تحقيقات وتقارير

رفع الدعم.. أين يذهب العائد وماهي الأهداف ؟

بشكل أو بآخر.. أفرزت الظاهرة الاقتصادية واقع التضخم الركودي، بما في ذلك تحديات المستويات العالمية لأسعار السلع الاستراتيجية، و التي تظل تأثيراتها المباشرة على حياة المواطن يوماً تلو الآخر جراء تعقيدات المشهد برمته في هذا الزمان، ونظراً إلى زيادة أسعار الوقود والكهرباء، بالإضافة إلى رسوم خدمات حكومية جديدة، أو ربما ستكون ضربة قاصمة في ظل تردي الوضع الاقتصادي، وبالمقابل طرح اقتصاديون تساؤلات حول أين يذهب الدعم؟، والبعض يتساءل : ما هي الأهداف الحقيقية من خلال تنفيذ سياسات رفع الدعم سنوياً .

تحمل الضغط

لسنوات عديدة؛ ظل المواطن ينزعج من تكرار رفع الدعم عن أهم السلع التي تمثل عصبة الحياة، ولم يجد المواطن نفسه قادراً على تحمل الضغط بسبب تلك السياسات الاقتصادية التي تؤثر على معاشه بطريقة مباشرة، وما هو أصبح سائداً الارتفاع المتواصل لسعر الصرف من غير مبررات واقعية سوى ضعف الصادر وقلة الإنتاج في السنوات القليلة الماضية، لذا فإن المواطن لا يزال يرضخ استجابة للإصلاح الاقتصادي الذي اختارته الدولة إبان حكومة الثورة المجيدة.
التضخم الركودي
يرى الأكاديمي والاقتصادي بروفيسور ، عصام الدين عبدالوهاب بوب، أن كلمة رفع الدعم أصبحت ممجوجة، وقال لا تعبر عن الحقيقة، وتساءل أين هذا الدعم؟، وذكر أن المحروقات بأنواعها أغلى في أسعارها المحلية مقارنة بالمستويات العالمية، وذلك حتى دون النظر إلى فروق الدخل الهائلة التي يعيش فيها المواطن، وقال هذا بغض النظر عن الكمية التي ينتجها السودان من النفط، وأشار إلى الظاهرة الاقتصادية التي يمر بها السودان معروفة بالتضخم الركودي، ونوه إلى أن هذا معناه تباطؤ أو توقف الدورة الاقتصادية وهي سمة الركود مع اقتران ذلك بارتفاع أسعار السلع والخدمات.
ضربة قاصمة
ويعتقد في تصريح ل(اليوم التالي) أن المواطن ليس لديه ما يكفي استهلاكه وعلى الأرجح الحصول على استهلاك السلع الأساسية لجهة ارتفاع أسعارها، مشيراً إلى زيادة أسعار الوقود والمياه والكهرباء، بالإضافة إلى رسوم خدمات حكومية ستكون ضربة قاصمة، ودعا الدولة إلى أن توقف هذا السلب لجيب المواطن واستلاب معاشه، وأضاف أن من سيدفع الثمن هو المواطن، وناشد الدولة : يا من تمسكون كفى عبثاً بمقدرات الناس.

المدن والأرياف
فيما يرى المحلل الاقتصادي الدكتور، وائل فهمي بدوي، أن رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية من الشروط الإلزامية التي حددها صندوق النقد الدولي التي يجب أن توفي بها الحكومة، وأكد أن رفع الدعم عن الكهرباء ستؤدي تلقائياً إلى ارتفاع أسعار كل شيء؛ سواء في المدن و الأرياف، ويرى أن الحكومة الحالية، كما التي كانت قبلها حكومة الفترة الانتقالية، كلاهما لا يصرون فقط على رفع الدعم لمجرد الرغبة في ذلك، بل هو لأجل الوفاء ببنود اتفاق تم مع مؤسسات بريتون وودز في إطار مبادرة الهيبك المعززة منذ ١٩٩٩ و هذا ما تؤكده تقارير صندوق النقد الدولي المنشورة.
امتصاص الصدمات

واستبعد وجود أسباب منطقية لرفع الدعومات غير سوء كفاءة إدارة المؤسسات الحكومية بصفة عامة كما تشير إليها معدلات الارتفاع المستمر في الأسعار بصفة جوهرية، بسبب تنفيذ ذات هذه السياسات المالية والنقدية التضخمية التي تؤثر سلباً على أسعار الصرف بما يرفع تكاليف مدخلات الإنتاج (المستوردة) بكل وحدات الإنتاج بكل قطاعات الاقتصاد السوداني، واصفاً أنه عجز عن امتصاص الصدمات الاقتصادية وغير الاقتصادية، ويضيف.. مما يتسم الأمر بالهيمنة على مخرجاته الإنتاجية للقطاع الخدمي الذي تعادل نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي مجموع نسب القطاعات المنتجة للسلع المادية المرئية، والتي يحتاجها المواطن والتصدير أيضاً ، ولفت إلى أن سياسات الصندوق المكرر تطبيقها سنوياً منذ ١٩٧٨ هي نفسها تفرض سياسات رفع الدعم كإيرادات للخزينة العامة لإعادة تخصيصها وفق رؤي وأهداف القائمين على أمر الحكومة.
تباين الأهداف

وأشار د. وائل حسب إفادته ل(اليوم التالي) إلى تباين الأهداف التي تعلنها هذه الحكومات النيوليبرالية منذ حكم النميري في أواخر السبعينات في قضية رفع الدعومات منذ ذلك الزمان وحتى تاريخه، وألمح إلى وجود تبريرات بحجة القضاء على التشوهات التي يصنعها الدعم في الأسعار بالأسواق غير المحفزة للإنتاج، وتارة أخرى بأن الدعم هو سبب لتفاقم العجز بالموازنة العامة والذي يفرض طباعة النقود أو يفرض الاقتراض من الخارج بما يفاقم المديونية الخارجية، ويرى المحلل الاقتصادي أن هذين المصدرين هما من أهم أسباب مفاقمة أزمات التضخم والعجز بالحساب الجاري بميزان المدفوعات، وقال: إن بسبب الاستدانة من الخارج تزيد من زيادة معدلات الواردات بأعلى من معدلات نمو الصادرات وتارة أخرى بأنها مطلوبات الحصول على إعفاءات الديون الخارجية وتارة بأنه من غير المنطق أن تشجع الحكومة على الاستهلاك بمعدلات تزيد من نسبة التبديد، كاستهلاك الوقود لغير أغراض حقيقية ك(زيارة الأصدقاء بمناطق نائية للونسة وشراب الشاي كما استخدمها مثلاً رئيس الوزراء الأسبق د. عبدالله حمدوك).

دخل الفرد
وأكد المحلل الاقتصادي؛ أن السعي للحصول على إعفاءات الديون الخارجية في إطار مبادرة الهيبك لا خلاف عليه من قبل أي طرف كان، لكن تدفيع الشعب السوداني الثمن بتكاليف تتجاوز منطق كلمة باهظة تؤدي إلى إدراج السودان من ضمن الدول الأفقر في العالم وانكماش الاقتصاد السوداني بمعايير متوسط دخل الفرد من الناتج القومي، رغم تغير خارطة بلد المليون ميل مربع بانفصال الجنوب وتآكل حدود أراضيه بمواردها الطبيعية النادرة، نجد أن السبب هو في استمرار ذات السياسات الاقتصادية النيوليبرالية لمؤسسات بريتون وودز، وقال : بحكم التجربة والنتائج واستمرار تفاقم ذات هذه النتائج تجعل ذات هذه السياسات الاقتصادية المكررة سنوياً محل تساؤلات للجهات المتمسكة بها وتنفذها طوال الأربعين عاماً الماضية، وتساءل.. ما هي الأهداف الحقيقية المستهدفة من تنفيذ ذات هذه السياسات سنوياً؛ رغم انكماش الاقتصاد السوداني بالمقارنة مع الدول التي سبقتنا الآن.

الخرطوم :: علي وقيع الله

صحيفة البوم التالي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى