تحقيقات وتقارير

عام علي بيان قائد الجيش.. أبرز نقاط الخلاف بين العسكر والمدنيين

منذ الإطاحة برأس النظام والتحفظ عليه في وضع آمن عقب وصول الثوار إلى محيط القيادة العامة للجيش، برزت الخلافات العميقة بين القوى السياسية والعسكريين المنحازين إلى الثورة بحسب تأكيداتهم في ذلك الوقت من العام “2019”، اتساع المسافة بين الجانبين أطال فترة الاعتصام أمام القيادة، قبل أن تمتد إليه أيادي الغدر وتفتك بطمأنينة الثوار السلميين المعتصمين في آواخر أيام الشهر الفضيل، في واحدة من المجازر البشعة التي سوف تظل نقطة سوداء في تاريخ البلاد، الدماء المضرجة والجثث المحرقة والمفقودين وحالات الاغتصاب وتشويه صور الشباب والثوار وغيرها من الأساليب القميئة التي مورست ضد الثورة في إطار اخمادها واختطافها لم تثنِ الشباب والقوى السياسية المؤمنة بالحرية السلام والعدالة من مواصلة الضغط على العسكر حتى وصل الجميع إلى حل يبدو أنه كان حلاٌ مؤقتاً وتكتيكاً للعسكرين الذين قبلوا بتوقيع الوثيقة الدستورية وصبروا عليها ما يزيد عن العامين ثم انقلبوا على الشراكة والوثيقة في أكتوبر من العام الماضي بدعاوى معاش الناس وضياع أهداف الثورة وغيرها من المبررات.

خلافات مستمرة
ومن المعلوم أن الفترة الانتقالية وصيغة الشراكة بين المدنيين والعسكريين قد شهدت خلافات مستمرة وتبايناً في المواقف والآراء في العديد من الملفات والقضايا، مع ذلك استمرت لما يزيد عن العامين بفضل العمل المضني الذي كان يبذله رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في تقريب المسافات وتجاوز الخلافات لصالح استمرار عملية الانتقال الذي لم يكتب له الاستمرار بفعل الخلافات المكتومة بين الأطراف المتشاركة في السلطة التي برزت في آحايين كثيرة، واختفت في أخرى، قبل أن تنفجر عقب اقتراب موعد تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين بحسب الوثيقة الدستورية وتصل ذروتها عقب محاولة الانقلاب التي قادها بكراوي في سبتمبر “2021”، وقد أشعلت تغريدة عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، “هبوا لحماية ثورتكم”، صبيحة انقلاب بكراوي، نيران التراشق والاتهامات بين المدنيين والعسكريين، واستعصى بعدها الحل لخلافاتهما، خاصة بعد الهجوم الذي شنه رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، “حميدتي” على قوى الحرية والتغيير الحكومة المدنية وقولهم إن صراع القوى السياسية حول كراسي السلطة ضيّع شعارات الثورة.

عدم رضا
وبالنظر إلى الخلافات بين شركاء الانتقالية فإن أبرزها تمثل في عدم رضا المكون العسكري عن الاتهامات المتلاحقة التي ظلت توجهها له قوى إعلان الحرية والتغيير التي كات تقول إن العسكر يعملون على إعاقة استكمال متطلبات الثورة وإجهاضها، فضلاً عن مصادرة العسكريين لصلاحيات المكون المدني في الحكومة الانتقالية وسعيهم لإضعاف السلطة المدنية، وقد كان تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية النقطة الأبرز التي زادت من حدة الخلافات، حيث رأى المدنيين وقتها أه غير موجود في الوثيقة الدستورية، وأنه محاولة يتيح مزيد من السلطات لصالح المكون العسكري، كما تعتبر مسألة أيلولة شركات الجيش لوزراة المالية واحدة من أكثر المسائل الخلافية بي المدنيين والعسكريين، حيث كانت قوى الحرية والتغيير ترى أن “80 في المائة من واردات الدولة تذهب لصالح الجيش والمؤسسات الأمنية، في حين لا تحصل وزارة المالية إلا على 20 في المائة فقط، كما تبادل المدنيين والعسكر الاتهامات بتعطيل إنشاء المفوضيات ومؤسسات الفترة الانتقالية، وعلى رأسها المجلس التشريعي الانتقالي، إلى جانب بمسؤولية تأخير تكوين المفوضيات والمجالس القومية وهياكل الحكم الواردة في الوثيقة الدستورية، مثل مجلس القضاء العالي ومفوضية محاربة الفساد.

هيكلة القوات النظامية
كما يعد ملف هيكلة القوات النظامية ودمج قوات الدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة في الجيش الحكومي أكثر الملفات التي ظلت مثار نقاش وخلاف مستمر خاصة وأن العسكر لا يوافقون على ما يسمونه تدخل المدنيين في الشؤون العسكرية، ولا توجد أي رؤية واضحة أو نية للكيفية التي سوف يتم عبرها دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وبموجب اتفاقية السلام الموقعة بجوبا في الثالث من أكتوبر 2020 فإنه يجب دمج قوات الحركات في الجيش الحكومي عبر ترتيبات أمنية تعثرت بسبب التمويل، وأفرزت مشكلات أمنية في الخرطوم وإقليم دارفور. وبالنسبة للكثيرين فإن موعد وجوب انتقال السلطة ورئاسة مجلس السيادة من العسكر للمدنيين تعد هي القشة التي قصمت ظهر الشراكة ، وأن البرهان نفذ انقلاب أكتوبر من أجل تجاوز هذا المطب تحديدا ، لما يترتب عليه من تبعات عديدة كات سوف تغير مجرى ومسار حكومة الثورة.

 

وفي السياق فإن ملف العدالة يشكل هو الآخر واحد من الملفات الحساسة والتي ظلت مهملة خلال الحكومة الانتقالية ولم يحرز فيها تقدم ولا محاسبة جنائية للمسؤولين عن سقوط الشهداء وفض الاعتصام، كما أنه واحد من الملفات التي شكلت ضغطاً كبيراً على الحرية والتغيير والحكومة المدنية التي كات عاجزة عن فعل شيء في الملف وتنتظر بحسب البعض موعد انتقال سلطة السيادي إلى المدنيين لتحقيق العدالة، وهي الفرضية التي يقول بعض المراقبين أنها عجلت بتنفيذ الانقلاب أيضاً. وهناك أيضاً التدهور الاقتصادي ومعاش الناس واحدة من القضايا والازمات التي ظلت محل اتهام بين شركاء الانتقالية، فقد وجه العسكريين انتقادات متلاحقة للمدنيين في هذا الشأن وفي المقابل حمل المدنيين شركات الجيش الأمن مسؤولية تردي الاقتصاد، وظلوا يؤكدون أن اقتصاد البلاد في طريقه للتعافي. وكانت لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو “1989” محل خلاف دائم بين الطرفين سيما برزت بشكل واضح في أعقاب استقالة رئيس اللجنة وعضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا.

تقرير: مهند عبادي
الخرطوم: (صحيفة السوداني)

 

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى