تحقيقات وتقارير

مغادرة ستارفيلد المفاجئة.. مبعوث أمريكا يخرج من السودان دون أن يلتقي أي مسؤول

على نحو مفاجئ غادر مبعوث الولايات المتحدة للقرن الأفريقي، ديفيد ساترفيلد الخرطوم، أمس قاطعاً زيارة بدأها فجر أمس الأول كان مقرراً أن تستغرق يومين يلتقي خلالها مسؤولين سودانيين بينهم رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الذي تسلم السلطة بانقلاب على الفترة الانتقالية صبيحة 25 أكتوبر. ورغم أن مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، كشفت لـ(الشرق) عن أن مغادرة ساترفيلد الخرطوم بشكلٍ مفاجئ جاءت لتعرضه لوعكية صحية “ظروف صحية”، غير أن سفارة الولايات المتحدة في الخرطوم اكتفت بأنه غادر لـ”ظروف شخصية” دون أن تخوض في سبب المغادرة الغامض.

أجندة لم تتم
وتعد زيارة ستارفيلد الثانية للسودان بعد أن تم تعيينه في 6 من يناير الماضي خلفاً لمبعوث الولايات المتحدة الخاص لمنطقة القرن الأفريقي السابق، ووصل ساترفيلد إلى الخرطوم فجر الخميس. وكان عليه أن يناقش مع المسؤولين العسكريين والقادة السياسيين السودانيين سبل إنهاء الأزمة الحالية التي أثارها الانقلاب العسكري في أكتوبر، غير أن مغادرته المفاجئة أربكت المشهد قليلاً خاصة وأنه لم يبدأ لقاءاته ولم يلتق أي مسؤول في الخرطوم غير أن بيان السفارة الأمريكية القصير الذي نُشر على فيسبوك، ربما فطن لذلك فأكد أن استارفيلد سيعود مجدداً وقال “إنه يتطلع إلى العودة في أقرب وقت ممكن لمواصلة دعم الانتقال السياسي في السودان”.

تطلعات السفارة
ويبدو أن السفارة الأمريكية في الخرطوم كانت تتطلع لإحداث زيارة المبعوث الأمريكي اختراقاً جيداً في الأزمة السودانية، إذ أنها ووفق بيان سابق أعلن عن الزيارة أشارت إلى زيارة ساترفيلد إلى الخرطوم، ستستغرق يومين، وتهدف “لإشراك أصحاب المصلحة في دعم رغبة الشعب السوداني في دفع عجلة التحول الديمقراطي في بلادهم في ظل حكومة يقودها مدنيون”. وتسعى أمريكا لحل للأزمة السودانية خاصة وأن قيام الانقلاب كان بعد ساعات من لقاء جمع البرهان مع مسؤول أمريكي، الأمر الذي أدى لانطباع لدى الشارع السوداني بأن الانقلاب تقف خلفه الولايات المتحدة وتدعمه، لذا فقد كان ستارفيلد حريصاً على حل الأزمة خاصة وأنه وصل للخرطوم المرة الأولى بعد أقل من أسبوعين من تعيينه رفقة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية، مولي فيي، في 19 يناير وأجريا مباحثات كان الهدف منها منع العنف ضد المتظاهرين وضرورة اللجوء إلى الحوار.

مبررات
وبحسب مراقبين فإن المغادرة المفاجئة والغامضة ربما وضعت السفارة الأمريكية في الخرطوم في وضع محرج، فقد نشطت القائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم لوسي تاملين، في تواصل محموم أمس مع المكونات السياسية بكل أطرافها التي كان من المقرّر أن يلتقيها ساترفيلد، وقدمت لهم اعتذاراً عن لقائه وتوضيح أسباب مغادرته المفاجئة للبلاد، وذكرت أنه سيعود لاستئناف زيارته للسودان خلال أسبوعين أو أكثر.

إدارة حوار
والتقت السفيرة لوسي أمس، برئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بحضور وزير الخارجية المكلف علي الصادق.
وأعلن البرهان خلال اللقاء- بحسب إعلام المجلس- التزام السودان بتطوير الاتفاقيات والتفاهمات السابقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأكد التزام الحكومة بإدارة حوار شامل بين القوى الوطنية السودانية يفضي إلى توافق يخرج البلاد من أزمتها الحالية.
وشدّد على عدم تمسّك المكون العسكري بالسلطة واستعداده لتسليمها في حال حدوث توافق وطني أو حكومة منتخبة.
كما التقت نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي الذي دعا لضرورة العمل على تعزيز العلاقات السودانية الأمريكية بما يخدم المصالح المشتركة، وأكد على ضرورة الحوار كمدخل أساسي لحل الأزمة الراهنة، على أن يشمل جميع السودانيين، لافتاً إلى التزامهم القاطع بأهمية التحول الديمقراطي وقيام الانتخابات بنهاية الفترة الانتقالية.
وقابلت كذلك عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق الركن ياسر العطا، الذي أشاد بالمستوى المتطور الذي تشهده العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، وأكد حرص واهتمام السودان بدعمها وترقيتها إلى آفاق أرحب.

اهتمام
وبدورها أكدت لوسي، للعسكريين في مجلس السيادة دعم بلادها لمبادرة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان «يونيتامس» من أجل حوار يقود لتوافق سياسي بين مكونات الشعب السوداني، وقطعت بسعي بلادها لحل الأزمة السودانية، وإيمانها بضرورة أن يكون الحل سودانياً. وأشارت إلى حرص بلادها للعمل بشكل بنّاء مع الأطراف كافة، للمضي قدماً في استكمال الفترة الانتقالية، ودعت إلى أهمية تعزيز بناء الثقة بين الأطراف بما يقود إلى إنهاء الأزمة الراهنة.

شكوك
وأكد الخبير القانوني والمحلل السياسي ياسر عثمان أن غموض مغادرة ستارفيلد يفتح عدة أبواب حوله من واقع أن الرجل جاء في زيارة معلنة ومبرمجة ضمن مهامه الموكلة إليه، ما يشير إلى وجود مستجدات حتمت قطع الزيارة لافتاً إلى أن المستجدات ربما تكون سياسية لم تفصح عنها السفارة الأمريكية أو ربما تكون شخصية كما قالت. وقال في حديثه إنَّ هناك اختلافاً في التعاطي مع الأزمة السسودانية من قبل الإدارة الأمريكية، ففي الوقت الذي يتعامل فيه الكونغرس الأمريكي بتشدد مع الانقلاب تبدي إدارة بايدن ليونة ظاهرة في التعاطي مع الملف، ما يعيد إلى الأذهان ما رشح عن دعم أمريكا للانقلاب ومباركتها له قبيل تنفيذه، سيما وأن الأمر يتفق مع سياسات بعض الدول الحليفة لأمريكا. وأضاف “المعروف أن ساترفيلد سافر إلى السودان قادماً من الإمارات العربية المتحدة”، مبيناً أن قطع الزيارة ربما كان وراءه مستجدات في قراءة الإدارة الأمريكية للمشهد السوداني.

تقرير – محجوب عثمان
الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى