اقتصاد

الحراك الفوقي لا يكفي

ما يحدث في الساحة السياسية في السودان أمر مربك، لدرجة أنه يبدو وكأنه يسير في خط معاكس لمسار ثورة ديسمبر الشعبية، ومع ذلك لم يفقد الشعب الأمل في استعدال مسارها بقوة الوعي الشعبي وإصرار الثوار على إكمال مهام المرحلة الانتقالية وتهيئة المناخ الصحي لقيام نظام الحكم المدني الديمقراطي.

 

اخر المستجدات المربكة ما حدث يوم الأربعاء الماضي بقاعة الصداقة بالخرطوم بالتوقيع على ما سمَّوه الإعلان السياسي لوحدة قوى الحرية والتغيير وقضايا الانتقال وبناء دولة المواطنة المدنية الديمقراطية، الذي تم بصورة فوقية، وليس من داخل قوى الحرية والتغيير.

 

التقرير الصحفي الذي أعده الزين عثمان، ونُشر بحسب صحيفة السوداني” بعدد الخميس، أورد الرأي الآخر الذي تم تغييبه أو تغيَّب بسبب عدم اقتناعه بما تم، واعتبر بعض من استطلعهم الزين أن ما تم تكرار للسيناريو القديم وتجريب المجرب، وذكر الزين في التقرير أن بعض الشباب منعوا من الدخول لقاعة الصداقة.

 

إن ما حدث في قاعة الصداقة الأربعاء الماضي لن يحقق وحدة قوى الحرية والتغيير التي يجب أن تتم من داخلها، كما لن يحقق قضايا الانتقال لأن هذه مسؤولية الحكومة الانتقالية التي ما زالت تعاني من حالات التشاكس المدني العسكري، والعسكري العسكري.

 

يحدث هذا الحراك الفوقي فيما ينتظر المواطنون تحقيق مطالبهم المستحقة في الإسعاف الاقتصادي ومعالجة الأزمة الاقتصادية والاختناقات المعيشية وبسط العدالة ومحاربة الفساد ومحاكمة المجرمين والفاسدين، وكلها قضايا متعثرة، فيما طفحت على سطح المجتمع تصريحات فوقية أخرى مثل إنشاء مفوضية محاربة الفساد وقيام الانتخابات في موعدها والحال في حاله.
مع ذلك لن تيأس الجماهير التي نجحت في إسقاط سلطة النظام السابق بكل تسلطه وجبروته، ولن تسمح لأعداء الوحدة والسلام والديمقراطية والعدالة بالتسلل وسط هذه السيولة السياسية للانقضاض على ثورة ديسمبر الشعبية.

 

لهذا لابد من اليقظة والحذر والاستعداد بدلاً من التراخي وتضييع الوقت في مثل هذه الاتفاقات الفوقية والتصريحات التي تريد إعادة عجلة الثورة للوراء، ولابد من الإسراع في تنفيذ برنامج الثورة الشعبية المعروف منذ التوقيع على إعلان قوى الحرية والتغيير الذي قدم للحكومة الانتقالية منذ تشكيلها الأول.

 

على الحكومة الانتقالية تكثيف جهودها العملية لاستكمال السلام الشامل العادل في الداخل وعلى الأرض، والإسراع بإعادة هيكلة القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى مع التنفيذ الحاسم لقرار مجلس الدفاع والأمن بجمع السلام خارج القوات الظامية دون استثناء وحسم التفلتات الأمنية، وعلى قوى الحرية والتغيير محاصرة الخلافات الحزبية والمهنية لحين قيام الحكم المدني الديمقراطي وبعدها فليتنافس المتنافسون عبر صناديق الاقتراع.
الثورة مستمرة ولا رجعة للوراء.

الخرطوم: (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى