اقتصاد

العملات المشفرة “البيتكوين”.. مخاطر قانونية وقرصنة إلكترونية

أكد المهتم بالشأن الاقتصادي إبراهيم مشرف أن “البيتكوين” سلعة مجهولة المصدر لا ضامن لها، وقال في حديثه إنها عرضة لعمليات النصب والاحتيال وهيمنة الدولة الرأسمالية، مضيفاً أن البيتكوين يمكن أن يصدرها أي شخص يمتلك جهاز حاسوب واتصال بالإنترنت، ونفى بحسب صحيفة اليوم التالي، أن تكون مقياساً للسلع والخدمات، مبيناً أنه لا يجوز شراؤها للأدلة الشرعية التي تنهي عن شراء وبيع كل سلعة مجهولة.

تهديد وهيمنة
وكانت مصادر صحافية قالت إن مسؤولاً كبيراً في البيت الأبيض طالب بعدم الكشف عن اسمه شدد بالقول يجب أن نتوخى الدقة في تحليلنا لأن تأثير اعتماد دولار رقمي سيكون عميقاً جداً في البلاد التي تعتبر عملتها عملة الاحتياط الرئيسية في العالم، لكنه أكد أن مشاريع اعتماد العملة الرقمية المتقدمة أكثر في بعض الدول الأخرى أو المناطق النقدية لا تهدد هيمنة الدولار التي تضمن موقعاً مميزاً للولايات المتحدة في قطاع المال العالمي، وقال البيت الأبيض إن أكثر من مائة دولة تدرس إمكان إطلاق عملة رقمية، وأثار الإقبال العالمي على عملات مشفرة مثل (بيتكوين) والاستخدام المتزايد للتسديدات الرقمية اهتماماً من أجل اعتماد عملة رقمية رسمية في التعامل.

عملات مشفرة
وبحسب مصادر فإن بنك السودان المركزي قد حذر المواطنين من التعامل بكافة أنواع العملات المشفرة لما تكتنفه من مخاطر عالية تتمثل على سبيل المثال لا الحصر في الجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية وخطر خسارة قيمتها، بالإضافة إلى المخاطر القانونية التي تنتج عن التعامل بهذه العملات حيث أنها لا تصنف كنقود ولا حتى أموال وممتلكات خاصة طبقاً للتشريعات والقوانين والأنظمة النافذة في البلاد، بسبب افتقارها لغطاء مادي وعدم صدورها من جهات مرخصة أو معتمدة تكون ملزمة قانوناً بها.

عملة إلكترونية
وأوضح المهتم بالشأن الاقتصادي إبراهيم مشرف أن العملات المشفرة كالبيتكوين عبارة عن عملة إلكترونية يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، مبيناً أن هناك عدة فوارق رئيسية، أبرزها أن هذه العملة عبارة عن عملة إلكترونية بشكل كامل، يتم تداولها عبر الإنترنت فقط دون وجود حسي لها، مضيفاً أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، وقال إنه يمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت، أو حتى تحويلها إلى العملات التقليدية.

إنتاج عملات
وقال مشرف إن هذه العملة على عكس العملات التقليدية التي عادةً ما تكون مدعومة بأصول معينة مثل الذهب أو العملات الأخرى، ويضيف أن “بيتكوين” يتم دعمها وإنتاجها من قبل المستخدمين أنفسهم، موضحاً أن المستخدمين تعني أي شخص يرغب في التعامل مع “بيتكوين” ويمتلك جهاز حاسوب واتصال بالإنترنت، ويتم هذا من خلال عملية تُدعى “التنقيب ”، وقال إنه عبارة عن تطبيق خاص يقوم المستخدم بتثبيته على أي جهاز حاسوب، ثم يقوم التطبيق بعملية إنتاج عملات “بيتكوين” جديدة وبشكل بطيء، وتابع: يستطيع المستخدم من خلال هذه العملية الحصول على قطع “بيتكوين” النقدية الافتراضية مقابل استخدام التطبيق للقدرة الحسابية التي يقدمها معالج جهاز الحاسوب الخاص به في توليد كميات جديدة من العملة، ويضيف أن نظام عمل “بيتكوين” يسمح فقط بإنتاج 21 مليون وحدة بيتكوين حول العالم.

عملية تبديل
ويشير إلى أن المستخدم يستطيع تبديل قطع “بيتكوين” النقدية الموجودة لديه بعملات أخرى حقيقية، لافتاً إلى أن عملية التبديل تتم ما بين المستخدمين أنفسهم، الراغبين ببيع مبالغ “بيتكوين” وشراء عملات حقيقية مقابلها، أو العكس، ونتيجةً لذلك تمتلك “بيتكوين” سعر صرف خاص بها، ويزيد هذا السعر أكثر حيث يصل اليوم إلى ٤٧٥٤١ دولار بعد أن كان يعادل بضعة دولارات فقط عندما نشأت هذه العملة.

قيمة ذاتية
وعن واقع العملات وإصدار النقود يقول مشرف إن كل دولة من الدول تصطلح على اتخاذ وحدة معينة من شيء معين، تجعلها أساساً تنسب إليها الأشياء الأخرى والجهود وتقاس بها، وتسكّها على شكل معين وطراز خاص بها بوزن وعيار محددين ثابتين، ويبين أن المجتمعات درجت من قديم الزمان، على جعل هذه الوحدة القياسية من الأشياء التي لها قيمة في ذاتها، موضحاً أنهم اتخذوا الذهب والفضة مقياساً تنسب إليه جميع السلع والجهود، وبرر ذلك لأن للذهب والفضة قيمة ذاتية في العالم أجمع، وسكّوا منها قطعاً نقدية على كل معيّن، وطراز خاص، بوزن وعيار معينين ومحددين.

نظام المعدنين
ويرى أن الدولة التي تتخذ الوحدة الذهبية أو الفضية أساساً لنقدها تكون سائرة على النظام المعدني، مشيراً إلى أنها إذا جعلت الوحدة الذهبية هي الأساس لنقدها الذي تسكّه عملةً لها؛ تكن سائرة على قاعدة الذهب (أو على نظام الذهب) وإن جعلت الوحدة الفضية هي الأساس لنقدها الذي تسكّه عملة لها؛ تكن سائرة على قاعدة الفضة (أو على نظام الفضة)، وتابع: وإن جعلت وحدة الذهب ووحدة الفضة -جنباً إلى جنب – أساساً لنقدها الذي تسكّه عملة لها؛ تكن سائرة على قاعدة الذهب والفضة أو على نظام المعدنين.

نظام النقد
وعن الدولة التي تتخذ النقود الورقية عملةً لها تبادل بها السلع والجهود؛ قال إنها تكون سائرة على نظام النقد الورقي، وأضاف: فإن كان الورق الذي تطبعه وتجعله نقداً وعملةً لها نائباً عن ذهب أو فضة؛ تكن الدولة سائرة على نظام النقد الورقي النائب، وزاد: وإن كان الورق الذي تطبعه وتجعله نقداً لها له غطاء ذهبي أو فضي يعادل نسبة معينة من قيمته؛ تكون سائرة على نظام النقد الورقي من نوع الوثيقة، وأردف: أما إن كان الورق الذي تطبعه وتصدره وتجعله نقداً وعملة لها ليس نائباً عن ذهب أو فضة، وليست له أية تغطية بذهب أو فضة؛ اعتبرت الدولة سائرة على النظام الورقي الإلزامي، وقال إن النقد الذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم هو الذهب والفضة، أي الدنانير والدراهم، وكانت تتوفر فيه ثلاثة أمور والتي تتمثل في إنه كان مقياساً للسلع والخدمات، أي أنه توفرت فيه علة النقدية، أي كان أثماناً وأجوراً، وإنه كان صادراً عن سلطة معلومة وليست مجهولة تصدر الدنانير والدراهم، إضافة إلى أن النقود كانت شائعة بين الناس وليست خاصة بفئة دون أخرى.

سلعة إلكترونية
وبالتحقق من توفر الشروط التي أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم للنقود في “البيتكوين”، أوضح مشرف أنه يتبين أنها لا تتوفر فيها الأمور الثلاثة “بيتكوين” ليست عملة لأنها لا تحقق شروط العملات؛ فواقع العملات هو أنها تصدر فقط من قبل الدولة أو سلطة معروفة وليس أفراداً، ويضيف أن ”البيتكوين” يمكن أن يصدرها أي شخص يمتلك جهاز حاسوب واتصال بالإنترنت من خلال عملية “التنقيب” وحتى لو سميت عملة إلكترونية لكن حقيقتها أنها فقط سلعة إلكترونية يمكن لأي فرد مؤهل إنشاؤها، ولها قيمة في السوق تزيد وتنقص حسب الطلب؛ لذلك لا ينطبق على “البيتكوين” أحكام العملات، أي باختصار، هي ليست صادرة عن سلطة معلومة، بل مجهولة.

أداة تبادل
ويؤكد إبراهيم مشرف أن “بيتكوين” سلعة إلكترونية وهمية، وليس لها حقيقة إلا ثقة بعض الناس فيها، ويوضح أن حامل “البيتكوين” لا يمكن أن يستفيد منها كما يستفيد الناس من برامج الحاسوب الإلكترونية، مبيناً أنها ليست شائعة بين الناس، بل هي خاصة بمن يتداولها ويقر بقيمتها، أي هي ليست للمجتمع كله، وقال إن كثيراً من البلدان لا تعترف بـ“البيتكوين” كعملة، ولذلك لا يمكن استعمال بيتكوين لشراء معظم السلع والخدمات، نافياً أن تكون مقياساً للسلع والخدمات على إطلاقها، بل هي فقط أداة تبادل لسلع وخدمات معينة.

احتيال ومضاربات
وقطع “البيتكوين” ليست عملة نقداً من ناحية شرعية، مؤكداً أن البتكوين ليس أكثر من سلعة، ولكن هذه السلعة مجهولة المصدر، ولا ضامن لها، منوهاً إلى أنها تتيح مجالاً كبيراً للنصب والاحتيال والمضاربات والمخادعات، وإذاً فلا يجوز بيعها ولا شراؤها، وبخاصةٍ وأن مصدرها المجهول يُوجد شكوكاً في أن هذا المصدر ليس بعيداً عن الدول الرأسمالية الكبرى وخاصة أميركا أو عصابة مرتبطة بدولة كبرى لها غرض خبيث أو بشركات دولية كبرى للقمار وتجارة المخدرات وغسيل الأموال وإدارة الجرائم المنظمة.

نهب ثروات
وأكد بأنها سلعة مجهولة المصدر لا ضامن لها، وقال إنها عرضة لعمليات النصب والاحتيال وهيمنة الدول الرأسمالية المستعمرة، وبخاصة أميركا؛ لاستغلال هذه الأمور لنهب ثروات الناس، وقال في ختام حديثه لا يجوز شراؤها للأدلة الشرعية التي تنهي عن شراء وبيع كل سلعة مجهولة، ومن الأدلة على ذلك: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعما في ضروعها إلا بكيل أو وزن، ونهى عن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص.

 

الخرطوم: (كوش نيوز)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى