منوعات وفنون

أدب الخمريات .. للسودان نصيب

الخمر وما أدراك ما الخمر بقدر ما شغلت أفئدة وعقول الكثيرين من معاقريها وسمار لياليها بقدر ما أفرزت فنًا وأدبًا خاصًا بها اسماه المختصون اصطلاحًا بأدب الخمريات باعتباره ضربًا من ضروب الشعر له معجبوه ومرتادوه ولو أن هنالك بعض الأبيات الخمرية تأتي عرضاً بين أبيات القصائد المختلفة إلا أن هناك من تفرغوا خصيصًا لذلك الفن خصوصًا من شعراء العصر الجاهلي الذين كانوا يتعاملون مع الخمر كثقافة مجتمع وإرث تاريخي قديم ويظهر ذلك في كلماتهم المفتاحية وعباراتهم الابتدارية في أشعارهم حتى في صدر الإسلام وإن بدت الأبيات خجولة بعض الشيء مما كان عليه في العصر الجاهلي إلا أن العصر الإسلامي تفرغ فيه بعض الشعراء للكاتبة في ذلك المجال كأبي نواس وجرير والفرزدق وغيرهم .

(1)
شعراء الخمريات انقمسموا إلى قسمين في تناولهم لذلك الأدب القسم الأول منهم تراه يفتخر بصولاته وجولاته وفروسيته بعد معاقرته للخمر مثل عمرو بن كلثوم الذي يستعرض الخمر في سفره وترحاله وهو يحكي ويسرد لأصدقائه ويقول لهم .
وَكَأسٍ قَد شَرِبتُ بِبَعلَبَكٍّ – وَأُخرى في دِمَشقَ وَقاصِرينا
وَإِنّا سَوفَ تُدرِكُنا المَنايا – مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدَّرينا
إلا ان بعض النقاد قالوا بأن عمرو بن كلثوم يعتبر من الفريقين المفتخرين بشربها والمفتخرين ببطولاتهم وامجادهم عندما يعاقرونها ومن الشعراء المجيدون لوصفها اذا ماوصفوها خاصة عندما يقول ابن كلثوم
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فِيْهَـا — إِذَا مَا المَاءَ خَالَطَهَا سَخِيْنَـا
اما عنترة بن شداد شأنه كشأن عمرو بن كلثوم ايضا يحاول ان يفتخر بامجاده وبطولاته عندما يعاقر الخمر لذلك كان عندما يحتسيها ويمر بدار محبوبته عبلة وهو في قمة سكره ينشد ويقول
هلا سألت الخيل يا ابنـة مالـك – إن كنت جاهلة بما لـم تعلمـي
يخبرك من شهد الوقيعـة أننـي – أغشى الوغى وأعف عند المغنمي

(2)
اما الصنف الثاني منهم فهو من يتلذذ بوصفه الجميل والدقيق معًا لنشوة الخمر ولذة اوقاتها وبرز من هؤلاء الشاعر كعب بن زهير الذي يعتبر من الشعراء الذين ولدوا في العصر الجاهلي وكتبوا اشعارًا كثيرة في حقبته ثم اختلف شعرهم وقريضهم بعد دخولهم الإسلام فهو شاعر اللامية الشهيرة :بانت سعاد وقلبي اليوم متبول” فقد قال كعب في وصفه للخمر
تجلوعوارض ذي ظلمٍ إذا ابتسمتَ- كأنّه منهلٌ بالرّاح معلول
شجّت بذي شبم من ماءٍ محنيّة – صافٍ بأبطح أضحى وهومشمول
ولعظم ومكانة الخمر في العصر الجاهلي كانت لها أسماء عديدة منها السلاف والقرقف والراح والعقار والمدام والرحيق والصافي والعقيق والكميت ثم المشعة والصهباء والشموس والخندريس –والحانية والماذية والحميّا والمعتقة …إلخ
يزيد بن معاوية شاعر “وأمطرت لؤلؤً من نرجس” كان من أروع الواصفين للخمر حيث قال:
ومدامةٍ حمراءَ في قارورةٍ … زرقاءَ تحملها يدٌ بيضاءُ
فالراحُ شمسٌ والحبابُ كواكبٌ … والكف قطبٌ والإناءُ سماءُ
فقد قيل إن ذلك البيت يعتبر من اروع ما قيل في وصف الخمر على الإطلاق إلا أن بعض النقاد قالوا بأن وصف مجنون ليلى كان عميقًا وبليغًا وهو يقول:
تَدَاوَيْتُ مِنْ لَيْلَى بِلَيْلَى عَن الْهَوى . . كمَا يَتَدَاوَى شَارِبُ الخَمْرِ بِالْخَمْرِ
إلى أن يصل فيه البيت القائل فيه ،
لقد فضلت ليلى على الناس مثل ما . . على ألف شهر فضلت ليلة القدر

(3)
ولأدب الخمريات مساحة واسعة في الشعر السوداني عامة والشعر الغنائي بصورة اخص فانظر للاخيلة البديعة وقوة النظم والجرس الموسيقي العالي للشاعر عمر الطيب الدوش في رائعته “سعاد” وهو يقول:
وركزت للحرقة المشت فوق الضلوع تحت الجِلد
ضميت قزازتي مرقت عن طرف البلد
و سكرت جد
إلى أن يكتمل بدر الروعة في قوله:
لاقتني هي
قالت (تعال)
كبرت كراعي من الفرح
نص في الأرض نص في النعال
ولمثل ما للعرب في الجاهلية أسماء كثيرة للخمر أيضًا توجد أسامي كثيرة للخمور البلدية في السودان إلا أن صنف واحد من الخمور اشتهر وعرف بعدة أسماء كما جاء في كتاب الأديب الراحل الطيب محمد الطيب (الانداية) والمشروب هو (المريسة) وهو الأكثر شيوعًا في القرى والعديد من المدن السودانية وهي ومن أسمائها (ﺍﻟﺪﻛﺎي، ﻭﺃﻡ ﺗﻒ، البوذة، ﺃﻡ ﺑﻠﺒﻞ، ﺍﻟﻌﺴﻠﻴﺔ، بت العيش، ﺍﻟﺒﻘﻨﻴﺔ، الغبيشة، ﺍﻟﺤﺴﻮﺓ، ﻛﺒﺲ ﺍﻟﺘﻮﺭ، ﺍﻟﺒﻐﻮ، الدامبكسة)

(4)
شاعرنا سيد عبد العزيز قدم لوحة فنية جميلة أضفى عليها من روح السكر الحسي والمعنوي وذلك عندما كان في طائرة وأعجب بالمضيفات اللائي قمن بخدمته برقي كامل ووصفهن وقال:
عملت ليك أسباب الراحة العجاب أحسن ماعرف الوجود أشبه بي نعيم الخلود الفي الكتاب
حتى وجدت تلك الفقرة الأخيرة من ذلك البيت انتقادًا كبيرًا من رجال الدين إلى أن يصل أبو السيد فى قوله:
شرينا كاسات الهناء دور منهن درو مننا
السكر الحسي والروحي والمعنوي زين جيد عدد من القصائد والأغاني ولكننا نرى أن كثيرًا من الناس يتفقون مع الشاعر المتصوف محمد ابن أبي السعادات الذي قال:
” فشارب الخمر يصحو بعد سكرته .. وشارب الحب طول العمر سكرانا”

سعيد عباس
الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



‫3 تعليقات

  1. عنوان مستفز جدا
    الحمد معظم من ذكرت ليسو بسودانيين بل من شعراء العصر الجاهلي
    لكن الغرض من المقال تمرير أجندة خبيثة
    ان شاء الله السودان واهل السودان ليسو كما تتمنى وترجو

  2. نسيت أشهر و أبلغ وصف قيل في الخمر و هو

    كميّة اذا شجّت و في الكأس وردة لها في عظام الشاربين دبيب

زر الذهاب إلى الأعلى