تحقيقات وتقارير

الضغط المعيشي.. هل يعزز من انفجار الوضع السياسي؟

ثمة تطورات جديدة يترقبها المتابعون للمشهد السوداني، جراء الضغط المعيشي لسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية المرتبطة بالوقود والكهرباء، مع تدني قسمة الجنيه السوداني أمام العملات الأخرى بعد استقرار نسبي استمر أكثر من (4) أشهر قبل قرارات البرهان، ويتوقع المراقبون انضمام فئات أخرى لصفوف المطالبين برحيل البرهان وحكومته الموصوفة بالانقلابية .

انفلات
الشعب السوداني في موعد مع معاناة معيشية أكثر قسوة، قد تصل إلى إعلان المجاعة وإفلاس الدولة السودانية، جراء الارتفاع المتوقع لكل الأسعار أكثرها أهمية السلع الأساسية والضرورية جداً. وبغض النظر عن تأثير قرار زيادة أسعار الوقود والكهرباء على الاقتصاد الكلي والإنتاج والصادر، قد يفرخ هذا القرار مزيداً من الحانقين على الحكومة ويدفعهم للخروج إلى الشارع لإسقاطها، وتوقع المراقبون أن يتكرر سيناريو سبتمبر 2013م ومزيد من العنف والدماء، وجرائم النهب والسلب المرتبطة بالوضع المعيشي .
ويتساءل البعض هل قرارات أكتوبر الموصوفة بالانقلابية ستكون القشة التي قد تقصم ظهر البرهان وفريقه العسكري، لما أفرزت من وضع سئ بعد توقف كل أشكال الدعم، وانفراط سعر الصرف بعد استقراره النسبي، كانت نتيجته تراجع معدلات التضخم.

صورة قاتمة
ورسمت المراصد صورة قاتمة للوضع السياسي في السودان في الأيام القادمة جراء الضغط المعيشي الذي سيتزايد مع الزيادات الكبيرة في أسعار الوقود، وتوقع مراقبون تردي الأوضاع السياسية أكثر مما هو عليه الآن، ويعتقد بعضهم أن الوضع يمضي نحو الانفجار نتيجة القرارات الاقتصادية من زيادات غير مسبوقة في أسعار الوقود والكهرباء، وبالطبع الخبز لتضاعف تكلفة نقل الدقيق ومدخلات الإنتاج الأخرى .

كلفة تسيير
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات المنادية بذهاب الحكومة الموصوفة بالانقلابية، وتسليم السلطة للمدنيين، يعتقد البعض أن الحكومة بقرار زيادة أسعار الوقود تدق أسفيناً بينها وبين الفئة الصامتة التي تقف في زاوية الحياد، وكانت تمني نفسها بوضع أفضل بعد استلام العسكر للسلطة، فلن تجد خياراً غير الخروج لرفض الحكومة الحالية، وكما وصفها المحلل السياسي سعد محمد أحمد وهي الفئة الأكثر فقراً وتضرراً من السياسات الاقتصادية الأخيرة، وعلى علات الوضع المعيشي يمضي الفريق الاقتصادي في قراراته الاقتصادية الأكثر قسوة في تاريخ السودان الحديث. ويقول سعد إن التظاهرات المناهضة للحكومة الانقلابية تقودها جماهير الأحزاب وشباب ثورة ديسمبر المجيدة الذي يبحث عن دولة مؤسسات، بينما إذا ازداد الضغط المعيشي على بقية المواطنين الذين لا علاقة لهم بالحراك الحالي، سينضمون إلى الصفوف المنادية بإسقاط السلطة الانقلابية، كما حدث في 2013م وربما قد يأخذ شكلاً أعنف من ذلك الوقت، وتساءل سعد “لماذا تصر الحكومة على وضع كلفة تسيير الدولة على عاتق المواطن المسحوق”؟؟.

وحمل سعد الانقلاب العسكري سوءات الوضع المعيشي والاقتصادي الراهن وقال (شهدت فترة حكم حمدوك استقراراً نسبياً في سعر الصرف وتراجعت معدلات التضخم، وهذا ساهم في استقرار سعر الوقود والسلع الأساسية رغم رفع الدعم عنها، ولكن بعد الانقلاب عادت السوق السوداء، ولضعف احتياطي النقد الأجنبي وتضاؤل مبالغ المزايدات التي يديرها البنك المركزي لبيع العملة الأجنبية بالسعر الرسمي يضطر المستوردون شراء العملة من السوق الأسود، وبالتالي لن يكون هناك استقرار وسيستمر تصاعد أسعار السلع الأساسية من وقود ودقيق وأدوية، مع زيادة أسعار العملة في السوق الموازي، وهذا الوضع سيخلق وضعاً سيئاً ويثير حفيظة المواطنين، وتزداد وتيرة رفض السلطة الانقلابية).

ارتباك
وفي ذات الإطار يقول د. عبد الحليم عمر عبد الحليم، الباحث الاستراتيجي في مركز سودان للدراسات الاستراتيجية، إن الحكومة لا تدري ماذا تفعل، وأضاف “هناك ارتباك واضح في قرارات الحكومة الاقتصادية بعد توقف الدعم الخارجي الذي كان يوفر قدراً من العملة الصعبة في البنك المركزي”، ويعتقد عبد الحليم أن الفريق الاقتصادي الذي يرسم سياسات الحكومة همه كيف يغطي عجز الموازنة دون دراسة مترتباته على المدى القريب والبعيد، وتابع (هؤلاء لا يعرفون أن الشعب السوداني إذا صمت على ممارسة السلطات الأمنية مع الثوار، لن يصمت على تدهور حالته المعيشية التي تسببت فيها الحكومة).
وتوقع عبد الحليم أن تنفجر ثورة جياع في المستقبل القريب وقال (لم يعد الوضع محتملاً مع الزيادات المتوقعة في السلع الضرورية ولهذا سيفعل أي شئ لتغيير الوضع).

أمر واقع
وأصدرت وزارة الطاقة قراراً بزيادة أسعار البنزين في الخرطوم (46) جنيهاً للتر الواحد ليصبح السعر 408 جنيهات (93 سنتا) للتر، في حين زادت أسعار الديزل بمقدار 44 جنيهاً لتصل إلى 390 جنيهاً للتر.
ويأتي قرار رفع سعر الوقود في الوقت الذي تشهد فيه البلاد ارتفاعات متكررة منذ العام الماضي، حيث يستكمل السودان عملية إلغاء تدريجي لدعم الوقود، تهدف إلى اتباع الأسعار العالمية.
وتأتي تكلفة الوقود المستورد من قبل الشركات الخاصة داخل مدينة بورتسودان بلغت (430) للتر البنزين و(410) للتر الجازولين.
وقال مصدر حكومي إن أسعار الوقود داخل الخرطوم ستكون أقل نسبياً من الولايات الأخرى، نسبة لإمدادها من البترول المنتج محلياً.
ويشهد السودان أزمة سياسية على وقع احتجاجات متواصلة عقب استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وانفراد البرهان بالسلطة، وهو ما يرفضه المحتجون الذين يطالبون بتنحي المكون العسكري وتسليم السلطة للمدنيين.

تقرير- نبيل صالح
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى