تحقيقات وتقارير

حميدتي في روسيا.. التوقيت.. الظلال والتداعيات!

محلل سياسي: الشعب السوداني سيجني ثمار الزيارة في القريب العاجل

وصف نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان (دقلو) الذي يزور روسيا هذه الأيام، موسكو بالبلد المهم، معرباً عن أمله في آفاق أرحب ومزيد من التعاون مع روسيا التي دعته إلى زيارتها رغم الأوضاع المتأزمة هناك بسبب أوكرانيا. المعارضة بادرت بالتقليل من الزيارة حيث وصفها حزب البعث العربي الاشتراكي بأنها خارج اختصاصات مجلس السيادة، بل وصفها بمحاولة لدعم الانقلاب العسكري، لكن محللين وأكاديميين قالوا إنها خطوة مهمة في هذا التوقيت إذا ما نجح  دقلو والوفد الزائر في إدارة التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ونقل مصالحهما المشتركة في السودان إلى العاصمة الخرطوم، وقال خبراء ومحللون سياسيون إن زيارة دقلو إلى روسيا تم الإعلان عنها قبل تفاقم الأزمة الروسية الأوكرانية، وهي زيارة رسمية ومجدولة قبل وقت طويل، كما تبدو الزيارة من خلال الوفد المرافق لنائب الرئيس أنها اقتصادية في المقام الأول، وتبحث عن مخرج للأزمة بعد أن أوقف المجتمع الدولي الدعم ولوح بالتهديد والعقوبات، وأكد الخبراء أن الزيارة تسعى إلى خلق التوازن في العلاقات الخارجية وإيجاد منافذ أخرى حال استمر المجتمع الدولي في الضغط على السودان.

 

(1)

يجري نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان “دقلو” مشاورات ولقاءات في العاصمة الروسية موسكو اقتصادية وسياسية وأمنية..

حميدتي في تغريدة له أعرب عن أمله المضي قدماً بالعلاقات بين السودان وروسيا إلى آفاق أرحب من خلال الزيارة ، وتعزيز التعاون القائم بين البلدين في المجالات المختلفة.. وكالات الأنباء العالمية ركزت على أن الزيارة تهدف إلى بحث التفاهمات المختلفة مع روسيا التي توصل إليها رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك وفي مقدمتها القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر.

 

(2)

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د. راشد محمد علي الشيخ قال إن نتائج زيارة نائب رئيس مجلس السيادة لروسيا تحددها التحليلات وفق الوضع المعيشي في البلدين، ومضى: هذه الزيارة تقرأ في الإطار العام للوضع الداخلي في السودان، والصراع الدائر في روسيا، وهي علاقة خاضعة لصراع النفوذ على شرق أفريقيا الذي يمثل السودان جزءاً مهماً منه، الصراع بين روسيا وأمريكا ودخول إيران، جعل الأولى تبحث عن المزيد من المساحات لتظل موجودة في المعادلة الكلية للعالم، تريد أن يكون لها وجود في ساحل البحر الأحمر، تسعى لذلك في قاعدة (ستاميقو)، ومضى الشيخ: روسيا تبحث عن تحقيق مصالحها عبر السلطة العسكرية الموجودة الآن في السودان، حيث لا وجود الآن لأي منظمة مدنية أو ديموقراطية تتحفظ على السياسات الخارجية، أضف إلى ذلك شكل التعاون العسكري بين السودان وروسيا، ففي (سيبيريا الفضاء) سلاح الجو، والمدنية السودانية كلها روسية، في هذا الإطار روسيا تسعى للوجود في المعادلة السودانية، ما يجعل السودان يخطو خطوات واسعة نحوها، لأن الطريق الروسي أسهل من الأمريكي للسلطة الحالية، ولأن الطريق الأمريكي محفوف بالضغوط والشروط للدولة المدنية والتحول الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة، الروس لا يهتمون بهذه الأمور.

وأضاف الشيخ: أما عن البعد السوداني وفق زيارة نائب رئيس المجلس السيادي، فيمكن الاستفادة من التنافس الأمريكي، للجذب إلى الخرطوم، بمعنى الاستفادة بسلاح المصالح من الطرفين، لأن روسيا اليوم تعيش ورطة كبيرة بسبب أوكرانيا، وهذا يتيح استمالة مصالحها في السودان، وهذا أمر متاح وفقاً لمعطيات روسيا الحالية وحالة الشد والجذب بينها وحلف شمال الأطلسي (النيتو)، ما جعلها في حاجة ماسة لأبعاد خارجية في دول العالم.

 

(3)

ورأى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم بروف عمر محمد علي أنه بصرف النظر عن الهدف من الزيارة فالوقت غير مناسب، وتابع: روسيا مشغولة بأوكرانيا بالإضافة إلى مشاركتها في المفاوضات مع إيران، وبحسب التقييم الدولي فهذه الملفات أهم بكثير مما يجري في السودان أو أي دولة أخرى نامية، وأضاف: سياسياً روسيا لم تعد نداً للولايات المتحدة الأمريكية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي،  لأنها باتت دولة كبرى وليست دولة عظمى، عليه لن تكون لها تأثيرات على الولايات المتحدة التي هي الدولة العظمى الوحيدة في العالم اليوم، ومضى محمد علي: صحيح هنالك ضغوط أمريكية وغربية كبيرة على السودان بجانب الأزمة السياسية في الداخل، لكن مفتاح الحل ليس في موسكو أو في عاصمة أخرى، بل في العاصمة الخرطوم بتقوية الجبهة الداخلية، وتحقيق الوحدة الوطنية دون إقصاء لأحد. وزاد: صحيح أن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن، لكن لا أعتقد أنها ستصوت على أي قرار أو مشروع لصالح السودان يتعارض مع مصالحها، وقد حدث ذلك من قبل وصوتت الدول الكبرى ضد السودان، ووقفت مع الولايات المتحدة لوضع عقوبات على السودان، رغم محاولات دبلوماسية للتأثير عليها دون جدوى.

 

(٤)

من جهته اعتبر المتحدث باسم حزب البعث العربي عادل خلف الله الزيارة في إطار دعم ما أسماه الانقلاب، وتابع: هي خطوة في الطريق الذي يسير فيه البرهان وحميدتي منذ بداية الفترة الانتقاليه بمصادرة ملفات خارج اختصاصاتهم، ومضى: إن الزيارة وفق الأوضاع التي يعيشها السودان، وعلاقاتها بالغرب وأوكرانيا  بجانب الأحداث الأخرى التي تعيشها روسيا هذه الأيام، فالزيارة غير مناسبة من حيث التوقيت، وأضاف: تحمل الخطوة أيضاً ربما محاولة للخروج من العزلة الخانقة التي تعيشها المجموعة الانقلابية، ولا أعتقد أنها ستضيف شيئاً لأن روسيا أيضاً دخلت دائرة العقوبات الأمريكية.

 

(5)

ويرى المحلل السياسي أستاذ العلاقات الدولية الدكتور منير محمد أحمد أنّ زيارة الفريق أول محمد حمدان الى العاصمة الروسية موسكو تأتي في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية في أبعادها الاستراتيجية.

ويشير دكتور منير الى أنّ حفاوة الاستقبال الشعبي الذي حظي به السيد النائب من الشعب الروسي والجالية السودانية المقيمة بروسيا ينم عن عمق العلاقات المتينة بين شعبي البلدين، ويقول دكتور منير إنّ هذه الزيارة سيجني الشعب السوداني ثمارها في القريب العاجل.

 

(6)

مبارك الفاضل رئيس حزب الأمة، قال في تغريدة له على تويتر: لا شك أن زيارة حميدتي الى روسيا في هذا التوقيت المتزامن مع الهجوم على أوكرانيا تعتبر خطأً وقفزة في الظلام وأضاف: مشاركة وفد وزاري له في هذه الزيارة يورط معه قيادات القوات المسلحة التي تسعى للتحالف مع الغرب، وروسيا ليست في وضع اقتصادي يمكنها تقديم دعم اقتصادي للسودان.

 

(7)

المحلل السياسي الطيب ضوينا قال إنها ذات أهمية قصوى وينتظر أن تحقق أهدافاً اقتصادية كبيرة وذلك من خلال مشاركة وزراء القطاع الاقتصادي بقيادة وزير المالية د. جبريل إبراهيم، وتوقع ضوينا أن تبرم المزيد من الاتفاقيات الاقتصادية وتنشيط البروتكلات السابقة، وأشار إلى أن زيارة الفريق أول محمد حمدان دقلو تأتي في ظل ظروف اقتصادية خانقة تعبرها البلاد ويحتاج السودان إلى أصدقائه في هذا المنحنى التاريخي، وأضاف أن حميدتي يقوم بأدوار كبيرة ومؤثرة في إدارة ملفات تتعلق بالعلاقات الخارجية بما يخدم المصالح الاستراتيجية للسودان.

 

(8)

وأكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد حسن أن انفتاح السودان على الخارج مطلوب في هذه الفترة، خاصة وأنه يمر بمرحلة انتقالية تعترضها الكثير من العقبات. وأضاف خالد أن زيارة دقلو إلى روسيا لا تعني بالضرورة انحياز السودان إلى المعسكر الشرقي بصورة كاملة، لكنه يبحث عن كل ما يفيد الشعب السوداني ويحقق له الاستقرار والتطور المنشود.

وقال خالد إن الوفد المرافق لدقلو يضم وزير المالية جبريل إبراهيم ووزير الزراعة والغابات أبوبكر عمر البشرى ووزير الطاقة والنفط محمد عبد الله محمود ووزير المعادن محمد بشير عبد الله أبو نمو، ورئيس اتحاد الغرف التجارية نادر الهلالي. وهم معنيون بصورة كبيرة بإدارة الملف الاقتصادي في السودان، ولا يخفى على أحد الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وربما تشهد الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات التي تعود بالنفع على شعبي البلدين.

وأضاف أن هنالك مصالح مشتركة عديدة بين السودان وروسيا أبرزها مد الجيش السوداني بالسلاح والطائرات وقطع الغيار إلى جانب المساهمة في تدريب القوات كما أن السودان اقترب من الموافقة على القاعدة العسكرية على البحر الأحمر وأضاف خالد أن روسيا إلى جانب الصين وبقية دول البركس أسهموا في استقرار السودان إبان الحصار الأمريكي الذي استمر لقرابة 30 عاماً.

وأكد خالد أن السودان يعتبر بوابة أفريقيا للعالم ومن يكسب ود الخرطوم هو الكاسب الذي ستفتح أمامه مغاليق الأبواب وهو ما يفسر سر الصراع الكبير وتكالب القوى الغربية على السودان، وأشار خالد إلى أن السودان يتمتع بثروات ضخمة وموقع استراتيجي يسيل لعاب القوى العظمى وعلى القائمين على أمر البلاد النظر جيداً إلى طبيعة العلاقات وما تحويه من أطماع وتمحيصها بما يحقق المصالح المشتركة والمبنية على المنافع المتبادلة للشعب السوداني وبقية الشعوب والدول.

وتوقع خالد أن تثمر زيارة نائب رئيس مجلس السيادة عدداً من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية التي تصب في مصلحة البلدين وتؤسس إلى مرحلة جديدة في مسار العلاقات بين الخرطوم وموسكو.

 

الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق

الخرطوم: (صحيفة اليوم التالي)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى