محمد عبد الماجد يكتب: أفسدوا الخرطوم ولم يصلحوا دارفور
(1)
العاصمة الخرطوم ليست هي عاصمة للشماليين فقط – من يتواجد فيها من اهل دارفور وكردفان والنيل الازرق اكثر مما يتواجد فيها ممن يحسبون على النيل الشمالي.
الحركات المسلحة لم تلتزم بالترتيبات الامنية ولم يتم دمج جيوش تلك الحركات حتى الآن في القوات المسلحة لماذا تلتزم الحكومة باتفاقية السلام وهم غير ملتزمين بها؟
العواصم في العالم كله تتمتع برفاهية وأوضاع لا تتواجد في الاقاليم. وهذا امر طبيعي – كثير من ابناء الشمال لم يعرفوا (الثلج) إلّا في الخرطوم. حياتهم الصعبة هنالك والقاحلة كانت سبباً في ان يسترجعوا (البيبسي) بأنوفهم عندما يشربونه في الخرطوم.
لا توجد مستشفيات ولا مدارس في مناطق الشمال – مع ذلك لا يمكن ان تنظر الى الخرطوم بعين الغل او الحسد.
في الشمالية يموت الاطفال بلدغات العقارب. يبتلع النيل صغارهم لأنهم لا يمتلكون (معديات) صالحة لكي تنقلهم الى مقار دراستهم.
اقول ذلك لأني اشعر في تصريحات بعض قيادات الحركات المسلحة الذي يمكن ان نحسبه عليهم بغل لا اول ولا اخر له نحو الخرطوم.
لماذا يحقدون كل هذا الحقد على الخرطوم؟
يحملون في تصريحاتهم تهديدات واضحة بالعودة الى الحرب ونقل ما كان يحدث في الهامش الى المركز – هذا فقط الذي يريدون ان ينجحوا فيه.
هم ينعمون الآن بكل محاسن الخرطوم ان تبقى فيها محاسن، مع ذلك يهددون اهل الخرطوم.
(2)
لقد استفادت الحركات المسلحة وقياداتهم من الخرطوم اكثر من أي جهة او فئة اخرى.
هم اصبحوا يتاجرون فيها ويستثمرون ويستعملون سلطاتهم من اجل ان يكون لهم الجاه والمال في الخرطوم.
لو اتجهوا بنفس الحماس الى اصلاح دارفور وكل مناطق السودان المهمشة في الغرب والشمال لنجحوا في ان يجعلوا أي منطقة في السودان عبارة عن (الخرطوم) الاخرى.
لكن هم لا يملكون قدرات للإصلاح .
الخرطوم التى يوجد فيها ثلث سكان السودان من كافة ابناء السودان ومناطقه تعيش الآن في (الجحيم) – قطوعات في الكهرباء بصورة مستمرة وقطوعات في المياه بشكل دائم وتفلتات امنية وتصريحات مستفزة من السلطة حول العاصمة التى تمثل المركز.
اذا حدث الخراب في الخرطوم فليس هناك احد متضرر اكثر من الذين هم في السلطة .. الخراب سوف يكون بسببكم وانتم المسؤولون عنه وانتم الذين سوف تحاسبون عليه.
الغريق لا يهدد بالبلل.
(3)
لا اشك لحظة في ان كل هذه الظواهر (الحلزونية) سوف تنتهي وتتلاشى – هي لا تملك مقومات للبقاء.
لن تستمر طويلاً.
سوف تنتهي ظاهرة اردول وظاهرة التوم هجو – هذه الظواهر اضعف من ان تأكل خريفين.
أي شخصية في السياسة او الاقتصاد او الفن او الرياضة يمكن ان تصل الى القمة – الوصول الى القمة لا يحتاج الى عبقرية، اضحت هناك وسائل كثيرة للوصول للقمة، لكن اذا كانت هذه الشخصيات التى وصلت للقمة لا تملك مقومات لذلك لن تصمد طويلاً.
سوف تتلاشى لوحدها.
سيقضون ايامهم تلك ثم يصبحون بعد ذلك من احاديث الامس والذكريات والأيام الخوالي.
عندما نذكر هذه الاحداث في الغد سوف نضحك كثيراً… عندما تصبح من الماضي سوف نضحك على انفسنا.
(4)
بغم /
تبقت 72 ساعة.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة