آراء

أثر القوى المقاومة على النظام العالمي

يتفق الجميع على أن النظام العالمى صار محل مراجعة ويتجه بقوى فاعلة كبيرة تجاه التغيير وتوزيع المكانات بين دولتين أو أكثر بديلاً عن النظام الحالى أحادى القطبية. لكن النظام العالمى لا يتغير بين يوم وليلة، أو بإبداء الرغبة فى التغيير، فالدول العظمى والدول الكبرى لا تتنازل عن مكانتها طواعية أو بسهولة، وإنما تتفاعل وتفور قوى مختلفة ومتعددة ويسفر الأمر فى النهاية عن التغيير، وحتى هذا التغيير لا يكون نموذجاً لما أرادته دولة ما أو مجموعة دول.

إن ما يجدد الحديث عن النظام العالمى ما يدور فى مناطق عربية ضربتها الآلة العسكرية الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا الحليف الأبدى لأمريكا فى العراق وسوريا وفى اليمن. يسوّق الإعلام العالمى أن الضربات الانتقامية التى تمت إنما هى ضد جماعات مسلحة أو إرهابية وليست ضد دولة من الدول. صحيح أن أمريكا والدول الغربية لا تحترم القانون الدولى ولا تطلب الإذن بضرب الدول والجماعات لكنها تغلف سياساتها -غير الشرعية- فى شكل شرعى أى بمحاربة إرهابيين.

هذه النشاطات العسكرية فى المنطقة بجانب الحرب على غزة تنذر باشتعال المنطقة ككل، وهذا ما حذرت منه مصر سواء منفردة أو بالاتفاق مع الأردن ومع إنجلترا وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبى. فالنظام الدولى قد يتعرض للتحدى من زوايا وجبهات متعددة، ليس من القوى الكبرى فحسب وإنما من قوى مقاومة تسعى لتحرير بلادها وطرد المحتلين، وقوى صارت موجودة على أرض الواقع وفرضت نفسها كرقم معترف به مثل حزب الله، وقد يختلف عليها البعض مثل الحوثيين وغيرهم قوى أخرى فى العراق والشام.

عندما ضربت أمريكا فى مواقع متعددة هذه القوى فإنها تنتقم ممن تجرأوا على المساس بمواقعها المغتصبة فى الأراضى العربية وقتل بعض جنودها. ورغم أن القوى المسلحة التى ضربتها أمريكا وبريطانيا بعيدة عن سلطة الدول إلا أن تأثير نشاطها وتحركاتها لا يغفله أحد، بدليل التأثير على أمريكا وحلفائها.

إن هذه القوى انشقاقية تمارس ألعابها بغير قواعد اللعبة المستقرة، وهى ترغب فى توفير خيارات جديدة وأوضاع جديدة وتغيير الأسس التى تقوم عليها الأوضاع الحالية. وقد صعدت هذه القوى لأن بعض الدول غير قادرة على القيام بدورها فى حماية سيادتها أو سفنها فاستباح آخرون هذه السيادة فصارت هذه القوى بديلاً عن بعض الدول. ويخشى البعض من تنامى هذه القوى إذا ما اتحدت رغباتها ومارست ألعاباً استراتيجية على نطاق أوسع، خاصة بعد أن نال بعضها شرعية ما، وربما يتسبب وجود ونشاط هذه القوى فى حلحلة النظام العالمى بتدخل قوى كبرى فى الصراعات الدائرة فى المنطقة أو بالقرب منها، وهذا ما قد يكون خطوة فى تغيير النظام العالمى. لقد غيرت رصاصة قتلت ولى عهد النمسا النظام العالمى بعد الحرب العالمية الأولى، فلا نستبعد أن تكون هذه الإرهاصات بداية لتغيير النظام العالمى.

رفعت رشاد – الوطن نيوز

اضغط هنا للانضمام لقروبات كوش نيوز على واتساب

قروبات كوش نيوز الإضافية



زر الذهاب إلى الأعلى