حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: الانتخابات المبكرة..قميص عثمان

للسلطة العسكرية المسيطرة على أوضاع البلاد بوضع اليد وقوة السلاح، كرت لا تفتأ ترفعه وتلوح به عند كل خطب يصيبها أو غاشية تغشاها، هو كرت الانتخابات الذي أصبح مثل قميص سيدنا عثمان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين الذي أشتهر وأصبح مثلاً سائراً منذ مقتله رضي الله عنه وإلى يوم الناس هذا، فمنذ أن خلعت السيدة نائلة بنت القرافصة زوج سيدنا عثمان -كما تقول إحدى الروايات- عن جثمانه القميص الذي كان يرتديه حين قتل غيلة وسلمته لأحد الصحابة وكلفته بأن يذهب به إلى معاوية بن أبي سفيان إبن عم الخليفة وأمير الشام وقتها ليسلمه القميص وعليه آثار الدماء الطاهرة ويقول له يا معاوية أنت ولي الدم، من حينها أصبح هذا القميص كرتا للمزايدة والإثارة والاستثارة والتحريض، حتى أن سيدنا معاوية لم يتردد بناء على نصيحة عمرو بن العاص من استخدام القميص لتهييج مناصريه في معركة صفين وإستثارة حماستهم للقتال ضد سيدنا علي كرم الله وجهه حين يرى فيهم تراخيا وفتورا، وهكذا هؤلاء العسكريون منذ تنفيذ انقلابهم المشؤوم، ظلوا يمارسون الإثارة والاستثارة والمزايدة بقميص الانتخابات، الذي جعلوه مثل قميص عثمان، ذلك أن الانتخابات حتى لو أقيمت في موعدها المحدد بالوثيقة الدستورية في ظل الظروف المعلومة لن تفي بالمعايير المطلوبة وستكون انتخابات ناقصة ومشوهة وستتم على طريقة (عدي من وشك)، دعك من اقامة انتخابات مبكرة..
يبدو واضحا ان لا مرجع للانقلابيين سوى كتاب النظام البائد يقرؤون منه ويطبقون وصفاته، ومنها وصفة الانتخابات، واذكر ان النظام البائد في محاولة منه للخروج من احدى ورطاته وزنقاته، قرر ان يجري انتخابات في غير أوانها ودون الوفاء بمتطلباتها وبمن حضر، وكان تعليق الامام الصادق المهدي رحمه الله على تلك الانتخابات بانها كالصلاة بدون وضؤ، والصلاة بدون وضؤ لا تجوز طبعا، ورغم عدم جوازها إلا أن البعض قد فعلها تقية ورهبة أو تزلفا وتملقا، وأنا على ذلك من الشاهدين، خاصة على أيام هوجة التمكين التي جعلت في كل وزارة مسجدا، وفي كل وحدة إدارية مصلى، فنشأت وقتها مئات المساجد الضرار رغم أن الله تعالى قد جعل كل الأرض مسجدا، وليت هذا التهافت الديني المظهري الظاهري قد تم يومئذ والبلاد في سعة ودعة في اقتصادها ومعاشها وأمنها واستقرارها، ولكنه للأسف تم على طريقة بئر معطلة وقصر مشيد، الشاهد إن أهمية وحتمية الانتخابات عند الانقلابيين لا أظنها تخفى حتى على من لا زال يحبو في بلاط السياسة، أيا كانت الصورة التي ستأتي عليها هذه الانتخابات، عرجاء، عوراء، كسيحة أو حتى جثة، فإجراء الانتخابات في الظروف العامة التي يكابدها السودان اليوم تبدو أمرا مستحيلا في ظل السيولة الأمنية والتدهور الاجتماعي والانهيار الاقتصادي، وإذا حدث وتمت فإنها ستدخل البلاد في أتون صراعات ربما تفضي الى مزيد من التفكك، وقد تمكن مجموعات معينة من العودة إلى الحكم وعلى رأسها بطبيعة الحال مجموعة النظام البائد وفلولهم..

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى