آراء

الأمريكيون يسألون.. لماذا يكرهوننا؟!

فى عام 2013 دعا واحد من أهم مراكز البحوث السياسية والاستراتيجية البريطانية المفكر المصرى طارق حجى لإلقاء كلمة تتضمن الإجابة عن السؤال الكلاسيكى الشائع فى لندن آنذاك.. لماذا يكره مليارات من البشر الولايات المتحدة الأمريكية؟

واستجمع «حجى» خلاصة خبرته ومعرفته بأمريكا التى زار نصف ولاياتها نحو أربعين مرة، وتحدّث فى أكبر مراكز الدراسات السياسية والاقتصادية بها، وحاضر فى عشرات الجامعات هناك، فضلاً عن لقاءاته بكبار المسئولين فى وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومى ولجنة الحريات الدينية بالكونجرس.

لم تكن الإجابة عن السؤال بالبساطة التى يتصورها من يطرحونه، ولفت طارق حجى إلى أن معظم الشباب فى أكثر المجتمعات بغضاً للولايات المتحدة يحلمون بالهجرة لها وأن يصبحوا أمريكيين!

وتوقف أيضاً أمام كل عبارات الكراهية والبغض للولايات المتحدة التى يرددها الكثيرون فى شتى بقاع العالم، ومن أشخاص يمثلون كافة الأطياف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والمعرفية والثقافية، رغم إعجابهم بكل من «الحلم الأمريكى» و«الحريات العامة»، وبقيمة المواطن الأمريكى كإنسان، وخضوع الكل للدستور والقوانين.

ويقول «حجى»: كان من العسير علىَّ ألا أرى أوجه التفوق الأمريكى فى عشرات المجالات، أو أتجاهل العناصر التى تجعل جُل من يكرهون أمريكا يحلمون بالهجرة لها، كما أنه من العسير أيضاً على رجل يعرف دقائق تقنيات علوم الإدارة الحديثة ألا يكون معجباً بآليات عمل وإبداع وتفوُّق الكيانات الاقتصادية الأمريكية، وبما تُحدثه الجامعات الأمريكية من ارتقاء للعلم ولحياة البشر.. ومع ذلك، فإننى لا أستطيع أن أنكر وجود وإلحاح وقوة السؤال المهم: لماذا تحظى الولايات المتحدة بكل هذا الكم من الكراهية تقريباً من معظم البشرية؟

أرجع طارق حجى سبب كراهية مليارات البشر للولايات المتحدة الأمريكية، إلى عدم اهتمام قياداتها بضرورة أن تكون «قيم المجتمع الأمريكى» جزءاً متكاملاً عضوياً من «المصالح الأمريكية»، ولم تدرك أمريكا منذ صارت أكبر قوة على سطح الأرض، عشية استسلام اليابان فى أغسطس 1945، أن «قيم المجتمع الأمريكى» لا بد أن تكون ضمن، بل وعلى رأس، قائمة «المصالح الأمريكية»، وساعد على استفحال هذا الفصام الطبيعة البرجماتية التى يتسم بها العقل الأمريكى، وافتقاره النسبى للحس التاريخى وللحس الثقافى لأسباب تاريخية وجغرافية، وغلبة الدافع المالى على الثقافة الأمريكية.

ويدلل «حجى» على ما وصفه بـ«حماقة السياسة والساسة الأمريكيين» بأن أحداً لم يقف ويصيح: يا سادة! قيمنا هى أهم مصالحنا، والانفصام الكائن بين قيم المجتمع الأمريكى ومصالحه ليس هو مصدر هذه الكراهية فقط، بل سيضر الولايات الأمريكية أبلغ الضرر فى مصالحها بالمعنى الضيق الذى لا يفهم الساسة الأمريكيون حتى اليوم غيره!

ويتساءل «حجى»: كيف نفسر لأى إنسان علاقة الإدارات الأمريكية لسنوات مع حكام جمهوريات الموز فى أمريكا اللاتينية؟ وكيف نفسر لأى إنسان معرفة الإدارات الأمريكية بقصص الفساد المرعبة لشركاء لها حول العالم؟

ولماذا تصمت هذه الإدارات لعقود عن هذه الحالات المذهلة من الفساد؟ باختصار.. كيف نبرر لمليارات البشر أن أمريكا ترضى لدول غير أمريكية بما لا تقبل 1% منه لمواطنيها؟! واختتم طارق حجى محاضرته قائلاً: من هنا تنبع الكراهية لأمريكا، والتى هى بالقطع مبررة.

عماد فؤاد – الوطن نيوز

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى