تحقيقات وتقارير

سلسلة العقوبات الأمريكية .. واحتمالات إنهاء الوجود العسكري في السلطة

 

كما توقع المراقبون يبدو أن العقوبات التي اعلنت عنها الولايات المتحدة على الاحتياطي المركزي كانت الحلقة الأولى لسلسلة من العقوبات على أفراد ومؤسسات ستأتي تباعاً، حيث أقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار بإدانة القرارات التي صدرت في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي بوصفها انقلاباً عسكرياً.

ودعا مشروع القرار الذي أقر بالاجماع في اللجنة أمس “الأربعاء” إدارة الرئيس الأمريكي؛ جوبايدن إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن الانقلاب.

ويدعو المشروع غير الملزم وزير الخارجية الأمريكي؛ أنتوني بلينكن لتحديد أسماء قادة الانقلاب والمتعاونين معهم لفرض عقوبات فردية عليهم والتنسيق مع الوكالة الامريكية للتنمية الدولية لوقف كل المساعدات غير الانسانية للسودان حتى عودة النظام  الانتقالي.

كما يحث مشروع القرار حلفاء الولايات المتحدة ودول الترويكا على الانضمام إليها في فرض عقوبات فردية على أفراد المجلس العسكري وشركائهم، وحث قادة المجلس على العودة إلى حكم القانون احتراماً للدستور الانتقالي عطفاً على تعليق مشاركة السودان في كل المنظمات في المنطقة حتى عودة العملية الانتقالية.

المشروع، الذي طرحه رئيس اللجنة السيناتور الديمقراطي بوب مننديز وكبير الجمهوريين فيها جيم ريش، الذي اعرب عن دعم الكونغرس للشعب السوداني في تطلعاته للديمقراطية، ويدعو إلى إطلاق سراح «جميع المسؤولين الحكوميين المدنيين وأعضاء المجتمع المدني وأشخاص آخرين اعتقلوا بعد اجراءات 25 أكتوبر. كما يدعو القوى الأمنية السودانية إلى احترام حق التظاهر السلمي ويحمّل أي عناصر تابعة لها مسؤولية استعمال القوة المفرطة وأي انتهاكات بحق المتظاهرين. ويحث المجلس العسكري على «التوقف عن كل المحاولات لتغيير التركيبة المدنية للحكومة والمجلس السيادي ومؤسسات حكومية أخرى»، إضافة إلى احترام بنود الوثيقة الدستورية.

وتكهن متابعون عن العقوبات على الاشخاص المحتملين من بينهم قائد قوات الدعم السريع حميدتي ، الذي ربما استشعر بهذا الخطر وحط على الكرملين لطلب الحماية بعد تقديم كل فروض الطاعة لفريق بوتين الحكومي، وانتقدت واشنطن زيارة حميدتي وقتها ووصفتها بالابتزاز السياسي، ويواجه حميدتي حسب ما يرى د.صلاح الدين سليمان الدج استاذ العلوم السياسية خطر فقدان السيطرة على حركة أمواله إذا صدرت عقوبة تقضي بتجميدها باعتباره أحد العناصر التي تسببت في تقويض السلطة الدستورية، ويقول صلاح: ” اتوقع أن يتخذ الكونغرس عقوبة تجميد أموال حميدتي بالخارج وربما تواجه منظومته العسكرية (الدعم السريع)  خطر تصنيفها بالارهاب وتضمينها في قائمة التشكيلات الارهاربية وهذا ما سيكون بمثابة القشة التي قد تقصم ظهره، وتنهي وجوده في السلطة السياسية.

واستند صلاح الدين في فرضيته على تصريحات المسؤولين الامريكيين مؤخراً عن زيارة حميدتي لروسيا  ووصفه بقائد مليشيا غير شرعية  ما يجعل حميدتي هدفاً محتملاً لهذه العقوبات .

وتوقع أن يكون البرهان في رأس قائمة الأشخاص الذين ستصدر في حقهم عقوبات فردية باعتباره متخذ قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر والموصوفة بالانقلابية ، وقال صلاح إن البرهان ليس لديه ما يخسره من أموال أو أحلام بالحكم ،مثل حميدتي ولهذا تأتي أهمية البرهان في المرتبة الثانية.

ويعتقد صلاح أن  توقيت الاجتماع بشأن السودان له علاقة بحركة التجاذب والاستقطاب بين معسكر روسيا ومعسكر واشنطن، وقال إن واشنطن وضعت من يساعد موسكو في حربها على اوكرانيا في قائمة العدو كما حدث عقب تفجير برجي التجارة العالمية ومقولة الرئيس الأمريكي بوش  من ليس معنا فهو ضدنا  ، في إشارة إلى أنه لا منطقة وسط ، إما معنا أو ضدنا ، وهذا ما ستنتهجه واشنطن مع من يدعم غزو روسيا لاوكرانيا، واضاف: ” اعتقد أن الاشخاص الذين يساندون موسكو واضحون وامريكا لن تجد حرجاً في وضعهم في قائمة العقوبات”.

وفي الجزء المتعلق بفرض العقوبات الفردية، يدعو مشروع القرار غير الملزم وزير الخارجية الأمريكي إلى تحديد أسماء المشاركين في اجراءات 25 أكتوبر والمتعاونين معهم لفرض عقوبات فردية عليهم، والتنسيق مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووكالات حكومية أخرى لوقف كل الدعومات غير الانسانية إلى السودان حتى عودة النظام الدستوري الانتقالي. كما يدعو حلفاء الولايات المتحدة ودول الترويكا إلى الانضمام إليها في فرض عقوبات فردية على أفراد المجلس العسكري وشركائهم، وحث قادة المجلس على العودة إلى حكم القانون احتراماً للدستور الانتقالي، إضافة إلى تعليق مشاركة السودان في كل المنظمات في المنطقة حتى عودة العملية الانتقالية.

وأفادت مصادر في الكونغرس بأن المشرعين يتشاورون مع البيت الأبيض لوضع خطة متكاملة للتعاطي مع الملف السوداني تشمل عقوبات.

وفي ظل هذا الدفع من الكونغرس، الذي بدأه المشرعون منذ نوفمبر الماضي، تحركت وزارة الخزانة الاثنين الماضي  وفرضت عقوبات على شرطة الاحتياطي السودانية. وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية برايان نلسون في بيان، بعد الاعلان عن العقوبات التي فرضت استناداً على قانون ماغنيتسكي لحقوق الإنسان: «منذ استيلاء الجيش في 25 أكتوبر استخدمت شرطة الاحتياطي المركزي السودانية القوة المفرطة والعنف بهدف اسكات الناشطين المدنيين والمتظاهرين. ندين أجهزة الأمن السودانية بسبب قتلها للمواطنين السودانيين ومضايقتهم وترهيبهم. هذه الاجراءات من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة في السودان وتشكل تناقضاً مباشراً مع اعلان الأجهزة الأمنية التزامها بالمشاركة بشكل بناء في عملية حل الأزمة السياسية في السودان والعودة إلى الانتقال الديمقراطي».

وغرّد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إثر الإعلان عن العقوبات الجديدة، قائلاً: (الولايات المتحدة فرضت عقوبات على شرطة الاحتياطي السوداني بسبب استعمالها القوة المفرطة ضد المتظاهرين. نحن نقف إلى جانب الشعب السوداني في سعيه إلى السلام والديمقراطية).

وكانت دول الترويكا أصدرت بياناً  يسلط الضوء على الترابط بين الملفين السوداني والروسي، ويقول محذراً: (في السودان تعمل مجموعة فاغنر المرتبطة ببوتين على نشر المعلومات المغلوطة على وسائل التواصل وتشارك في أنشطة غير قانونية مرتبطة بالتنقيب عن الذهب ما يهدد حكم القانون الذي يكافح السودانيون من أجله).

ولمّح البيان، الصادر عن النرويج والولايات المتحدة وبريطانيا، إلى امتناع السودان عن التصويت لإدانة روسيا في الأمم المتحدة، بقوله: (للسودان الحق السيادي في اختيار علاقاته الخارجية. سنحترم ذلك دوماً،  وسنستمر بدعم الشعب السوداني الذي يتوق لتحقيق تطلعاته في الثورة. الأوكرانيون لهم كذلك حق العيش بسلام وعدل وحرية. ولن نتخلى عنهم أيضاً).

ويقول المحلل السياسي د. عبد اللطيف محمد عثمان إن العقوبات المحتملة على الأفراد لن تكون ذات فائدة ، إلاّ أشخاصاً معيين قد يتضررون من هذه العقوبات أولهم محمد حمدان دقلوالذي يمتلك أموالاً ضخمة ، بالداخل والخارج ويدير نشاطاً تجارياً واقتصادياً ، وأضاف: ” حميدتي والبرهان هما أكثر الاشخاص الذين سيتضررون من القرار إذا صدر كما يتوقع الناس وسيكون وضع البرهان مثل وضع البشير بعد قرار لاهاي باتهامه بجرائم دارفور  ولن يتمكن البرهان  من ممارسة مهامه بالخارج وسيكون رهيناً بالداخل إذا فرضت عليه عقوبة بحظره عن السفر ، بينما ليس للبرهان نشاط تجاري أو اقتصادي يخاف عليه من تجميد أمواله” ويتوقع عثمان أن تشتمل قائمة الأفراد في العقوبات الأمريكية على مدنيين طالبوا البرهان باصدار البيان ، ووزير المالية وحاكم اقليم دارفور ، بيد أن المؤسسات التي يتوقع عثمان أن تكون تحت طائلة العقوبات ، وزارة الداخلية ، والقوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات باعتبار أنهم مارسوا عنفاً غير مبرر على السلميين .

 

نبيل صالح الحرك السياسي

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى