

 

وأضاف إبراهيم للأناضول: “نزرع الفول السوداني والذرة والدخن، نزرع مرة واحدة في العام زراعة مطرية، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل نزرع خضروات وفواكه”.

واستدرك: “لدينا مشكلة في توفير الأيدي العاملة، والسماد أصبح غالي الثمن، كنا نشتري المبيد (الكيميائي) بسعر 9 آلاف جنيه للتر (20.45 دولار)، وحاليا أصبح بعشرين ألف (45.44 دولار)”.

 

** لا تفريط في الأرض

وقال قائد منطقة “ود عاروض” بالفشقة، العقيد ركن كمال الدين حمد حميدة هجانه، للأناضول: “نطمئن الشعب السوداني بأن هذه الأرض تحت سيطرة الحكومة السودانية والقوات المسلحة سيطرة كاملة، وقواتنا منتشرة على طول الشريط الحدودي”.

وتابع: “المواطنون في هذه المنطقة يعيشون في أمن واستقرار، ومارسوا نشاطهم الحياتي عادي، سواء كان زراعة أو رعي.. هذه الأرض سودانية خالصة، ولن يكون هنالك تفريط فيها”.

طلال إسماعيل

   الاناضول

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى