آراء

ابتكار جوارديولا وثورة دينيز

في أكتوبر الماضي، اجتمع مندوبو 104 من الأندية الأوروبية يمثلون 15 مسابقة دوري، في قاعة المؤتمرات في وسط العاصمة البلجيكية بروكسل خلال المنتدى الذي عقده اتحاد الأندية الأوروبية الذي أنشئ هذا العام، في محاولة لإيجاد حل لنقص تمثيل الأندية التي لا تنتمي إلى فرق النخبة بالدوريات الممتازة، وبدت أنظارهم جميعاً متجهة نحو اللوحة الجدارية الضخمة متعددة الظلال الواقعة في شارع دي لا لوا، والتي كُتب عليها عبارة «المستقبل هو أوروبا»، ومن ضمن النقاشات التي جرت في القاعة تلك الإشارات المكررة إلى هيمنة مانشستر سيتي الفائز بـ «البريميرليج» ودوري أبطال أوروبا، واعتبرت تلك السيطرة احتكاراً يهدد الكرة الأوروبية من وجهة نظر بعض المتحدثين في المنتدى.أمر غريب.. لماذا لم يكن مانشستر يونايتد محتكراً، ولا برشلونة، ولا ريال مدريد، ولا بايرن ميونيخ ولا باريس سان جيرمان؟

الإجابة: إنها درجة جودة كرة القدم التي يقدمها «السيتي»، فالفريق يلعب الكرة الممتعة، ووصل إلى هذا المستوى بعد سنوات من النضال والكفاح، وسنوات أخرى من البناء والتخطيط والعمل، فحقق معادلته الصعبة: إدارة + مدرب + مواهب فردية فائقة + أداء جماعي، وهذا كله مزيج شديد الصعوبة، وليس سهلاً تحقيقه.

يوم 19 ديسمبر لعب مانشستر سيتي مباراته الأولى مع فريق أوراوا الياباني، في كأس العالم للأندية، وكانت المباراة في مناسبة صعبة على «السيتي»، وهي مرور 25 عاماً على مباراة محورية في موسم 1998-1999 أمام فريق جيلينجهام في نهائي ملحق دوري الدرجة الثانية التي انتهت بفوز «السيتي» بركلات الجزاء الترجيحية.

وبعد ربع قرن، وعلى مسافة أربعة آلاف ميل، حقق «السيتي» فوزاً متوقعاً على بطل اليابان وآسيا، وقبل المباراة النهائية في مواجهة فريق فلومينينسي البرازيلي كانت بعض التوقعات تشير إلى مباراة متكافئة، فعلى الرغم من ترشيح «السيتي» للقب، كانت هناك ظلال «ثورة فرناندو دينيز» مدرب فلومينينسي، ومدرب البرازيل المؤقت تخيم على أفكار بعض الخبراء والمحللين، حيث أخذت تلك الثورة وأسلوب دينيز الخاص بالاستحواذ، والمضي بالكرة من مرماه حتى مرمى المنافس، وفقاً لحرية مطلقة للاعبيه، أخذت تلك الثورة كما سميت مساحات واسعة من الإعلام باعتبار أن الفريق اللاتيني ربما يكون مهدداً لفلسفة جوارديولا وأسلوبه، ولم يدقق أحد تقريباً في أن ثورة دينيز الكروية كان مقرها أميركا الجنوبية، وكرة القدم هناك ما زالت أسيرة المهارة الفردية، بينما تلك المهارة باتت سلاحاً يستعمل في تدوير الأداء الجماعي، بجانب أن النتائج كلها تشير إلى تفوق أوروبا منذ مطلع الألفية على أميركا الجنوبية، في شتى مجالات صناعة كرة القدم.كان قياس ثورة دينيز الكروية على أساس نجاحه في كوبا وأندية أميركا خطأً كبيراً وقع فيه الكثير من النقاد والخبراء وهم يضعون ضغط واستحواذ «السيتي» المنظم دفاعاً وهجوماً، والذي وصل إلى الست ياردات البرازيلية، في كفة أمام استحواذ فلومينينسي الذي كان هناك في الجانب الآخر من المحيط ويتحرك خلاله لاعبو الفريق بالكرة وخلف الكرة وأمام الكرة ومع الكرة دون اعتبار لمراكز أو مساحات خالية في الملعب.** في ملعب الجوهرة لم يجد الفريق البرازيلي الكرة أصلاً !

حسن المستكاوي – صحيفة الاتحاد

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى