تحقيقات وتقارير

السودان.. ما الذي يعنيه إطلاق سراح قادة بارزين في الحكومة المعزولة؟

بعد أيام من حديث رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين تمهيدا لإجراء حوار بين الفرقاء السودانيين أطلقت السلطات سراح عدد من أبرز قادة الحكومة المدنية المعزولة، وقوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية للحكومة المعزولة، وبعضهم قادة بارزون في لجنة تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير المجمدة.

وطرح القرار عددا كبيرا من التساؤلات المتداولة في الساحة السودانية بين الأحزاب السياسية ومقار تنفيذ القانون.

وجدي صالح عضو لجنة تفكيك نظام البشير وصف اعتقاله بأنه سياسي وليس له سند قانوني (الجزيرة)
من هم أبرز المفرج عنهم؟

جرى الإفراج عن معظم قادة لجنة تفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير المجمدة، وعلى رأسهم محمد الفكي سليمان رئيس اللجنة المناوب وعضو مجلس السيادة الانتقالي المعزول، ووزير شؤون مجلس الوزراء السابق خالد عمر يوسف الشهير بـ”سلك”، إلى جانب كل من وجدي صالح وبابكر فيصل وطه عثمان.

ولعب الفكي ويوسف دورا محوريا إبان الأزمة التي نشبت بين المدنيين والعسكر، وانتهت باستيلاء الجيش على السلطة في 25 أكتوبر الماضي.

ونادى الرجلان بنقل رئاسة مجلس السيادة للمدنيين في موعده بالفترة الثانية والأخيرة من عمر المرحلة الانتقالية بموجب الوثيقة الدستورية بين العسكريين والمدنيين، وخروج الجيش من المشهد السياسي أمر رفضه القادة العسكريون، واتهموا القادة المدنيين بالإساءة للقوات المسلحة والتقليل من دورها “كضامنة لأمن السودان ووحدته”.

أما بابكر فيصل فهو قيادي بارز في المجلس المركزي للحرية والتغيير عن حزب التجمع الاتحادي الذي ينتمي إليه الفكي.

وشارك فيصل بفاعلية في جولات التفاوض التي مهدت للشراكة بين المدنيين والعسكر في أغسطس 2019.

وجمع وجدي صالح وطه عثمان بالإضافة إلى نشاطهما السياسي وعملهما في لجنة إزالة التمكين اشتغالهما بسلك المحاماة.

وينتمي صالح إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، أما طه عثمان فهو عضو سكرتاريا تجمع المهنيين الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير.

لماذا ومتى تم توقيفهم؟

جرى توقيف قادة اللجنة في فبراير، ووجهت إليهم النيابة العامة تهما تحت طائلة القانون الجنائي تتصل بخيانة الأمانة ومخالفة قانون النقد الأجنبي ومكافحة الثراء الحرام والمشبوه، إلى جانب تهم أخرى.

وبعد أيام من الاعتقال أعلن المستشار الإعلامي لقائد الجيش العميد الطاهر أبو هاجة أن القبض على بعض قادة لجنة إزالة التمكين جرى بموجب إجراءات قضائية.

في المقابل، تمسك تحالف الحرية والتغيير ومكوناته المختلفة بتوصيفه الاعتقالات بأنها “استهداف سياسي”.
العميد الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة في السودانjpg

فحص قانوني

بدوره، وصف محمد الفكي سليمان اعتقالهم بأنه “سياسي بحت”، وقال للجزيرة نت إنه على الرغم من الاتهامات الموجهة إليهم فإن السلطات اكتفت بتحقيق “صوري” معه اقتصر على أسئلة مثل: كيف تعمل اللجنة؟ ومن يعمل فيها؟ محذرا من أن محاولات إلباس قضيتهم الثوب القانوني سيكون لها بالغ التأثير على تفشي حالة من عدم الثقة في الأجهزة العدلية.

وفي هذا الصدد، وصف عضو تحالف المحامين الديمقراطيين عبد الخالق النويري اعتقال الفكي ورفاقه بأنه “استهداف سياسي في إطار قانوني”.

وقال النويري للجزيرة نت إن “خطوة إطلاق السراح أعقبت تصريحات البرهان عن مباحثات أجراها مع النائب العام ورئيس القضاء لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، مما يؤكد وجود تداخل واضح بين السلطتين التنفيذية والقضائية”.

وأضاف أن “محاولة تأطير الاعتقال قانونيا لم تفلح، إذ عجزت السلطات عن تقديم بينات قانونية ضد الموقوفين رغم طول فترة اعتقالهم، مما يؤكد أن الأمر سياسي ليس إلا”.

وكان الفريق أول محمد حمدان حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة تمسك بوضع إطلاق سراح المعتقلين في سياق القانون.وقال حميدتي -وفقا لوكالة السودان للأنباء (سونا)- “لست ضد إطلاق سراح أي معتقل، ولا أتدخل البتة في عمل القضاء”.

 

هل يمهد إطلاق سراح الفكي ورفاقه لتسوية سياسية جديدة؟جدد البرهان لدى لقائه عددا من المبعوثين الدوليين أمس الخميس “التزام الحكومة بعملية حوار سياسي شامل يضم الجميع، وصولا إلى توافق سياسي لإدارة الفترة الانتقالية”.

وتأتي تصريحات البرهان متزامنة مع إعلان الآلية الثلاثية المكونة من (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة إيغاد)، لإطلاق الحوار بين الأطراف السودانية خلال الأسبوع الأول من مايو المقبل.

وتواصلت الجزيرة نت مع المستشار الطاهر أبو هاجة للتعليق على الأمر، لكنه لم يرد على الاتصال، ووعد عبر رسالة نصية بمعاودة الاتصال بنا في وقت لاحق.من جانبه، يشدد المحلل السياسي سيف أحمد على أن إطلاق سراح قادة الحرية والتغيير يمهد لتسوية سياسية تتم رعايتها دوليا لحلحلة الأزمة السودانية.

ويقول أحمد للجزيرة نت إن العسكريين أبدوا حسن النوايا، وبعثوا رسالة في بريد الوسطاء الدوليين، مما يجعل الكرة في ملعب الحرية والتغيير لترد التحية بمثلها أو بأحسن منها.

لكن الصحفي والمحلل السياسي شوقي عبد العظيم ورغم إقراره بأن إطلاق سراح قادة الحرية والتغيير “خطوة في طريق الحوار السياسي”فإنه يستبعد إحداثها تأثيرات سياسية، خاصة أن الخطوة تمت بمقتضى إجراءات قانونية قد يعاد تفعليها مجددا وقال عبد العظيم للجزيرة نت إن العسكر لم يعملوا على استثمار خطوة إطلاق السراح لتصفية الأجواء السياسية المحتقنة.

بدوره، استنكر محمد الفكي أحاديث التسوية، وقال “معظم مدّعي الثورية وبدلا من أن التحدث عن خطأ سجننا ظلما خاضوا في الحديث عن تسوية وراء إطلاق سراحنا”، مضيفا أن “هذه مكايدة سياسية وقفز على المراحل”.

وأنهى حديثه بأنهم رفضوا خلال فترة الاعتقال كافة أشكال التواصل واللقاءات مع الوسطاء وقادة السلطة وحلفائها.

مدة الفيديو 02 minutes 31 seconds 02:31
ما أثر إطلاق سراح المجموعة على حركة الاحتجاجات؟

يقول محمد الفكي -بعد قرابة 3 أشهر في المعتقل قضاها بمعزل عن أخبار حركة الاحتجاجات المناوئة للسلطة إلا من صحف ورقية تصلهم بصورة غير منتظمة- إن إطلاق سراح الكوادر النشطة في قوى الحرية والتغيير يساهم في تدعيم خط التحالف لأجل إنهاء الحكم العسكري بالبلاد.

أما شوقي عبد العظيم فيقول إن الشارع سيراقب عن كثب موقف الحرية والتغيير، في ظل الحديث الجاري عن التسويات السياسية، مضيفا “أعتقد أن التحالف سيتماهى مع الشارع، ومحاولة استثمار خروج قادته لإنهاء بعض التباينات في المواقف بينهم وبين الشارع”وتطالب مجموعات احتجاجية قادة الحرية والتغيير بتقديم اعتذار عن مشاركتهم العسكر في فترة انتقالية استمرت من أغسطس 2019 وحتى أكتوبر 2021.

مقداد خالد

الجزيرة نت

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى