تحقيقات وتقارير

الجلوس مع العسكر .. (تكتيكات الراهن السياسي)

في الوقت الذي تتجه فيه انظار الانقلابيين إلى نحو انهاء الازمة الحالية بطريقتهم من خلال دفع مكونات قوى الحرية والتغيير الى مشروع التسوية السياسية المبطنة وجعل الجلوس مع العسكر هو الممر المعلن والمفضي الى مائدة التسوية الجديدة، تمضي بعض احزاب قوى التغيير إلى نفض يديها من غزل التغيير ومحاولة تمرير التسوية الجديدة على نار هادئة سيما حزب الامة القومي الذي لم يخفْ محاولته في التماهي مع العسكر و تسويق برامجهم وسط قوى الحرية والتغيير..فهل تفلح جهود الانقلابيين في خلخلة قوى الحرية والتغيير وكسر لاءاتها الثلاث بجعل مكوناتها تمضي سرا وعلانية الى الجلوس حول مائدة العسكر ..؟

 

التسوية الجديدة

وبحسب المعلومات المتداولة فان بعض مكونات قوى الحرية والتغيير حاولت المضي في ذات المسلك الذي سار عليه حزب الامة القومي في اتجاه لحاق قطار التسوية المقبلة والجلوس مع العسكريين وفي ذات الاتجاه اقر رئيس حزب الامة القومي (المكلف) اللواء “م” فضل الله برمة بامكانية تواصل القوى السياسية مع المكون العسكري الى وفاق لكنه اشترط بان يكون هذا التوافق بأسس محددة واشار برمة في حوار للحراك بان الاحزاب ستتحاور باجندتها وليس باجندة الآخرين كاشفا عن ذهاب قوى سياسية للجلوس مع العسكريين وقال كل القوى السياسية مضت نحو المكون العسكري.

 

توحيد القوى المدنية

ويرى مراقبون ان حزب الامة القومي يعد الحزب الوحيد ضمن منظومة قوى الحرية والتغيير الذي ظل يشاطر العسكر سرا وعلنا في مشروعهم حول التسوية مع المدنيين معتبرين ان هذا التقارب جلب على الحزب العديد من الاصوات الناقمة والرافضة لسياسته تجاه العسكر ..فهل التسوية مع العسكر هي الايديولجية التي يمضي خلفها كل قيادات الامة ام ان هنالك اصواتا لاتزال ترفع بعقيرتها تجاه الرفض..؟

 

ويعد مساعد رئيس حزب الامة القومي صديق الصادق المهدي احد الاصوات العالية والرافضة الى اي خطوة تقارب تتم بين حزبه والعسكر وكل القرائن كانت تشير الى استمساك الصديق بعروة قوى التغيير بدلا من بذة العسكر وهاهو الصديق يمضي بالاشارة الى ان خارطة الطريق التي يتباها حزبه تنادي بتوحيد كل قوى التغيير في بوتقة واحدة تجاه مناهضة العسكر وفي ذات السياق قطع الصديق لـ( الحراك) بان حزب الامة يرفض الدخول في حكومة يكونها المكون العسكري بعيدا عن الاتفاق مع القوى السياسية الرئيسية المتمثلة في الجبهة المدنية العريضة والتي تمثل قيادة الثورة والشارع وقال هنالك اتفاق مشترك بين الامة وقوى التغيير بناء عليه تم توحيد المواقف فيما بينهم بجانب ان الامة كون لجنة مهمتها الجلوس مع قوى الميثاق مشيرا الى ان اللجنة توصلت الى اتفاق في بعض القضايا واخفقت في الاخرى بجانب سعي الحزب إلى تكوين آلية تعمل بادارة نقاش وسط لجان المقاومة، هذا بجانب خارطة الطريق التي سلمت الى المكون العسكري.. واكد الصديق المهدي ان هذه المجهودات التي يقوم برسمها حزبه كمعالم طريق نحو حل الازمة الهدف من ورائها هو توحيد القوى المدنية وفق مطالب الثورة السودانية والشارع.

 

الفلول على الخط

وبحسب رأي بعض المحللين فان احزاب قوى التغيير تحاول التلويح بعصا الرفض لكل مساعي تفضي بها الى الجلوس مع المكون العسكري بالاشارة الى ان بعض هذه الاحزاب ماتزال تعتصرها الاسية من التجربة السابقة والمريرة لها مع العسكر وفي هذا الاطار مضى القيادي بقوى الحرية والتغيير الناطق الرسمي باسم البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله بالتلويح بعدم وجود اي ممثل لقوى الحرية والتغيير يعمل على الالتقاء مع الانقلابيين.. وقال بانهم اجمعوا من خلال المؤتمر الاخير لقوى التغيير على عدم الجلوس مع العسكريين مرة اخرى، واكد اعتزامهم المضي قدما الى تحريك الانتفاضة الشعبية لاسقاط الانقلاب.. وقال ان اسقاط العسكر هو الحل الوحيد للخلاص من الازمة الحالية خصوصا بعد تحالف العسكر الاخير مع قوى الردة والفلول واشار خلف الله الى ميلاد تكوين تحالف ثوري جديد يشمل اوسع جبهة للقوى السياسية الرافضة للعسكر، وقال بان قوى التغيير اغلقت الباب بالضبة والمفتاح امام اي خطوة للجلوس مع العسكر مبينا بان العسكر يعملون الآن على اعادة قوى الفلول الميتة الى السلطة .. وقال رغم ان الشعب قال كلمته في رفض الانقاذ والكيزان إلا أن الانقلابيين يعملون للتوسع الآن على حساب الفلول من خلال التسويق لهم في قالب جديد عبر مراكز الانقلاب الاعلامية.. وجزم خلف الله بان كل الاجراءات التي يقوم باتخاذها البرهان تصب في عودة الفلول والكيزان الى المشهد مرة أخرى.

 

التكتيك السياسي

والشاهد ان بعض احزاب قوى التغيير من التي تعمل في اتجاه التسوية مع العسكريين تمضي الى اللعب على الحبلين حبل التسوية في حال نجاحها وفي حبل الشارع في حال فشلها ..فهل احزاب قوى التغيير تعمل في سياق التعاطي مع التسوية مع العسكر بمكيالين …؟

وفي ذات الجانب اشار المحلل السياسي استاذ العلوم السياسية بجامعة ام درمان الاسلامية د. راشد التيجاني الى ان السمة السائدة حاليا بين الاحزاب السياسية في التعاطي مع الراهن بان اغلب هذه الاحزاب تعمل بمكيالين و موقفين، موقف معلن يتماهى مع حراك الشارع والآخر مبطن يمضي نحو التسوية مع العسكر وقال ان بعض الاحزاب تريد ان يكون لديها خط الرجعة.. واشار التيجاني بان المواقف الحالية للاحزاب مرتبطة بالتكتيك السياسي واكد أن الاحزاب تمضي الآن بكل الوسائل بان يكون لديها موطئ قدم في كيكة السلطة القادمة من خلال الجلوس مع العسكر.. وقال إن التفاهمات التي تمت بين بعض الأحزاب والعسكر تتصف بالهشاشة، مشيرا إلى أن الهشاشة تكمن في أن هذه الأحزاب تتحاور مع العسكر منفردة وليست كمجموعات الأمر الذي يجعل العسكر يتغولون عليها ويتمددون أكثر على حساب المدنية القادمة.

               تقرير ـ أيمن المدو

الخرطوم: (صحيفة الحراك السياسي)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى