تحقيقات وتقارير

القوات الأمنية ترتكب مجزرة جديدة وسط الخرطوم

سقوط 7 شهداء وأكثر من 117 جريجاً حالتهم خطرة

 

قوى الحرية والتغيير تدعو للعصيان المدني الشامل … الخرطوم ليست وحدها الولايات تنتفض … تعلن أسرة الجريدة توقفها عن الصدور (ورقياً) لمدة يومين ، على أن تستمر في تغطية الأحداث الكترونياً وعلى صفحتها بالـ(فيسبوك) …

 

أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية عن مقتل سبعة أشخاص خلال مليونية 17 يناير، وقالت اللجنة في بيانها إن ما يقارب من مائة آخرين أصيبوا خلال التظاهرات بالرصاص و غيره من الأسلحة النارية، وأعلنت لجان المقاومة في ولاية الخرطوم التصعيد والتتريس وإغلاق الخرطوم حداداً على الشهداء ومن ناحية أخرى دعت قوى الحرية والتغيير إلى العصيان المدني الشامل، رداً على مجزرة اليوم واستمراراً للغضب الشعبي والمقاومة السلمية الباسلة، ودعت كل جماهير الشعب للدخول في عصيان مدني شامل لمدة يومين إعتباراً من الغد، وقالت: “لتكن فترة العصيان لتجميع قوانا الثورية وتوحيدها وتجهيزها لخوض المعركة الحاسمة لإسقاط سلطة الإنقلاب”.

بعد سقوط 7 شهداء بالرصاص الحي في مليونية 17يناير بلغ عدد الشهداء الانقلاب منذ 25 أكتوبر وحتى كتابة هذا التقرير 71 شهيداً، وقد ندد نشطاء وسياسيون ومراقبون بالاستخدام المفرط للقوة، واستخدام الرصاص الحي، في مواجهة المتظاهرين السلميين، في مليونية الـ 17 من يناير، ويجي ذلك في أعقاب حملة شرسة على الحريات، وإغلاق قناة الجزيرة مباشر، وبالتزامن مع اللقاءات التي ابتدرتها بعثة الأمم المتحدة لإجراء مشاورات لاطلاق عملية سياسية بمشاركة أصحاب المصلحة لإنهاء حالة انسداد الأفق السياسية الذي ظلت تعيشه البلاد منذ 25 أكتوبر.

حوالي الساعة الرابعة عصراً، عادت قوات الأمن المكلفة بمهمة منع المتظاهرين من الوصول إلى القصر، عادت من ناحية موقف شروني، الهتاف والصراخ الهستيري وأبواق سياراتهم، وصافرات الجنود تعلو المكان، أحد جنود الاحتياط المركزي أطلق نحو السماء عبوة غاز مسيل للدموع، فيما يشبه الاحتفال بالنصر، وانتشرت القوات عائدة نحو القصر وتمركزت في نقاطها على طول شارع القصر، في تقاطع شارع السيد عبدالرحمن مع شارع القصر، ومنعت السيارات من العبور بالطريق وأمرتهم باتخاذ طرق بديلة، كان ذلك قبل أن تأمر أصحاب المحال التجارية وسط الخرطوم بإغلاقها، وبعد أن واجهت مواكب المتظاهرين القادمة من موقف باشدار جنوب الخرطوم، حيث تصد القوات المتظاهرين ومنعتهم من التقدم، في موقف شروني والخرطوم ثلاثة، منذ الساعة الواحدة وحتى الرابعة عصراً.

 

في الوقت الذي تعود فيه القوات الأمنية نحو القصر الرئاسي، صافرات سيارات الإسعاف تستأذن بالدخول إلى بوابات قسم الحوادث والإصابات، بمستشفى فيصل، ومستشفى الجودة، العشرات من الجرحى بالرصاص الحي، بلغ الأمر أن أطلقت لجنة الأطباء المركزية نداءً عاجلاً، ذكرت فيه أن “السلطة الإنقلابية تستعمل الرصاص الحي والدوشكا والقنابل الصوتية والغاز المسيّل للدموع لفضّ مليونية 17يناير في الخرطوم ما أدى الى سقوط جرحى ومصابين جاري حصرهم”. وكذلك ناشدت اللجنة المركزية للمختبرات الطبية في نداء عاجل للمواطنين والمواطنات بالتوجه للتبرع بالدم في بنك الدم بمستشفى التميز، لتغطية الحاجة الماسة الناتجة من العنف المفرط واستخدام الرصاص الحي تجاه المواكب السلمية من قبل من وصفتهم بـ”مليشيات الإنقلاب العسكري”.
الأطباء في مستشفى فيصل بقسم الطوارئ يدخلون ويخرجون ويعملون كخلية نحل، وقفت سيارة الإسعاف أمام باب المستشفى، وأنزل الأطباء بسرعة، المصاب أحمد، برفقته أحد المتظاهرين من رفاقه في الثورة، “الجريدة” سألته عن طبيعة الإصابة، أكد أنها بالرصاص الحي، وقال بأن الاصابات غالبها بالرصاص الحي، وأن القوات هذا اليوم أطلقت الرصاص الحي مباشرة نحو المتظاهرين، بخلاف ما كانت تفعل سابقاً. كان أحمد أيضاً مصابٌ بالرصاص الحي، وقبل أن يستقر داخل قسم الطوارئ، جاءت سيارة أخرى تحمل مصاباً آخر، وكان الأطباء في مستشفى الفيصل يتهامسون بأن عدد المصابين في مستشفى الجودة بلغ رقماً كبيراً، وبالتالي لابد من ذهاب بعضهم إلى هناك، وتحركت بسرعة سيارات الأطباء نحو مستشفى الجودة، حيث العدد الأكبر من الجرحى والشهداء، ورفاقهم يعتصمون ويهتفون أمام المستشفى، يرددون شعاراتهم الثورية المطالبة بالقصاص والمحاكمات العادة، وتندد بالمجزرة التي ارتكبتها السلطة بحق المتظاهرين السلميين.
الأخبار عن الجرحى والمصابين والشهداء تتوالي، أصيب عدد كبير بالرصاص الحي، أصيب الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة، أحمد عصمت، وأصيب معه أكثر من مائة من شباب لجان المقاومة، وامتلأت أقسام الطوارئ بالمصابين.

على رأس كل ساعة، يأتي خبرُ استشهاد أحدهم، “شهيد تلو الشهيد” كأنما هم في سباق نحو الموت، حملت الأنباء موت الشهيد عثمان الشريف، وحسن إبراهيم، والشهيد سراج الدين أحمد، والشهيد مضوي دياب، والشهيد عثمان عبدالله، والشهيد الحاج مالك، وغيرهم من خيرة الشباب، ضجت بهم حزناً وسائل التواصل الاجتماعي، وما يزال موكب الشهداء مستمراً، يشارك فيه عدد من الشباب الذين يقدمون أرواحهم فداءً من أجل الدولة المدنية التي يحلمون بها.

ردود أفعال غاضبة
نشطاء سياسيون وصفوا ما حدث بأنه مجزرة، وإثر ذلك، خرجت شوارع عديدة في الخرطوم غاضبة من سلوك القوات الأمنية العنيف، واستجابت للدعوات الواسعة لإغلاق الطرق بوضع المتاريس احتجاجاً على قتل المتظاهرين، وأطلقت تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم نداءً الى الثوار والثائرات، أعلنت فيه التتريس والتصعيد الكامل لكل شوارع مدينة الخرطوم.

 

ومثلها فعلت تنسيقيات لجان مقاومة مدينة أمدرمان الكًبرى، وذكرت في بيان لها أن : “آلة الإنقلاب العسكري، ترتكب مجزرة في أبناء هذا الشعب الكريم” وأضافت: “ستحسم هذه المعركة بالصبر والصدق، وستُشيع اللجنة الأمنية للسجون بحق سفكها لدماء السودانيين”.

 

وأهابت التنسيقية بجميع أبناء أم درمان في أمبدة، ودار السلام، وكرري، وأم درمان القديمة وجنوب أم درمان بالخروج وإغلاق الشوارع كلياً، حداداً على الشهداء وغضباً من عسف السلطة، وأكدت في ختام بيانها: “لنعلن أمدرمان منطقة مقفولة”.

تجمع المهنيين بدوره لحق بنداء لجان المقاومة، وقال في نداء له: “قوات ومليشيات الاحتلال التابعة للمجلس العسكري الانقلابي ترتكب مجزرة في حق شعبنا الشامخ بحملاتها الهمجية و الانتقامية في مواجهة الثائرات والثوار السلميين العزل في مليونية ١٧ يناير ٢٠٢٢م، وتشير التقارير الميدانية إلى ارتقاء عدد من ثوارنا الكرام نترحم على أرواحهم، وسقوط أعداد كبيرة من الجرحى والمصابين”.

ودعا التجمع الثائرات والثوار وفقاً لما أعلنته لجان مقاومة الخرطوم بالتصعيد الثوري والتتريس واتباع تعليمات اللجان الميدانية، وناشد الأطباء والجراحين والممرضين للتوجه للمستشفيات بالعاصمة لإسعاف المصابين وتقديم الخدمات الطبية اللازمة.

*العصيان المدني الشامل
دعت قوى إعلان الحرية والتغيير إلى العصيان المدني الشامل، وقال بيان صادر عن المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير حول ما سماها” مجزرة ١٧ يناير التي ارتكبتها السلطة الانقلابية” وقال البيان: “إن السلطة الإنقلابية واصلت إرتكاب المجازر في حق شعب أعزل خرج يطلب حريته وكرامته، فقابلته بزخات الرصاص والمدافع المضادة للطائرات وكل أشكال العنف العاري، الذي يدلل على إجرام هذه السلطة ووحشيتها ويؤكد عزلتها وذهابها المتعجل لقدرها المحتوم وهو السقوط المدوي والتشييع لمزابل التاريخ”.
وأوضح البيان بأن قوى الحرية والتغيير إذ نترحم على شهداء الثورة السودانية فرداً فرداً تؤكد أن أرواحهم الطاهرة لم ترتقي سُداً، وأن المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم سيحاسبون بجرمهم وأن ما ناضلوا من أجله سيتحقق في وطن لن يظلم أو يقتل فيه أحد.

 

وأكدت بأنها رداً على مجزرة اليوم واستمراراً للغضب الشعبي والمقاومة السلمية الباسلة، تدعو كل جماهير الشعب للدخول في عصيان مدني شامل لمدة يومين إعتباراً من الغد، وزاد البيان: “لتكن فترة العصيان هذه فترة لتجميع قوانا الثورية وتوحيدها وتجهيزها لخوض المعركة الحاسمة لإسقاط سلطة الإنقلاب”.

“أوقفوا المجازر ضد شعبنا”
بعثت شبكة الصحفيين السودانيين برسالة ونداء، إلى الأحرار في كل العالم، والحالمين بانتصار الإنسان وتحرره، والشعوب المحبة للسلام، والمنظمات والجماعات التي ترفع شعارات العدالة والحرية، والعاملين في مجالات حقوق الإنسان، وناشدتهم بالوقوف مع شعبنا في قضيته العادلة من أجل الحرية والعدالة والسلام ضد ما اعتبرتهم “الطغمة العسكرية الهجين”، المُتحالفة مع فلول النظام الإسلامي البغيض بحسب بيان الشبكة، وأضافت: “الذين ينصبون المجازر المُروِّعة ضد جماهير شعبنا الثائر”.

ووصفت الشبكة في بيانها قائلة إن الشهداء الذين ارتقوا اليوم، على يد الأجهزة الأمنية والعسكرية التي واجهت جماهير الشعب الأعزل بالرصاص والدوشكات والمعدات العسكرية القتالية، وصفت ذلك وكأن ما يجري حَربٌ حقيقيّةٌ وليست مواكب سلمية لجماهير آمنت بالحرية والعدالة والثورة.
وأضافت: “إنّ جماهير شعبنا لن تحيد عن طريق النضال مهما فعل المُحتلون الجُدد، ومهما زادوا من ترسانتهم العسكرية، فقد اختار الشعب طريق الحياة ولا بد أن يستجيب القدر”.

وذكرت الشبكة بأنّ الوقت قد حان لإعلان الإضراب السياسي العام والعصيان المدني الشامل والتتريس الكامل، لغل ما اعتبرتها يد العدو من التغلغل إلى الأحياء السكنية لشن حملات المُطاردة واقتحام المنازل والتفتيش والاعتقال ضد الثوار السلميين.

الخرطوم ليست وحدها.. الولايات تنتفض
لم تكن الخرطوم لتسير وحدها، فقد خرجت  ولاية الجزيرة، محلية ود مدني، في مظاهرات حاشدة منددة بما اعتبرته الانقلاب العسكري والعنف المُمنهج مطالبين بمدينة الدولة، خرجوا في شارع النيل بودمدني، حيث تجمعوا في الساعة 12:30 أمام صيدلية الخير لمناقشة الإطار العام للإعلان السياسي المقترح من قبل لجان مقاومة ودمدني مع الجماهير، قبل انطلاق الموكب، وأوضحوا أن الإعلان كاملاً سينشر قريباً، وتوجهت المواكب وفق مساراتها وواجهت قمع مفرط بإستخدام الرصاص الحي على المتظاهرين العُزل، وأسفرت عن إصابة ثائر بإصابة بالرصاص الحي في العنق، وخرجت كذلك المناقل لمواصلة حراكها الثوري.

في شرق السودان، ما تزال تخرج بورتسودان، والتي خرجت مرة أخرى في مليونية 17 يناير لتجدد عهدها ووعدها في الالتزام وعدم التخلف عن الركب الثوري، المطالب بالحكم المدني، تحرك موكب بورتسودان من السوق المركزي مروراً بمباني إدارة شركة الكُهرباء، واتجه أخيراً الى فعاليات مشتركة في أتحاد الأدباء والفنانين لتأبين الراحلين مصطفى سيد أحمد ومحمود عبد العزيز، وحضور مسرحية اجارياي التي تناقش صراع اقليم الشرق من منظور مختلف، كما شاركت ولايتي كسلا والقضارف في مواكب 17 يناير، ولم تتخلفات عن النضال الثوري الذي يدعو إلى السلطة المدنية ومحاسبة المجرمين.

في النيل الأبيض، خرجت محليتي كوستي وربك تنديداً بما اعتبرته الانقلاب العسكري ومناهضة ومطالبة بالحكم المدني وتسليم الجناة وخضوعهم لمحاكمات عادلة.

كما خرجت الدمازين، في النيل الأزرق، تجدد العهد وهي التي انطلقت أولى شرارات ثورة ديسمبر المجيدة منها، مطالبة بذات المطالب وتدين الانتهاكات منذ الخامس والعشرين من أكتوبر، وقد عبرت كُبري الروصيرص متجهة الى منزل الشهيد حذيفة محمد، الذي كان قد أستشهد في مواكب أم درمان في يناير 2019 واطلقت على الموكب أسم “موكب العبور”.

مواكب دارفور
خرجت محلية الفاشر بشمال دارفور في مليونية السابع عشر من يناير كما أنضمت لها محليتي نيالا بجنوب دارفور ومحلية الجنينة بغرب دارفور، مطالبين بالتنحي الفوري للعسكر من مقاعد الحكم وتسليم السلطة للمدنيين، كما طالبوا بالمحاكمات الفورية للمتورطين بقتل الثوار.

في كل من سنار والأبيض وكادوقلي خرجت أعداد غفيرة من المتظاهرين تندد بالانتهاكات وتطالب بالحكم المدني، استجابة لدعوة لجان المقاومة وجدولها الذي أصدرته مؤخراً للخروج في مليونيات يناير، والتي تهدف إلى إسقاط ما اعتبرته الانقلاب العسكري، وتأسيس اطار دستوري جديد، لتكون السلطة فيه بالكامل للمدنيين، على أن يذهب العسكر للثكنات، كما ظل يردد في هتافاتهم شباب لجان المقاومة.

   حافظ كبير

صحيفة الجريدة

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى