حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: أجهزة الأمن الافريقية والكيل بمكيالين

 

انعقدت بالخرطوم الورشة التي نظمها جهاز المخابرات العامة السوداني بالتنسيق مع أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية المعروفة اختصاراً ب(سيسا) CISSA وكان موضوع الورشة الرئيس هو (دور التحصين والمعالجة الفكرية في مكافحة الإرهاب)، وفي كلمته أمام الورشة، أكد مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول، أحمد إبراهيم مفضل، استعداد السودان للعمل والتعاون مع الجميع بكل شفافية في مجال مكافحة الإرهاب على المستوى الثنائي أو الجماعي لأبعد حدود ممكنة، مضيفاً أن المكافحة الشاملة لظاهرة الإرهاب تتطلب التعاون العميق في مجال تبادل المعلومات لكشف المجموعات الإرهابية وأساليبها ووسائلها وعملياتها والقضاء على نشاطها من جذوره..الخ ما قاله مفضل في هذا الخصوص..

ليست هذه المرة الاولى التي تجتمع فيها (السيسا) بالخرطوم وإنما هي المرة الرابعة أو الخامسة وربما السادسة إن لم تخني الذاكرة، وكانت أولاها مكرسة لمناهضة المحكمة الجنائية الدولية، لا سيما وأن قيام هذه اللجنة قد جاء بمبادرة من جهاز الأمن والمخابرات السوداني على عهد مديره الاسبق صلاح قوش، الذي كان قد بادر بطرح الفكرة بأحد الفعاليات الأفريقية الأمنية بإحدى العواصم الأفريقية، وهدف (السيسا) كما تعرفه مضابطها هو التعاون الأمني البيني بين دول القارة المنضوية تحت لوائها، وتزويد الاتحاد الأفريقي عبر مجلسه للسلم والأمن بالمعلومات اللازمة للتنبؤ بالتطورات المستقبلية، ومساعدته على إيجاد تسويات للنزاعات التي تهدد الأقطار الأفريقية، وتعزيز القدرات المعينة على استتباب الأمن والاستقرار في ربوع القارة إلى آخر هذه الأهداف القطرية التي لا خلاف عليها وليس هناك من يقدح فيها وسيبصم بالعشرة كل من يطلع عليها، ولكن المشكلة تبقى دائماً في وسائل وطرائق التنفيذ، فكم من أهداف ناصعة وغايات سامية حملتها الأضابير والقوانين والدساتير، شاهت وتشوهت بفعل التنفيذ الملتف عليها، تقر وتعترف الدساتير بالحريات والحقوق الأساسية وتقدمها للناس باليمين، فتلتف عليها أجهزة الأمن وتأتيها من وراء ظهرها وتأخذها بالشمال، هذا هو الحال في أفريقيا بلا استثناء، الفرق بين بلدانها في السيرة غير المحمودة لأداء أجهزة الأمن فيها،

هذه هي صورة أجهزة الأمن الأفريقية المستقرة في روع الأفارقة في مشارق أفريقيا ومغاربها، وهي كذلك صورة غير مشرفة في نظر العالم الآخر وكل الأحرار والمنظمات المهمومة بحقوق الإنسان. لا بأس أن تلتقي أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية، وتتنادى لكلمة سواء بينها من أجل مكافحة الارهاب ومحاصرته ومعالجته فكريا من اجل استقرار وأمن ورفاه واستدامة السلام ليس في ربوع أفريقيا وحدها بل كل العالم، فهذه كلها أهداف إصلاحية تحتاجها هذه القارة المنكوبة والموبوءة بل ويحتاجها كل العالم، ولكن أي إصلاح لابد أن يبدأ أولا من الداخل، هكذا يقضي المنطق إذا كان المراد إصلاحا حقيقيا وليس (شعاراتيا) تكون قيمة اللافتة المكتوب عليها أقيم منه، كان على أجهزة الأمن والاستخبارات الأفريقية أن تعنى بأدائها الداخلي وتتعاون على تحسينه بما يتوافق مع المواثيق الإنسانية والحقوق الأساسية وتجعل من ذلك هدفا على رأس أهداف السيسا لا أن تتعاون في جانب على البر والتقوى وتترك الجانب الآخر للإثم والعدوان، والمفارقة ان تنعقد ورشة اجهزة الامن الافريقية بالخرطوم بهدف مكافحة الارهاب، بينما تشهد ذات الخرطوم انتهاكات وتعديات جسيمة لحقوق الانسان بلغت مرحلة القتل والدهس والسحل ولا تلقي لها بالا..

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى