تحقيقات وتقارير

ظاهرة التشرد ..احصائيات صادمة وتقارير مفزعة!!

* مراقبون : التشرد ظاهرة تتمدد بمتوالية هندسية!!
* علماء اجتماع يحذرون من دخول العنصر النسوي في المجموعات المشردة!!\

* شبكات منظمة تستهدف المشردين من الاطفال في التسول!!
ماريا طفلة لم تتجاوز العاشرة من العمر، استقرت على احدى الشجيرات على الناحية الشرقية للجامع الكبير بعد ان تسلقت سوره من الناحية الشمالية جلست لتتناول بقايا طعام ، وهذه العزلة ربما قصدت بها الطفلة اليافعة ان تتوارى من عيون تلك المجموعة التي ماتزال ترابط عند بوابة مطعم (الخرطوم تاون ) لم تابه بالمكان ،شرعت بادخال يدها المتسخة في قلب الكيس لتخرج (الكرتة) وفي الاثناء لحق بها طفلة اخرى اصغر سناً منها لتشاركها الوجبة ، ماريا لم تبد ردة فعل ، ظلت ساكنة وهي تقاسم الوافدة الجديدة ذاك الفتات، الطفلة ماريا واحدة من أكثر من 15ألف مشردة بحسب إحصاءات اعلنت عنها منظمات طوعية وحقوقية في وقت سابق، وتشهد العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى زيادة كبيرة في معدلات الاطفال المشردين والتي ارجعها مراقبون الى الفقر والتفكك الأسري والحرب الأهلية التي ظلت تستهدف استقرار المواطن.

مجموعة ماريا
وتعيش كغيرها مع مئات المشردين الذين يتحركون في مجموعات من اجل توفير الحماية لأفراد (القروب) وهم رغم الحميمية التي تبدو بينهم إلا انهم يتعاركون حد الموت لأتفه الاسباب وكثير يتشاجرون بسبب قطعة قماش معطونة بالسلسيون .
مأوى المجموعة
وتقول ماريا:(كغيرهم من البشر تدفعهم غريزة الاكل الى التحرك نحو المطاعم والكافتيريات حسب الميقات الزماني للوجبة ، كثيراً ما يتناولون الطعام في شكل مجموعة ،ليس بينهم من يبخل بما يجمعه من بقايا طعام ،وهنالك من يتناوبون في احضار الوجبة الى حيث يتواجدون وهؤلاء يطلقون عليهم لقب (الجرسون) .

شبكات منظمة
تعمل شبكات منظمة على استغلال المشردين بالعمل في التسول بتوفير المأوى وتحديد الامكنة التي يمارسون فيها نشاطهم ، حيث يتم انزالهم بالأسواق في الصباح الباكر وتكون أنشطتهم تحت مراقبة احد افراد الشبكة حيث يقوم المراقب بجمع المبالغ خلال فترات متباعدة ولم يكن عمل المراقب محصوراً في جمع الاموال وحسب بل يتخطى ذلك ليشكل حماية للمجموعة من المجموعات الاخرى التي ظلت تتصيد الاطفال المشردين .

تشرد جزئي
تحكي الطفلة ماريا قصتها مع التشرد لتشير الى انها كانت في البداية تذهب مع خالتها الى سوق 6 بضاحية مايو ورويداً رويداً وجدت نفسها داخل هذه المجموعة ووفقا لحديثها ان خالتها كانت متزوجة من احد الشباب وكانت تعود اليه بمعيتها نهاية اليوم ولكن بسبب المظاهرات واغلاق الشوارع بدأت كل المجموعة تنام بالسوق العربي اسفل كبري الحرية مع ذات المجموعة ، والطفلة ماريا رغم حداثة سنها إلا انها تتحدث الراندوك بطلاقة ودائماً ما تصف الاخرين بـ (الفارة) وتقول انها ليست (أمية) حيث كانت تدرس في الصف الرابع في احدي المدارس بمنطقة بانتيو بجنوب الحزام وبررت تركتها قاعات الدراسة لعدم مقدرة خالتها على دفع النثرية التي ظل يطالب بها مدير المدرسة .

التسرب المدرسي
أعتبر الباحث الاجتماعي فضل الله محجوب ان ظاهرة التسرُّب المدرسي من الظواهر القديمة، وهي ليست وليدة اللحظة، وتعتبر فئة الأولاد هي الأكثر تسرباً، إلا أن هذه الظاهرة تمددت خلال الفترة الاخيرة ، نتيجة لتدهور البيئة المدرسية واكتظاظ الفصول وعدم قدرة المعلم على متابعة الطفل ، والرجوع إلى أهله في حالة الغياب المستمر لعدم وجود ارتباط وثيق ما بين إدارة المدرسة والمنزل، فضلاً عن تدهور الاوضاع الاقتصادية وخروج كافة افراد العائلة للعمل، ومشاركة الطفل ايضا في دفع تكاليف المعيشة وغيرها من الأسباب وقال ان الظاهرة ليست محصورة على العاصمة وحسب بل تمددت لتطال كل المدن التي ترتفع فيها نسبة عمالة الاطفال وان هذه الظاهرة اسفرت عن تكوين مجموعات مجهولة الهوية وليست لديها اوراق ثبوتية لجهة ان هذه الفئة غالباً ما تلجا للتعايش في بينها دون روابط شرعية حيث تتناسل تلك المجموعة لتصبح فيما بعد مجموعات مشردة ليس لها مأوى او تنتسب لأية جهة .

ناقوس الخطر
دق مراقبون وباحثون اجتماعيون ناقوس الخطر إثر تنامي ظاهرة التشرد بشكل يقلل من فرص معالجتها قريبا ويبدو أن أزمات السودان المختلفة والحروب المشتعلة في عدد من ولايات البلاد أسهمت بنصيب كبير في زيادة أعداد فاقدي الأسرة والأهل مما فاقم من ظاهرة التشرد وذلك وفق احصائيات عديدة اعلنت عنها منظمات طوعية

وعلى الرغم من النداءات المتوالية لعدد من المختصين والمهتمين بضرورة إيجاد حلول للمشكلة، فإن تنامي الظاهرة وشمولها كافة الولايات أجبر بعض الجهات للحديث علنا عن أوجه التقصير الحكومي ، وحذر خبراء اجتماع وقانونيين من خطورة الظاهرة وتناميها في المجتمع، معتبرين أن تدهور الوضع الاقتصادي والصراع المسلح في عدد من الولايات بجانب الهجرة الأفريقية إلى داخل البلاد أسبابٌ رئيسية لازدياد أعداد المتشردين وبالمقابل اتهم آخرون بعض المؤسسات الحكومية المعنية بضعف التعاطي مع الظاهرة التي زادت فيها نسبة الفتيات بشكل ملحوظ مما ينذر بتفاقم الظاهرة وسط المجتمعات لجهة ان دخول العنصر النسوي للمجموعة التي كانت ذكورية تي ظلت يعضد فرضية تنافسات تلك المجموعات من خلال السلوكيات والممارسات الجنسية التي ظلت تحدث بين كل المجموعات .

 

احصائية تتصاعد بمتوالية هندسية
كشفت مصادر عليمة إن عدد المتشردين قد بلغ وفق الإحصائيات الرسمية في أنحاء السودان نحو 21445 متشردا ،واوضحت المصادر أن عدد المتشردين بالعاصمة الخرطوم بلغ 13 ألف مشرد، بينما بلغ عددهم في ولايات غرب دارفور أكثر من 350 متشردا، وارتفع عددهم لنحو 962 في ولاية شمال كردفان و750 في ولاية كسلا ونحو 320 في ولاية نهر النيل ، ومن جهتها أكد الباحثة الاجتماعية احسان موسى عدم وجود إحصائيات دقيقة لأعداد المتشردين، مشيرة إلى وجود أعداد كبيرة خارج دائرة الحصر والإحصاء حتى الآن ،وجزمت بان عدد المشردين ظل يتصاعد بمتوالية هندسية خاصة خلال الفترة التي اعقبت سقوط نظام الرئيس المخلوع البشير ورأت ان الانفلات الامني وتمدد ظاهرة تعاطي المخدرات بمختلف انواعها تسببت في ارتفاع الظاهرة .
  تحقيق: عبدالرحمن حنين

الخرطوم: (صحيفة الجريدة)

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى