تحقيقات وتقارير

أعاد للأذهان قصة (البركاوي).. البرهان يهدد بطرد “فولكر”

الشيوعي: البرهان لا يمتلك صلاحيات طرد فولكر

لم تكن تهديدات رئيس مجلس السيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، خلال كلمته بحفل تخريج ضباط جدد من الكلية الحربية، الجمعة الماضية، بطرد مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس، مفاجئة لكثيرين، خصوصاً وأن ذاكرة الماضي تحمل بركاوي “المخلوع” للسفيرة البريطانية في العام 2018م، علاوة على الهواجس المتصاعدة منذ مدة طويلة تجاه الوجود الأممي في البلاد.
لتثير الخطوة التي طالب البرهان فيها المبعوث الأممي “بأن يكف عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة الأممية والتدخل السافر في الشأن السوداني، وبأن ذلك سيؤدي إلى طرده من البلاد”، جدلا كثيفاً في الاوساط السياسية والدبلوماسية، وأكد متحدثون لمصادر مطلعة أن رئيس مجلس السيادة لا يملك حق طرد المبعوث الأممي في السودان وقالوا إن لم يلتزم السودان يتعرض المشهد السياسي لمزيد من التعقيد.
وأوضحوا أن مهام البعثة دفع عملية التحول الديمقراطي المدني في البلاد وأنها جاءت بطلب من الحكومة المدنية وتعمل على استئناف التحول الديمقراطي وفق تدابير دستورية جديدة.
بدورها أكدت المفوضية القومية لحقوق الإنسان أن البعثة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان”يونيتامس” باتت تلعب أدواراً غير مفهومة.

 

خروج عن النص
قال المحلل السياسي والخبير القانوني الطيب العباسي إن السودان عضو في الأمم المتحدة ووفق البند السادس تم تكليف فولكر برئاسة البعثة الأممية لدعم التحول الديمقراطي وتنفيذ مهام محددة وعلى السودان أن يلتزم بتوجيهاتها وفي حال أنه خالف الأمر فإن المشهد السياسي يزيد تعقداً أكثر من ذلك.
وإن تهديد المبعوث الأممي بالطرد تحدٍ ليس في موقعه وتصرف غير سليم يخالف المواثيق الدولية ويخرجه منها سيما وأن البعثة الأممية لم تأتِ من فراغ، إنما وفق حوجة السودان وأضاف: هناك معوقات وفولكر مسؤول عن توصيلها للمجتمع الدولي سواء في مجلس الأمن أو الاجتماع العام للأمم المتحدة.
وأكد العباسي في إفاداته وجود مؤسسات تقوم بمحاسبة المبعوث الأممي في حال تجاوز صلاحياته واستدرك قائلاً: إن الحديث في الهواء الطلق يتنافى مع رسالة الأمم المتحدة والفترة الانتقالية فضلاً عن أنها إخلال بالأعراف الدبلوماسية والدولية التي نصت عليها المنظومة الدولية وزاد: وما تم من البرهان “خروج عن النص” لجهة أن البعثة وتدخلها لم تأتِ من دولة، إنما من منظومة دولية ترى انتهاكات وقتل وانتهاك حريات واعتقالات خارج الأطر الدستورية في السودان، فالمجتمع الدولي مسؤول مسؤولية مباشرة عن اكتمال المؤسسات وأن يصبح السودان دولة ذات سيادة.

 

غياب شرعية
فيما يرى المتحدث الرسمي للحزب الشيوعي فتحي الفضل في حديثه أن تهديد البرهان بطرد الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس بسبب التدخل في شؤون البلاد وعدم التزام الحياد، أنه لا يدل على شيء وليست له تداعيات داخلية أو خارجية، بل نوع من التخبط الذي يصاحب الدكتاتور في لحظاته الأخيرة مثل ما كان يفعل المخلوع وأضاف: لا يمتكلك البرهان أو أي رئيس آخر صلاحيات طرد فولكر سيما وأنه ليست له شرعية تمكنه من رفض أو قبول وزاد: هو رجل انقلابي ومصيره مصير الانقلابيين، مشيراً إلى إمكانية طلب تغيير مبعوث الأمم المتحدة.
وأكد أن نشاط البعثة داخل حدودها الا أنه عاد وقال: قد تكون هناك خروقات من بعض أفراد البعثة وهذا لا يعني فولكر، واعتبر الفضل تصريحات رئيس مجلس السيادة جاءت في إطار الشجاعة والفزاعة في محفل غير رسمي وفق تعبيرة، ومضى في حديثه قائلاً: إن كان في مكان آخر سيكون له تداعيات ومطالبة بتوضيح موقف للأمم المتحدة.

 

طرد عاجل
ويقول عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين إن طرد البرهان لرئيس البعثة الأممية خطوة متوقعة سيما وأن السلطة الانقلابية على وعي وإدراك بأن أي مبادرة أو حوار للقوى السياسية ستكون نتائجها عودة المؤسسة العسكرية إلى ثكناتها لتكون إحدى مؤسسات الدولة وليست شريكاً في الحكم أو طرفاً في المعادلة السياسية، ونوه الى أنه ليس من مصلحة السلطة الانقلابية استمرار المبادرة الأممية إلى الأمام خصوصاً وأنه تم دعمها بجهود الاتحاد الأفريقي ومجموعة أصدقاء السودان.
وبحسب نور الدين أن مهمة البعثة الأساسية دفع عملية التحول الديمقراطي المدني في البلاد وأنها جاءت بطلب من الحكومة المدنية وجاء الانقلاب لتقويض التحول الذي كانت تقوده الحكومة التي جاءت بالبعثة وتعمل البعثة على استئناف تحول ديمقراطي جديد وفق تدابير دستورية جديدة وهذا جزء أصيل من مهام البعثة، وأضاف: لا يوجد أمامه البرهان سوى التشبث بالسلطة واستخدم استراتيجية “يا فيها يا نطفيها” بالتالي سيقوم آجلاً أو عاجلاً بطرد البعثة، فضلاً عن أن الانقلاب يفتقد السند السياسي والقبول الشعبي والشرعية الدستورية والقانونية وهذا ما تؤكده نتائج جولات رؤساء الانقلاب الخارجية التي قاموا بها علاوة على أنها تؤكد أن الانقلاب معزول من أي حاضنة إقليمية أو دولية عدا أطراف محددة وقليلة.

 

ممارسات غريبة
وفي الاتجاه ذاته قال رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان رفعت ميرغني عباس الأمين في تصريحات صحفية إن البعثة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان ”يونيتامس” باتت تلعب أدواراً غير مفهومة، بما في ذلك تبنيها لروايات ومواقف تسيء لدور المفوضية القومية لحقوق الإنسان وتسعى لإضعاف دورها، مصرحاً بأنهم ظلوا يراقبون وينبهون لخطورة تلقي البعثة والمكتب القطري لشكاوى المواطنين دون التقيد بشرط استنفاذ سبل الطعن الوطنية، بل في كثير من الحالات يقومون باستدعاء الأشخاص لتقديم الشكاوى وهي ممارسة غريبة لم تحدث من قبل في أي من مكاتب الأمم المتحدة القطرية. وأكد أنهم يراقبون اتخاذ البعثة والمكتب القطري لتدابير تضر بالمفوضية القومية لحقوق الإنسان وقال: ومن ذلك تصريح مكتب حقوق الإنسان وحماية المدنيين بيونتامس وتصريحات موظف بالمكتب القطري في أكثر من مناسبة بعدم اعترافهم بالمفوضية القومية لحقوق الإنسان وفي نفس الوقت يحاولون التواصل مع مكاتبها في الأقاليم ويسعون لإقامة علاقات مع فروع لمؤسسة لا يعرفونها مؤكداً أنه ليس من ضمن مهام البعثة ولا المكتب القطري منح الاعتراف بالمؤسسات لكونه عمل سيادي محض.
أن تعمد إضعاف دور المفوضية القومية لحقوق الإنسان لا يمكن أن يحقق الأهداف التي افتتح المكتب القطري من أجلها ولا يحقق أهداف بعثة يونيتامس، وهو أمر لا يمكن فهمه ولا مبرر له.
إن الأدوار التي تقوم بها بعض المؤسسات الدولية في السودان غير مبررة وغير مفهومة، ونحن بدورنا نؤكد على أننا مؤسسة مستقلة وليست طرفاً في المواقف السياسية.

 

تهديد بالطرد
وكان قد هدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان بطرد الممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس بسبب التدخل في شؤون البلاد وعدم التزام الحياد، وخلال حفل تخريج دفعات جديدة من الكلية الحربية وجامعة كرري طالب البرهان المبعوث الأممي بأن يكف عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة الأممية والتدخل السافر في الشأن السوداني، وأن ذلك سيؤدي إلى طرده من البلاد.
كما حض الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على تسهيل الحوار بين السودانيين وتجنب تجاوز تفويضهم، وفق ما أورد بيان مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش.

 

السير على خطى البشير
في السياق ذاته اعتبر القيادي بالحرية والتغيير ومقرر المكتب القيادي للتجمع الاتحادي احمد حضرة، موقف البرهان من البعثة الأممية، بأنه يسير على خطى البشير وأن الخطوة لم تعى الدرس ومئالات النظام البائد وأنظمة الاستبداد بالعالم، وأضاف التهديد بطرد فولكر من السودان تعدي صلاحيات مهامه وان المبعوث الاممي موجود بتكليف من الأمم المتحدة ومن مجلس الأمن وهما المسؤولان عن تقيم صلاحيات مهام البعثة وحدودها وضمان اكماله على الوجة السليم أو عدمة، وأرجع حضرة في حديثه تهديد البرهان للمبعوث إلى التقرير الذي قدمه لمجلس الامن واعترض فيه على قتل المتظاهرين بالذخيرة الحية من قبل القوات النظامية وعلى القمع والبطش والاعتداء الشديد الذي تشهده الاحتجاجات السلمية والاغتصاب علاوة على حديثه عن تدهور الأوضاع الاقتصادية التى تمس كل الشعب السوداني وحاجة البلاد للمساعدة من اجل الاستقرار السياسي وإنجاح التحول الديمقراطي من خلال تسهيل وفتح انسداد الأفق السياسي، وأكد أن ايجاد حلول للازمة الرهانة من خلال مبادرة فولكر من صميم اختصاص أعمال بعثته، ويقول مقرر التجمع الاتحادي إن الحملة على البعثة الدولية وفولكر محاولات يائسة لكسب التعاطف الشعبى الداخلي وإظهار الخوف من التدخلات الخارجية وزاد”في الحقيقة هي كيل بمكيالين” موضحاً انه منذ الانقلاب ظلت قياداته تبحث عن حلول لازمتهم داخلياً وخارجياً في إسرائيل والإمارات والسعودية ومصر وروسيا، ومضى في حديثه قائلاً “وهم على استعداد لبيع البلد في سبيل أي دعم خارجى يزيد حظوظ بقائهم في السلطة وانها معركة خاسرة فى سبيل التغطية على الانقلاب وفشل في إدارة البلاد”.

فلاش باك
وفي وقت سابق قد طرحت البعثة الدولية مبادرة لتسهيل الحوار بين مختلف الأطراف ودعت لاستعادة الحكم المدني والعمل بالوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس 2019 بين الشقين المدني والعسكري، والتي أنهت إجراءات 25 أكتوبر عدداً من بنودها المهمة.
وحذر رئيس البعثة، فولكر بيرتس، في إفادة لمجلس الأمن الدولي من تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية في البلاد، بسبب القمع المفرط ضد المطالبين بالحكم المدني، وعدم وجود حكومة منذ أكتوبر الماضي.
وكشف بيرتس عن أن المشاورات الموسعة التي عقدها مع مختلف الفعاليات السياسية والمجتمعية السودانية، أظهرت اتفاقاً واسع النطاق على ضرورة إعادة النظر في دور مجلس السيادة وحجمه وعضويته وتشكيل جيش مهني موحد، وإنشاء كيانات قضائية، وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات ذات مصداقية، وكذلك إلى عملية دستورية شاملة، وتكون هناك مشاركة قوية من جانب المجتمع الدولي لدعم الانتقال السياسي، بما في ذلك إمكانية العمل كضامن لأي اتفاق.

 

تقرير – محجوب عيسى

الخرطوم: (صحيفة اليوم التالي)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى