آراء

«لسنا حيوانات بشرية»!

والله العظيم نحن بشر، ولسنا كما ادعى وزير الدفاع الإسرائيلي «غالانت» بأننا حيوانات بشرية! لسنا جنساً أدنى من الرجل الأبيض الأنجلوساكسوني.

فينا عيوب؟ نعم، تخلفنا في حقب تاريخية؟ نعم، عشنا فترات احتلال مدمرة من الغزاة الآتين من خلف الحدود والبحار، بدءاً من المغول حتى الأتراك، مروراً بالإنجليز والفرنسيين والإيطاليين، وصولاً إلى الاستعمار الاستيطاني الأبشع، وهو الاحتلال الإسرائيلي.

نعم عشنا كل ذلك.

هزمنا أنفسنا في بعض الأحيان، وتآمرنا على أمننا الوطني والقومي؟ حدث ذلك كله. ولكن نحن أصحاب الحضارات الآشورية والفرعونية والعربية والإسلامية، والسريانية والبابلية، واحتضنا الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، وكنا مهبط الأنبياء والرسل.

ويكفي أن نتأمل بعمق تأثير حضارة الأندلس التي خرجت بمنتوج عظيم للحضارة الإنسانية. شكلت دولة الأندلس حضارة امتدت من عام 711 ميلادياً إلى عام 1492، حضارة زاهرة بالمعنى الحرفي العملي، وكانت نموذجاً للتعايش الإنساني والحوار الثقافي واحترام الثقافات للأديان الأخرى. وقبل الجميع أن تكون الشريعة الإسلامية السمحاء المصدر الأساسي للقضاء وفض المنازعات. وكانت مدينة «قرطبة» إحدى أهم مراكز الثقافة والتنوير والتجارة والاقتصاد في العالم.

ويكفي ذلك المشهد الكاشف، لتعرف كم كانت حضارتنا في الأندلس ذات تقدم. إنه يوم أهدى خليفة المسلمين ساعة لحسابة الوقت إلى ملك فرنسا، وحينما دقت الساعة معلنة الوقت، حدث هرج ومرج في ديوان الملك الفرنسي، خوفاً من جلبة الصوت الذي أحدثته الساعة. ويكفي أن نعرف أن عدد الكتب والوثائق والمؤلفات العربية والمترجمة كانت – عددياً – تساوي 800 ضعف من كتب القصر الملكي الفرنسي.

في مجال العقل العلمي، أخرجت هذه الأمة: ابن سيناء وابن خلدون، والخوارزمي، وصولاً إلى د. مصطفى مشرفة وأحمد زويل، وكلية الروبوتات في أبوظبي، وجراحة فصل التوائم في الرياض، وعقار شفاء مرض الكبد الوبائي في مصر، واكتشاف طريقة وقود جديدة آمنة في المغرب، وإطلاق مسبار فضاء نحو المريخ في الإمارات.

بالطبع لا يكفي التفاخر بالتاريخ، وبالطبع أيضاً لا يجب أن ننفي مسؤوليتنا عن بعض عناصر ضعفنا وأخطائنا.

باختصار، نحن أمة أسهمت وما زالت تسهم في تقدم العلوم والقيم والفكر الإنساني، ولسنا جنساً أقل أو أدنى من الرجل الأبيض، الذي أسس لرؤية عنصرية، وصلت إلى حد منع دخول الإنسان الأسود البشرة الأماكن العامة في الولايات المتحدة، وحرمانه من التعليم في جامعات الرجل الأبيض الأنجلوساكسوني، حتى مطلع الستينيات، حينما عدلت المحكمة الدستورية العليا الأمريكية هذه الإجراءات المضادة للإنسانية.

من هنا، نوصي العالم والمواطنين الإسرائيليين الذين تغذوا على فكرة الفلسطيني العربي المسلم الإرهابي القبيح المتخلف، من تلك الشهادات التي جاءت على لسان الأسيرات الإسرائيليات، اللاتي أطلق سراحهن من أنفاق غزة في عملية التبادل الأخيرة.

لم تذكر أي واحدة منهن أن هناك أي إساءة أو سوء معاملة ارتكبته الفصائل التي أخذتهم أسرى لمدة 6 أسابيع.

قالت واحدة، كانوا يعاملوننا بلطف وبإنسانية.

قالت أخرى، كنت مريضة، وتم تخصيص طبيب ومسعف لي، يتابعونني بشكل يومي، مع توفير الدواء اللازم لي.

عماد الدين أديب – صحيفة البيان

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى