تحقيقات وتقارير

على غرار أزمة المكونين.. انسداد الأفق السياسي..!

جمد المجلس السيادي الانتقالي التفاوض مع المجلس الأعلى لنظارات البجا بشأن حل أزمة شرق السودان الى حين إشعار آخر .. يأتي هذا التداعي فيما وصلت الاتصالات بين المكونين العسكري والمدني هي الأخرى لطريق مسدود في وقت سابق وتم على إثرها تعليق التفاوض بين الطرفين.. مراقبون للأوضاع السياسية يرون أن تفاقم الأزمات التي تحيط بالبلاد اليوم هي نتاج طبيعي لانسداد الأفق السياسي بين مكوني الحكومة (عسكر – مدنين) وبالتالي لحقت آثارها بكل أطراف العملية الانتقالية في البلاد وألقت هذه الأوضاع بظلال سالبة على وضعية شرق السودان الذي يناضل من أجل قضايا مطلبية نتجت عن اتفاق جوبا مؤخراً .. فهل سيعود أطراف العملية السلمية في الحكومة الانتقالية لطاولة التفاوض ولفتح باب الإصلاحات ليعم خيرها الجميع بما فيها أزمة شرق السودان..؟

تجيمد التفاوض
وقال الناطق الرسمي لمجلس نظار الشرق طه فكي، إنهم تلقوا خطاباً من عضو مجلس السيادي شمس الدين كباشي بتجميد المفاوضات بسبب تعليق الاجتماعات بين المكون العسكري والمكون المدني، نتيجة الخلافات بين المكونيين، ورهن فكي في تصريح التفاوض والجلوس مع الحكومة الانتقالية إلا بإلغاء مسار الشرق كشرط رئيس ولا يمكن التنازل عنه، وقال إن مبادرة حزب الأمة القومي برئاسة فضل الله برمة ناصر مشترط قبولها إلا بإلغاء مسار الشرق، وأكد أن الإغلاق سيكون مستمراً لحين تجاوب الحكومة للمطالب التي أولها إلغاء مسار الشرق، وأنهم في انتظار خطوة جادة من الحكومية الانتقالية.

أهيمة الشرق
فيما يقول المحلل الاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي أن الشرق يستقبل عابرين نظاميين براً وبحراً وجواً، واستيراد السيارات والشاحنات بالآلاف، فهو أحد أهم المصادر لاستقبال المركبات بشكل كبير ومن بعدها يتمّ توزيعها على جميع المناطق في السودان، بل هو المصدر الوحيد لاستيراد السيارات في السودان، وأن الشرق هو الدعامة الرئيسية التي ترتكز عليها البرامج التنموية للدولة، وهناك دور كبير لشرق البلاد، مضيفاً أن تأثيره في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالشرق يعتبر أهم المناطق الرئيسية للموانئ البحرية السودانية التي تأتي محمّلة بالبضائع وإدخالها (الواردات)، فهو خط تجاري بحري يتم استقبال جميع الموارد التجاريّة ثم نقلها لجميع المناطق الموجودة داخل السودان كما يعتبر مصدراً لتصدير المنتجات السودانية أهمها الصادرات الحيوانية نظراً لاعتماد السودان على الواردات في تغطية أكثر من 60% من احتياجاته الرئيسية، إضافةً إلى اعتماد عدد من بلدان الجوار السوداني، منوهاً الى أن التأثير سيظهر في الأسواق المحلية والمجاورة من خلال ارتفاع أسعار السلع المستوردة و مع احتمال ندرة بعضها مع احتمالية تأخير الشحنات الحيوية ونقص نفط في البلاد، وتعطل سلاسل توريد النفط، ذلك يعمل على فشل مشاريع اقتصادية استثمارية (حكومية أو قطاع خاص) بسبب عدم وصول المعدات ومدخلات الإنتاج في الموعد المحدد مما يعطل المسار التنموي في البلاد، ويضر بمصالح جميع السودانيين في حصولهم على الاحتياجات الضرورية، مما يؤثر في تنفيذها في الوقت المحدد والتأثير على الإنتاج والإنتاجية خاصةً لمدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي.

توظيف مضلل
ويقول الخبير العسكري الفريق أول ركن حسن يحي محمد إن كلمة (المدنية) وظفت أثناء الحراك السياسي توظيفاً خاطئاً بواسطة قوى الحرية والتغيير مقصوداً لذاته بشحن الجماهير بشعارات مضللة تتمثل في أن من المفروض أن يحكم المدنيون البلاد وليس العسكريون، وكانت تلك هي بداية الاستعداء المبكر للعسكريين. قوى الحرية والتغيير بهذا المفهوم الخاطئ للمدنية وضعت المدنية مقابل العسكرية بقصد إقصاء العسكريين من الحكم. لتصحيح المفهوم الخاطئ للمدنية فلا بد من الرجوع إلى القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي عرفت المدنية بأنها (تعني سيادة حكم القانون ودولة المؤسسات)، والنظام والشفافية والرقابة والمحاسبة والعدالة والمكاشفة والصراحة والحوكمة وأنه لا سلطة لحكومة مدنية إلا إذا كانت منتخبة، السؤال هنا: هل يوجد شخص واحد من المدنيين الذين يسيطرون على السلطة في البلاد في غفلة من الزمن يملك زمالة الأكاديمية العسكرية العليا؟ المدنيون حكموا البلاد لمدة ثلاثة عشر عاماً حكمت منها قحت عامين ولم تفتح جدولاً صغيراً وإنجازاتها التي تتحدث عنها اليوم هي عبارة عن صفر كبير والسودان اليوم يسير بإنجازات العسكريين الذين تولوا السلطة في البلاد عن طريق الانتخابات. رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب مهندسه هو البرهان الذي يناصبونه العداء اليوم، أما حمدوك فدوره في هذا المجال لا يتعدى (go on) حيث بارك مبادرة البرهان في إصلاح علاقات السودان بإسرائيل عندما طرح له مبادرته. أما تحسن الوضع الاقتصادي فهو غير محسوس بالرغم من ادعاءات المسؤولين. النظام السابق كان محاصراً منذ استلامه للسلطة وكانت مديونية البلاد تساوي ٦٠ مليار دولار وجالون البنزين كان سعره ١٨ جنيهاً وسعر جالون الجازولين ١٤ جنيه وسعر جالون البنزين اليوم أصبح ١٥٠٠ جنيه وسعر جالون الجازولين أصبح ١٤٠٠ جنيهاً وسعر قطعة الخبز كان جنيهاً واحداً واليوم سعرها أصبح ٣٠ جنيهاً والدولار كان سعره يساوي ٥٨ جنيهاً واليوم أصبح يساوي ٤٥٥ جنيهاً. أين هو التحسن الاقتصادي الذي يتحدثون عنه اليوم؟ أين ذهبت عائدات رفع الدعم لأنها لم تنعكس على الخدمات والإنتاج. أين ذهبت عائدات القومة للسودان. المدنية تعني الشفافية والمكاشفة والصراحة.

أغرب الأسباب
ويرى القيادي بالحرية والتغيير بشرى الصائم أن أسلوب الحكومة في التعامل مع قضية الشرق أسلوب خطأ، مؤكداً أن تعليق الحكومة للمفاوضات مع الشرق لمدة 23 يوماً في حد ذاتها تعليق، مشيراً في تصريح إلى  أن عملية تعليق التفاوض مع البجا بسبب الخلافات بين المكون المدني والمكون العسكري سيعود بشكل سلبي على المواطنين بسبب أزمات اقتصادية مثل انتهاء القمح والأدوية وغيرها من احتياجات المواطن اليومية، وأن الحكومة علقت المفاوضات من أجل خروج الشارع ضد أهل الشرق وخلق أزمة قبلية جديدة في الشعب، وأضاف بشرى أن تجميد المفاوضات بسبب خلافات بين المكون العسكري والمدني هذا أغرب سبب، ولا علاقة له بحل أزمة الشرق.

تقرير – رفقة عبدالله
الخرطوم: (صحيفة اليوم التالي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى