آراء

هجرة العقول القطرية..!

توجد 34 مؤسسةً للتعليم العالي في قطر، ونحو 400 برنامج أكاديمي وأكثر من 40 ألف طالب، بزيادة قدرها 13% عن الأرقام المسجلة في عام 2022. وقد حدث نمو سنوي مركب بنسبة 4% في معدلات الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي خلال الفترة 2016-2020.

وهناك جامعات عامة وخاصة هادفة للربح تضم مرافق تعليمية متطورة ومراكز بحثية عالمية المستوى توظف أحدث وسائل التكنولوجيا الفائقة وتطبق وسائل التعلم الإلكتروني والاستخدام المبتكر للذكاء الاصطناعي والألعاب في العملية التعليمية. وهناك التزام بدعم التدريب المهني، بالإضافة إلى حدوث تطور من تدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) إلى تدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات (STEAM)، الذي يدمج تدريس الفنون في العملية التعليمية ويسعى إلى الجمع بين الإبداع وريادة الأعمال والبراعة التكنولوجية، كأساس لتشجيع الاقتصاد القائم على التكنولوجيا المتقدمة. ويقدم نظام شامل للمنح الدراسية الدعم لألمع الطلاب، حيث شهد برنامج المنح الدراسية في عام 2023 تسجيل أكثر من 3,000 طالب.

وقد استثمرت قطر بقوة في الجامعات الأمريكية، حيث إنها تستضيف الحرم الجامعي لست جامعات أمريكية وهي: كارنيجي ميلون، ووايل كورنيل للطب، وجورجتاون، وفيرجينيا كومنولث، وتكساس إي أند أم، وجامعة نورثويسترن. وبالنسبة لدولة قطر، أدت هذه الاستثمارات في التعليم إلى إنشاء مركز تعليمي إقليمي، وهي تشكل جزءًا أساسيًا من رؤية قطر الوطنية 2030، في إطار إستراتيجية بناء اقتصاد المعرفة.

ورغم أن هذه التطورات تُعدُ إيجابية للغاية من حيث منح الشباب فرصًا للدراسة على أعلى المستويات الأكاديمية، فمن الضروري مراقبة مدى مساهمة القطاع في جهود التنمية الاقتصادية. ومع تخرج عدة آلاف من الخريجين كل عام في بلد يبلغ تعداد سكانه 3 ملايين نسمة فقط، هناك خطر يتمثل في وجود عدد كبير للغاية من الخريجين يفوق حاجة الاقتصاد المحلي، مع ما يترتب على ذلك من هجرة العقول. وباختصار، يبدو أن النمو في عدد الخريجين يفوق نمو الوظائف والنمو السكاني.

ويبشر وجود مجموعة من الجامعات العالمية المتطورة رفيعة المستوى في قطر بأن تصبح هذه الجامعات مصدرًا للتصدير في حد ذاته، وهو ما يستقطب الطلاب الأجانب، وخاصة من دول الشرق الأوسط الأخرى، لكن البيانات المتاحة حتى الآن تشير إلى أن معظم الطلاب الجامعيين هم من القطريين أو أبناء المقيمين. ورغم أن الطلاب يدفعون الرسوم الدراسية، فمن غير المؤكد قياس مدى تحقيق الجامعات الخاصة للأرباح.

وقد يفضل الطلاب المتفوقون من الدول المجاورة الدراسة في المقر الرئيسي للجامعات الأجنبية التي لديها فروع في دول الخليج، بدلاً من الدراسة في حرمها الجامعي الموجود في دول المنطقة، حيث إنهم سيعيشون في بلد ناطق باللغة الإنجليزية، وسيكون لديهم المزيد من الخيارات للتدريب العملي الواعد الذي قد يؤدي إلى تلقيهم لعروض عمل هناك، بل وقد تتاح لهم فرصة الحصول على جنسية ثانية لدولة غربية إذا ما رغبوا في ذلك.

وهذا هو التحدي الذي يتعين على صناع السياسات معالجته من أجل تحقيق الأهداف الجريئة لرؤية قطر الوطنية 2030. وكما ناقشنا في المقال السابق، فإن الوضع مواتٍ للدخول في استثمارات صناعية كبرى، على غرار مشروع نيوم التنموي الإقليمي في المملكة العربية السعودية للمساعدة في توفير فرص عمل عالية الجودة للمستقبل.

وتوجد العديد من الأسس التي تتيح لدولة قطر إمكانية أن تصبح مركز أعمال عالمي المستوى في اقتصاد المعرفة العالمي والقطاعات الأخرى. ويشكل التعليم العالي أهمية رئيسية لتحقيق هذا الهدف، ويبدو معدل النمو في الجامعات عالية الجودة واعدًا ومبشرًا، ولكن هناك حاجة إلى حدوث زيادة متناسبة في توفير فرص العمل المناسبة لخريجي هذه الجامعات.

فهد عبدالرحمن بادار – الشرق القطرية

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى