تحقيقات وتقارير

التدخلات الأميركية في السودان تعقد أزمته السياسية

يعقد دعم الولايات المتحدة للمكون المدني في السودان جهود حل أزمته السياسية، إذ يرى فيه المكون العسكري النافذ تحيزا يقوض مساعيه للبقاء في السلطة.
وأكدت الولايات المتحدة الأحد دعمها للحوار بين الأطراف السودانية لحل الأزمة السياسية برعاية الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد).
وأعلنت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي فيي استعداد بلادها لتسهيل العقبات كافة وتهيئة المناخ لانطلاق الحوار بين الفرقاء بصورة شفافة.
وأعربت فيي عن التزام بلادها بإعادة الدعم إلى السودان في حال تحقيق التوافق واستكمال عملية الانتقال في البلاد. ويرى محللون أن التدخلات الأميركية في الأزمة السياسية بالسودان أدت إلى تعقيد الأزمة وتوسيع هوة الخلاف بين المدنيين والعسكريين بدل تطويقها.

مولي فيي: ملتزمون بإعادة الدعم إلى السودان في حال استكمال عملية الانتقال
وقال أستاذ العلوم السياسية بمركز الراصد بالخرطوم خالد ضرار “لا تخفي واشنطن دعمها للمسار الديمقراطي وتواصلها مع المكون المدني”. وأضاف “يتولى الصندوق الوطني للديمقراطية بواشنطن مهمة دعم المسار الديمقراطي بالسودان والتواصل مع النشطاء السياسيين، وقد أدت هذه التحركات إلى تعقيد الأزمة وتوسيع شقة الخلاف بين طرفي الصراع”.
واتهم ضرار الولايات المتحدة بالتحرك في السودان وفقا لمصالحها وليس حرصا على الديمقراطية.
وقال “في تاريخنا المعاصر هناك ثوابت ومنها أن واشنطن تستخدم مصطلحات مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان لتحقيق مصالحها الذاتية”. وتابع “هناك شواهد كثيرة في أن الولايات المتحدة التي تدعي الحرص على الديمقراطية تتعامل مع أعتى الأنظمة العسكرية والدكتاتورية”.

ورأى المحلل السياسي السوداني الطيب عبدالرازق أن الدافع الأبرز للتعاطي الأميركي مع السودان هو الحرص على إبعاد شبح النفوذ الروسي.
وقال عبدالرازق “واشنطن حريصة على إبعاد روسيا وعرقلة منح الروس قاعدة على البحر الأحمر”. وأضاف “في كل مناطق العالم واجهت واشنطن إشكاليات تتعلق بمصداقيتها تجاه دعم الديمقراطية ولاسيما انحيازها لغالب النخب الحاكمة غير الديمقراطية”.
وأقر الكونغرس الأميركي في ديسمبر 2021 مشروع قانون يدعم الانتقال الديمقراطي في السودان. وتعهدت واشنطن بموجب القانون المسمى “قانون الانتقال الديمقراطي في السودان والمساءلة والشفافية المالية” بتقديم الدعم لعملية انتقالية نحو حكومة بقيادة مدنية في السودان.
ويشهد السودان أزمة سياسية عاصفة منذ أن أعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان إجراءات في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي تضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء.
ويقول مراقبون إن الخرطوم تبدو مغامرة بشأن العلاقة مع قوى غربية بانحيازها لموسكو، وقد تكون نتيجة ذلك عودة السودان إلى مربع العزلة الدولية مرة أخرى إذا تمكنت الولايات المتحدة من حسم المعركة مع روسيا لصالحها.

كيانات وأحزاب سودانية وقعت على “الإعلان الوطني لدعم السيادة والانتقال الديمقراطي” للمطالبة بإنهاء حالة الفراغ الدستوري وتهيئة المناخ لحوار شامل في البلاد
كما أن تصاعد نبرة الهجوم من جانب الإدارة الأميركية على الجيش السوداني أخيرا أسهم بالتعجيل في الاتجاه نحو موسكو، فهناك إدراك بأن قطار العقوبات الأميركية الذي انطلق مع الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي لن يتوقف مع تراجع فرص التوافق مع المكون المدني.
ويتوقع متابعون أن يواجه السودان صعوبات سياسية واقتصادية حال اختارت واشنطن أن تتعامل بصيغة خشنة مع إصرار الخرطوم على التوجه نحو روسيا في هذا التوقيت، وهو أمر يتصاعد حدوثه تماشيا مع التطورات على الحدود الأوكرانية.
ولدى المكون العسكري قناعة بأنه طرف غير مرغوب فيه من جانب القوى الغربية، والإدارة الأميركية خصوصا، ولا يعول كثيرا على استئناف المساعدات حاليا ويبحث عن مخرج أو طرف يسانده أمام توالي الضغوط الدولية.
ويسير بسرعة تؤدي إلى توسيع نطاق التدهور في العلاقات مع الدول الغربية، بينما يؤكد متابعون أن مصالح السودان الحقيقية مع إقامة علاقات جيدة مع جميع الأطراف.
وتنظم مجموعات معارضة تظاهرات دورية بالخرطوم ومدن أخرى تنديدا بما تسميه (انقلابا) يقوض الفترة الانتقالية بالسودان.
ويعيش السودان منذ الحادي والعشرين من أغسطس 2019 فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات في يوليو 2023، ويتقاسم خلالها السلطة الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاقا لإحلال السلام في الثالث من أكتوبر 2020.

مصطفى المنا: اللجنة العليا ستقوم بتسليم مجلس السيادة نسخة من الإعلان الوطني للمطالبة بتنفيذه
ويدعو المكون العسكري إلى الحوار بين الأطراف السودانية لحل الأزمة، ويطرح التوافق الوطني بين القوى السياسية حتى إكمال الفترة الانتقالية، وفي حال فشل التوافق يلوح بإجراء انتخابات مبكرة.
ووقعت كيانات وأحزاب سودانية الإثنين على “الإعلان الوطني لدعم السيادة والانتقال الديمقراطي”، للمطالبة بإنهاء حالة الفراغ الدستوري وتهيئة المناخ لحوار شامل في البلاد.
وجاء ذلك خلال فعالية شهدت توقيع أكثر من 110 كيانات وتنظيمات سياسية سودانية، على الإعلان الوطني لدعم السيادة والانتقال الديمقراطي، تحت شعار “من أجل التوافق السياسي عبر الحوار السوداني”.
وقال عضو اللجنة العليا للإعلان الوطني مصطفى المنا “يأتي هذا الإعلان لدعم السيادة، والانتقال الديمقراطي، وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر 2019 في الحرية والسلام والعدالة”.
وأوضح المنا أن اللجنة العليا ستقوم بتسليم مجلس السيادة نسخة من الإعلان الوطني للمطالبة بتنفيذه.
ودعا ممثل الإدارة الأهلية بمحافظة الخرطوم الناظر محمد إبراهيم القوى السياسية في البلاد إلى حوار وطني شامل لحل الأزمة الراهنة لإنهاء حالة الفراغ الدستوري في البلاد.
وأضاف إبراهيم أن الإعلان يأتي إيمانا بالسيادة الوطنية للسودان ومناهضة زعزعة الأمن والاستقرار، والإسهام في بناء المستقبل من خلال تحقيق التوافق عبر حوار يراعي المصلحة العليا للبلاد.
ومن أبرز القوى والأحزاب الموقعة على الإعلان الوطني، الاتحادي الديمقراطي، والليبرالي الديمقراطي، والوطن، والعمال، والصداقة، والتجديد الديمقراطي، وبناة المستقبل، والأمة الإصلاح والتنمية، والمنبر الصوفي الحر، ومنبر البطانة الحر، إضافة إلى كيانات شبابية ومجتمعية.

صحيفة (العرب اللندنية)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى