اقتصاد

استيراد السُّكّر في جوالات زنة 25 كيلو.. بوادر أزمة في الأفق!!

كشفت متابعات، عن سريان القرار الصادر من الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بتاريخ ٣ أكتوبر العام ٢٠٢١م بتعميم منشور للمستوردين بتاريخ 23 سبتمبر العام الماضي بإلزامهم بضرورة استيراد السكر في جوالات زنة 25 كيلو استناداً على قرارت وزاره الصناعة.

 

وقد تم تجميد القرار في وقت سابق لبعض الوقت، ولكن عادت المواصفات لتفعيله مجدداً، منبهة المستوردين بأنها لن تقبل أي شحنات بوزن 50 كيلو للجوال ابتداءً من الأول من يناير الجاري.

 

فيما كشف مصدر من الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، عن أن القرار تم اتخاذه بناءً على سياسات الدولة في مجال الاستيراد وعبر موجهات وزارة التجارة الخارجية، وعزا السبب في تطبيق قرار التعبئة في جوالات زنة ٢٥ كيلو منعاً للتهريب، ودعا المستوردين لتوفيق أوضاعهم في الاتجاه، وجزم بأن الهيئة لا تعمل منفصلة عن الجهات ذات الصلة باستيراد السكر.

 

ومن ناحيته، كشف خبيرٌ في مجال التجارة الخارجية أن القرار يفتقر إلى الموضوعية والعقلانية ويحمل في طياته قدراً كبيراً من عدم المسؤولية.

 

وأكد المصدر أن عمليات التهريب إن كانت موجودة فلن يوقفها وزن الجوال كونه 50 كيلو او 25، بل انّ الجوال زنة 25 كيلو ربما يكون هو الأيسر في عمليات المناولة، بالتالي يسهل عملية التهريب.

 

ولفت الى أن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس هي أقرب الهيئات الحكومية التي تتعامل مع نشاط التجارة الخارجية خاصة الاستيراد وهي تعلم قبل غيرها أن جميع المستوردين يتعاملون مع شركات عالمية لها وزنها في تجارة السكر العالمية، جميعها ملتزمة تمام الالتزام بقواعد تجارة السكر التي تنظمها بورصة متخصصة شأنها شأن بورصات السلع الأخرى وتتم وفق ضوابط صارمة تتعلق بالجودة والتعبئة والشحن والتفريغ يلتزم بها جميع الاطراف المتعاملين “المصنعين – المصدرين”، من بينها أن وزن الجوال في جميع عمليات الصادر هو 50 كيلو وان خطوط الانتاج لدى جميع المصنعين في دول المنشأ مصممة على هذا الوزن وأن جودة الجوال نفسه محددة بدقة.

 

 

ويرى الخبير، صعوبة إلزام جميع المصنعين حوال العالم والذين يتعاملون مع السودان ومعهم إدارة البورصة العالمية بتغيير خطوط الإنتاج لأسباب غير موضوعية، إضافة إلى أن هذا التعديل الذي وصف بالاقرب إلى الاستحالة من الناحية العملية إن تم فسيتحمّل المستهلك السوداني تكاليف اضافية لا داعي لها، وقال ان الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس بهذا التعميم ستوقف عمليات الاستيراد حتماً وستسبب في أزمة جديدة تُضاف الى سلة الازمات التي يُعاني منها المواطن السوداني. مبينا أن استهلاك السودان من سلعة السكر حوالي 2 مليون او تزيد سنوياً وان نسبة 85% تتم تغطيتها عن طريق الاستيراد فيما تساهم المصانع المحلية بنسبة 15% فقط.

 

ووفقاً لقواعد وضوابط تطبق على كافة المتعاملين في تجارة السكر. وأكد أن كافة المستوردين المحليين يتعاملون مع شركات لها سجل في البورصة و”البورد” العالمي، وقال إن قرار المواصفات يُعدل في القواعد العالمية فيما يتعلق بالتعبئة ويضاعف تكاليف الاستيراد بمبررات واهية، وأردف أن إغلاق منافذ التهريب يتم بتوفير الدعم الفني واللوجستي للأجهزة المختصة وزيادة المراقبة والمتابعة بدلاً من تحجيم عمليات الاستيراد بافتعال تعقيدات إدارية تؤدي إلى تقليص عرض السلعة في الأسواق وحدوث ندرة. وأقر بضعف إنتاجية السكر والتي قال إنها لا تتجاوز الــ 15% من حجم الاستهلاك البالغ ٢ مليون طن، ودعا هيئة المواصفات إلى مراجعة القرار الذي لا ينسجم مع تطلعات الحكومة للاندماج في المنظومة العالمية.

 

الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أكد أن السودان كان من المفروض أن يحقق الاكتفاء الذاتي من سلعة السكر عقب وصول الإنتاج ما بين ٧٥٠ الى ٨٠٠ ألف طن في العام والاستهلاك حوالي ١.٢ مليون طن والعجز حوالي ٤٠٠ ألف طن وتكلفة استيراد سنوية تتراوح ما بين ٢٥٠ الى٣٠٠ مليون دولار ارتفعت في الفترة الاخيرة الى ٥٠٠ مليون دولار وهو مبلغ ضخم جداً يتم استنزافه لاستيراد سلعة المفروض إنتاجها داخلياً، ولفت الناير إلى أن إنشاء مصنع سكر النيل الأبيض كان الهدف الأساسي منه انتاج ٤٥٠ ألف طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي للسودان دون الحاجة للاستيراد من الخارج ولكن للأسف الشديد نسبة للخلل سواء كان في دراسة الجدوى الاقتصادية او غيرها ظل الإنتاج في حيز ٥٠ الى٦٠ الف طن فقط وبالتالي لم يحقق الاهداف المرجوة، منوها الى ان تراجع انتاج السكر من ٧٥٠ ألف طن الى ٥٠٠ ألف طن تراجع مخيف جداً أثّر على زيادة حجم الاستيراد واستنزاف العملة الاجنبية، مشيراً لأهمية تماشي الضوابط الخاصة بالمواصفات مع النهج العالمي في هذا الأمر، وجزم بأن قضية القيود في العبوات الصغيرة اقتضتها الضرورة لتسهيل التوزيع داخلياً وربما استيراد العبوات الصغيرة من الخارج يؤدي إلى تعقيدات في قضايا كثيرة قد تؤثر في هذا الاتجاه، لذلك لا بد من الاحتكام الى المواصفات العالمية والمواصفات السودانية المجازة والتي تتوافق مع طبيعة السودان، وشدد على أن مثل هذه القرارات يجب عدم اتخاذها بصورة مُنفردة وإنما بالتشاور مع الجهات ذات الصلة وعلى سبيل المثال المستوردين للسلعة وصولاً الى رؤية تتوافق مع المواصفات العالمية لاستيراد سلعة السكر والمواصفات السودانية وعدم حدوث تعقيدات او خسائر للمستورد بن بصورة اساسية، وأضاف الناير من المفروض ان تبني السياسات على النهج الحواري وحتى السياسات النقدية لبنك السودان المركزي والموازنة العامة للدولة يتم عرضها على القطاع الخاص ومناقشتها وصولاً الى رؤى موحدة لتفادي التعقيدات.

 

ومن ناحيته، وصف مدير القطاع الفني السابق بشركة السكر السودانية محمد بله، القرار بأنه يمثل تكلفة اضافية بما ان غالبية مصانع السكر تعمل بوزن ٥٠ كيلو، وأردف بحسب صحيفة الصيحة: بأن صبابة السكر مصممة على إنتاج ٢٠٠ جوال زنة ٥٠ كيلو في الساعة الواحدة وقد تصل إلى ٦٠٠ جوال حسب سعة المصنع وبالتالي تقل كفاءة الصبابة من حيث العددية وتنقص السعة، مبيناً أن قرار هيئة المواصفات يعمل على إضعاف الكفاءة في التعبئة الى النصف، وذكر بأن مصنع جوالات السكر في عسلاية مصمم على تعبئة جوالات ٥٠ كيلو وفي حالة تطبيق قرار الـ٣٥ كيلو، فهناك قطعاً تعديلات كثيرة لا بد من إجرائها مما يضاعف التكلفة المالية ومواجهة اشكالات في التخزين خاصة وان زنة ٥٠ كيلو يتم تخزينها في شكل برج يحوي ١٢ ألف جوال على ارتفاع ١٢ متراً، ولم يستبعد تعرض الجوالات الى التلف والانزلاق في حالة ٢٥ كيلو وزيادة تكاليف الترحيل والعتالة.

الخرطوم: (كوش نيوز)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى